انتهى اليوم العالمي لحقوق الإنسان في العاشر من ديسمبر/كانون الأول الجاري، وقد ملأت المنظمات الحقوقية والدولية العالم رسائل شجب وإدانة لأوضاع حقوق الإنسان المتدهورة في مصر.
تلك الأوضاع المتدهورة مستمرة قبل اليوم والعالمي لحقوق الإنسان وبعده. أوضاع مأساوية إلى ما لا نهاية، لكن هناك زاوية أخرى أكثر مأساوية عندما يتعلق الأمر بأمهات معتقلات لسنوات طويلة، أو في عداد المختفين قسريًا، يعشن مأساة مركّبة بين السجن، وحرمان أطفالهنّ من الأمومة.
آخر تلك الحالات إخفاء قوات الأمن المصرية أسرة كاملة قسريًا، لما يزيد عن 40 يومًا حتى موعد كتابة تلك السطور، حيث ألقت قوات الأمن المصرية القبض على مواطنة مصرية تدعى مي، وزوجها ويدعى إسلام، وطفلها الرضيع فارس، يوم 1 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، من منزلهم في القاهرة، واختفوا منذ ذلك الحين.
وفي حالة أخرى لا تقل مأساوية، ألقت قوات الأمن المصرية القبض على سيدة مصرية حامل ولديها طفلة عمرها ثلاث سنوات، من منزل والدتها قبل موعد ولادتها بحوالي أسبوع واحد فقط، ورغم تكتم ذويها على الأمر وعدم رغبتهم في نشر قصتها في محاولات مستميتة للإفراج عنها؛ انتشرت قصتها على مواقع التواصل الاجتماعي خاصة بعدما عرضت على النيابة قبل يومين.
هناك أيضًا المعتقلة السياسية منار أبو النجا المختفية قسريًا منذ مارس/آذار الماضي، مع ابنها الرضيع، الذي كان في عمر العام عند اختفائه مع والدته، منذ القبض عليها يوم 15 مارس/آذار الماضي، ولم يظهرا حتى كتابة تلك السطور.
وهناك أيضًا حالة السيدة مريم رفاعي سرور، المختفية قسريًا مع أولادها الثلاثة، منذ ترحيلهم من ليبيا يوم 8 أكتوبر/تشرين الأول 2018 ولم يظهروا جميعهم إلى الآن.
وليست حالة عائشة خيرت الشاطر إلا نموذجاً مؤلماً لأم مصرية تصارع في السجن من أجل حقها في رؤية أبنائها الممنوعين تمامًا من زيارتها منذ القبض عليها، حيث تحتجز في زنزانة انفرادية منذ يومها الأول في سجن القناطر، بعد 20 يومًا من الإخفاء القسري منذ القبض عليها يوم 1 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، عندما داهمت قوات الأمن المصرية، منزلها هي ووزوجها المحامي محمد أبي هريرة، في إطار حملة اعتقالات طاولت حوالي 31 مواطنًا حينها.
وبسبب إضرابها عن الطعام الذي بدأته قبل أشهر للمطالبة بفتح الزيارة وتحسين ظروف حبسها، تعاني ابنة القيادي البارز بجماعة الإخوان المسلمين، خيرت الشاطر، من مضاعفات صحية سلبية كان أخصها حدوث فشل في النخاع العظمي أدى إلى نقص حاد في خلايا الدم مثل "الصفائح وكرات الدم الحمراء" بالتزامن مع نزيف، وهي الإصابة الدقيقة جدًا التي ربما تُنذر بوفاة حتمية إذا لم تتلقَ العلاج المناسب.
كانت منصة حقوقية جديدة اتخذت لها اسم "نحن نسجل" قد رصدت في تقريرها الحقوقي الأول، في الأول من أغسطس/آب الماضي، تعرض ما لا يقل عن 396 سيدة و16 طفلة للاختفاء القسري، ولا تزال 15 من السيدات على الأقل قيد الاختفاء حتى تاريخ 15 يوليو/تموز 2019، وأما عن الاحتجاز التعسفي أو القبض ثم إخلاء السبيل أو الإفراج أو انقضاء المحكوميات؛ فإن ما لا يقل عن 2629 سيدة قد تعرضن للإيداع في مقرات احتجاز مؤقت وسجون لمدد متفاوتة، وحاليًا 127 سيدة قيد الحبس أو الاحتجاز.
وعلى صعيد المحاكمات؛ وثق التقرير ما لا يقل عن 25 سيدة تمت إحالة قضاياهن إلى القضاء وتحديدًا إلى دوائر الإرهاب "دوائر استثنائية" وإلى القضاء العسكري، في حين وصل العدد إلى 115 صدرت أحكام نهائية بحق 17 منهن.
أما التعذيب الجسدي والنفسي، وضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية والحاطة بالكرامة والمهينة؛ فقد تعرضت قرابة 2761 سيدة داخل مقرات الاحتجاز المختلفة وأثناء القبض عليهن. كما استخدمت السلطات إجراءات أخرى تعسفية في حق المرأة، حيث تم فصل ما لا يقل عن 530 طالبة من دراساتهن الجامعية، و5 من الأعضاء الإناث لهيئات التدريس الجامعية منهن: أميمة كامل، ونرمين محمد، وحنان أمين. كما صدرت قرارات بمصادرة ممتلكات ما لا يقل عن 100 سيدة، ومنع أكثر من 106 سيدات من السفر خارج البلاد.
فيما كانت محصلة الإصابات من النساء جراء التعامل الأمني العنيف في مواجهة المظاهرات وفض الاعتصامات، أو نتيجة العمليات العسكرية والأمنية التي تقوم بها قوات الجيش والشرطة في محافظة شمال سيناء؛ 239 مصابة- بينهن 87 طفلة- بإصابات مختلفة ومتفاوتة جراء الاستهداف العشوائي للأحياء السكنية، وعدم اتخاذ الحد الأدنى من التدابير اللازمة لحماية المدنيين من أضرار الصراعات المسلحة وفق القانون الدولي الإنساني.
وأكد التقرير: "كان عام 2017 قد شهد انخفاضا ملحوظا في حدة الانتهاكات ضد المرأة، وانخفض عدد السيدات المحتجزات إلى عدد 50 سيدة، قبل أن تأخذ الانتهاكات منحنى تصاعديا مرة أخرى في عامي 2018 و2019 بعد تزايد حملات الاعتقال والإخفاء القسري في حق عشرات النساء".