انتقادات للأحكام "المخففة" ضد مغتصبي الأطفال بالمغرب

27 مارس 2018
الأحكام المخففة لا تردع المعتدين على الأطفال (تويتر)
+ الخط -



أعاد الحكم القضائي الذي صدر، مؤخراً، ضدّ مواطن فرنسي في عقده الخامس يُدعى "مولا روبيرطو" اعتدى جنسيا  على أربع طفلات قاصرات بمدينة فاس المغربية، بسجنه ثماني سنوات، إلى الواجهة ملف الأحكام القضائية التي تصفها الجمعيات المدافعة عن الطفولة بكونها مخففة وغير حازمة.

ونطقت محكمة الاستئناف بمدينة فاس (وسط المغرب) بالسجن النافذ على المواطن الفرنسي 8 سنوات وغرامة مالية تصل إلى ثلاثين ألف درهم في 20 مارس/ آذار الجاري، بتهمة الاعتداء الجنسي على أربع قاصرات كان يستدرجهن ويغرر بهن، تتراوح أعمارهنّ بين تسع وأربع عشرة سنة.

وقبل المواطن الفرنسي المغتصب، سبق لمحكمة مدينة الدار البيضاء أن أيّدت حكم المحكمة الابتدائية ضد مغتصب الطفل عمران، بسجنه لمدة خمس سنوات فقط، كما أن محكمة مدينة بني ملال حكمت مؤخراً على مغتصب طفل بستة أشهر سجناً بدعوى ضعف الأدلة رغم وجود شهادة طبية تثبت تعرض الطفل لانتهاك عرضه.

وتعلق رئيسة منظمة "ماتقيش ولدي" (لا تلمس ابني)، نجاة أنوار، على الأحكام المخففة ضد مغتصبي الأطفال بالمغرب، قائلة لـ "العربي الجديد"، إنّ المنظمة طالما توجهت إلى المشرع قصد تعديل بعض النصوص القانونية لتتماشى مع خطورة الأفعال المرتكبة.

وتتابع أنوار بأن "صيحات منظمتها تبقى هباء طالما أن المشرع غير مستعد لتغيير نصوص القوانين الجنائية الخاصة بهذه الظاهرة الخطيرة"، موضحة أن ""ماتقيش ولدي" تأسست في الأصل بهدف محاربة الاعتداءات الجنسية على القاصرين، واستعملت إمكانياتها للتوصل إلى حل للحد من الظاهرة، لكن القانون لا يسعف بما أن العقاب يتراوح بين المخفف والمشدد".

وأفادت منظمة "ماتقيش ولدي" ضمن بلاغ لها بشأن الحكم القضائي الجديد على "البيدوفيل" الفرنسي، بأنها كانت تنتظر من القضاء أن يكون صارماً وحازماً في مثل هذه القضايا، لكن ثماني سنوات هو عنوان التخفيف على المعتدين، ودعوة لهم للاستمرار بممارسة نزواتهم الحاطة من الكرامة".

بدورها دقت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ناقوس الخطر بشأن ظاهرة الاعتداء الجنسي على الأطفال والأحكام القضائية التي توصف عموماً بالمخففة، وقالت في بيان لها إن هناك "تزايداً مقلقاً لجرائم الاغتصاب وتساهل القضاء مع المتورطين فيها"، مبرزة أن هناك مؤشرات تبين أن الاستغلال الجنسي للأطفال يتفاقم في إطار ما يسمى بالسياحة الجنسية، حيث تنشط الشبكات الإجرامية المتاجرة في الأطفال".

وكان الرئيس الأول لمحكمة النقض، مصطفى فارس، قد دعا إلى اعتبار أي جريمة اعتداء جنسي على الأطفال جناية لا تقل عقوبتها عن 5 سنوات، بغض النظر عن ثبوت استعمال العنف فيها من عدمه، في الوقت الذي يصنف القانون الجنائي حالات الاعتداء الجنسي على الأطفال، التي لم يثبت فيها استعمال العنف وإكراه الضحية على الممارسة الجنسية، في خانة "الجنح".

وتشير أرقام غير رسمية، أدلت بها منظمات غير حكومية تنشط في مجال الدفاع عن حقوق الأطفال بالمغرب، إلى أن الاعتداءات الجنسية ضد الأطفال تصل في السنة الواحدة إلى 800 اعتداء، كثير منها تكتمه الأسر ولا توصله إلى القضاء والإعلام بسبب الفضيحة.

هذا المعطى دفع الائتلاف المغربي ضد الاعتداءات الجنسية على الأطفال إلى المطالبة بإحداث "شرطة خاصة بالجرائم الجنسية ضد القصَّر، من أجل إتقان تقنيات التواصل مع الأطفال الضحايا، ومراعاة جانبهم النفسي المحطم"، فضلاً عن تبديد خوف العائلات من الكلام و"العار الاجتماعي".

وقال المحامي عبد المالك زعزاع لـ "العربي الجديد"، إنّ "حماية حقوق الطفل وصونها أمرٌ يستوجب الضرب بيد من حديد على المجرمين العابثين بجسد الصغار، حيث يرافق الاعتداء الجنسي سواء اغتصاباً أو هتكاً للعرض التغرير بأشياء بسيطة للتحكم في عقله وإدراكه القاصر، وهو ما يضاعف الجريمة في حق المغتصبين عوض التخفيف عنهم".