مترو الدوحة... من مرحلة الفرجة إلى تحدي غرس ثقافة النقل الجماعي

نثر مترو الدوحة الذي بدأ أحد خطوطه (الخط الأحمر) العمل قبل أسابيع، أجواء من المرح والفرح، بل والدهشة في عربات المترو، ومحطاته الرخامية، وعلى جانبي الطريق المؤدي من مدينة الوكرة التي تبعد عن الدوحة نحو 20 كيلومترا، إلى قلب العاصمة حيث كورنيش الدوحة والأبراج الشاهقة، التي تضم الآلاف من العاملين الذين يمضون سحابة نهارهم وزلفة من الليل، يسعون خلف أرزاقهم.

وعلى الرغم من مرور أكثر من شهر منذ انطلقت رحلة المترو الأولى، ومحطات المترو تشهد توافد آلاف الأسر لتجربة ركوب "الوافد الجديد"، في مدينة لم تتعود ثقافة النقل الجماعي، وتصطف أمام أبواب منازلها مركبات بعدد أفراد الأسرة.

ويتطلع مترو الدوحة الذي يأتي في طليعة مشاريع شركة "الريل" إلى توفير شبكة نقل مريحة وسهل الوصول إليها داخل العاصمة وضواحيها وجميع المواقع الرئيسية فيها. وفيما تم بناء معظم خطوط مترو الدوحة تحت الأرض، شكل حفر الأنفاق مرحلة رئيسية في أعمال البناء، حيث تمت الاستعانة بآلات حفر الأنفاق العملاقة، لم تحمل تأثيراً يذكر على الحياة اليومية وحركة الأفراد في المدينة، الذين اندهشوا لحجم العمل الذي تم إنجازه في فترة ليست طويلة.

ويجري بناء شبكة المترو في قطر على مرحلتين، تتضمن الأولى بناء ثلاثة خطوط من أصل أربعة، وهي (الأحمر والذهبي والأخضر)، و37 محطة، ومن المتوقع أن يبدأ تشغيل هذه الخطوط الثلاثة في عام 2020. وتشمل المراحل المستقبلية التمهيد لإنشاء خط إضافي (الأزرق) وتوسيع الخطوط القائمة مع أكثر من 60 محطة إضافية، حيث سيتم الانتهاء من المرحلة التوسعية الأولى بحلول عام 2026.


ومع ما تؤديه محطات المترو من دور عملي وثقافي في أي نظام للسكك الحديدية، فسوف تعكس محطات مترو الدوحة الإرث الثقافي للدولة من خلال تصميم "الفضاء المقوس" المستوحى من خيام البدو التقليدية، كما ستكون المحطة الأكبر في مشيرب في قلب شبكة المترو، وستشكل نقطة الالتقاء بين الخطوط الثلاثة الأحمر والأخضر والذهبي.

وارتبط مترو الدوحة ارتباطا وثيقا بنهائيات كأس العالم، التي ستستضيفها قطر عام 2022، من خلال الاحتفال الذي جرى بافتتاح ملعب الجنوب، في نهائي كأس أمير قطر، في شهر مايو/ أيار الماضي، حيث استقل أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، مترو الدوحة للوصول إلى ملعب الجنوب في مدينة الوكرة، مؤذنا بافتتاح الملعب الثاني بعد إنجاز ملعب خليفة، من أصل 8 ملاعب ستستضيف نهائيات كأس العالم في قطر.

وعلى الرغم من أن مترو الدوحة شهد إقبالا كبيرا منذ افتتاحه حيث سُجلت معدلات عالية للمستخدمين، وهو ما يؤكد على النقلة النوعية التي سيحدثها في منظومة النقل العام، إلا أن أغلبية مستخدمي المترو هم من الوافدين ومن مختلف الجنسيات، فيما ما زال المواطنون القطريون، وخاصة ممن جربوا استخدام المترو، يستخدمون سياراتهم الخاصة في التنقل، خاصة في الأجواء الحارة والرطوبة المرتفعة.
وشهدت محطات المترو في الأيام الأولى قدوم عشرات الأسر القطرية لتجريب استخدام المترو، والتقاط الصور والفيديوهات ووضعها على مواقع التواصل الاجتماعي، فيما لا يزال مفهوم استخدام المترو في الذهاب إلى العمل أو السوق يحضر على استحياء في أوساط العائلات القطرية وحتى في أوساط بعض الأسر المقيمة، التي لم تتعود على ثقافة النقل الجماعي. وهو ما يطرح تحديا كبيرا أمام شركة الريل، خاصة عند افتتاح الخطوط الثلاثة الأخرى عام 2020.

ويمتد جنوب الخط الأحمر من مترو الدوحة الذي بدأ تشغيله في شهر مايو/ أيار الماضي، من محطة القصار إلى محطة الوكرة، وتضمن التشغيل المبدئي 13 محطة في الخط الأحمر من أصل 18، وهي: القصار، مركز المعارض، الخليج الغربي، الكورنيش، البدع (محطة التبادل)، مشيرب (محطة التبادل)، الدوحة الجديدة، أم غويلينة، المطار القديم، عقبة بن نافع، منطقة حرة، راس بوفنطاس، الوكرة.

ومع بدء التشغيل التجريبي انطلقت خدمة الحافلات التي يطلق عليها اسم "مترولينك"، وهي خدمة مجانية لنقل الركاب من محطات المترو وإليها ضمن المناطق المحيطة بالمحطات، كما توفر خدمة سيارات الأجرة "كروة" تعرفة ثابتة لركاب مترو الدوحة، كما خصصت مواقف أمام جميع المحطات لتحميل وتنزيل الركاب.

وتتضمن محطات المترو العديد من المرافق العامة، وهي مغلقة ومكيفة، حيث تحتوي كل محطة على آلات بيع التذاكر ومركز لخدمة العملاء ومكاتب النادي الذهبي والعديد من الشاشات الإلكترونية واللوحات الإرشادية لعرض معلومات الرحلات وخدمات القطارات، وغرفة للإسعافات الأولية، كما تضم مساحات تجارية سيتم فتحها بشكل تدريجي لخدمة الركاب، كما تحتوي أيضا على أماكن مخصصة للصلاة للرجال والنساء، بالإضافة إلى دورات مياه منفصلة للذكور والإناث وذوي الاحتياجات الخاصة.