تستمرّ الأسباب التي تؤدي إلى زيادة الإصابة بالفشل الكلوي في مصر، منها المياه الملوثة وغيرها، ما يؤدي إلى التشكيك في نتائج أي حملة للحد من المرض.
تتخوّف جهات طبية مصرية عدة من عدم نجاح حملة الكشف المبكر لمواجهة مرض الفشل الكلوي المتوقعة خلال الأيام المقبلة بتوجيه من الرئيس عبد الفتاح السيسي، لكون المرض يُعَدّ أحد أخطر الأسباب المؤدية إلى الوفاة داخل البلاد سنوياً. ويقدّر عدد المرضى الحاملين للمرض بنحو ثلاثة ملايين، بينما ترى تقارير أخرى أن عدد المرضى يتجاوز المليون. وتؤكد وزارة الصحة أن الرقم يقدَّر بنحو 60 ألف مريض، علماً أنه يقبع على قوائم الانتظار نحو 77 ألف مريض آخرين.
وتُطالب الجهات الطبيّة المصرية الحكومة بمعالجة الأسباب التي أدت إلى انتشار مرض الفشل الكلوي، على رأسها المياه الملوثة، التي لا تفرق بين الأحياء الراقية أو الشعبية. ولا تخلو محافظة من مشكلة تلوث المياه، ما دفع الأهالي إلى التقدّم بشكاوى إلى الجهات المسؤولة من دون تحرك، فضلاً عن انقطاع المياه لفترات طويلة، وصدأ المواسير، فضلاً عن الشوائب التي تؤدي إلى العديد من الأمراض، ومن بينها الفشل الكلوي.
وتشير الجهات الطبية إلى أنه مع استمرار انقطاع المياه وضعفها، وحالة الذعر التي انتابت الأهالي من تأثيرات سدّ "النهضة الإثيوبي" حال تشغيله الذي سيحجب المياه عن مصر، لجأ بعض الأهالي إلى طلمبات لسحب المياه الجوفية من باطن الأرض، علماً أن المياه ملوثة وتؤدي إلى إصابة الأطفال والرجال والنساء بالفشل الكلوي. ويستعين بعض الأغنياء بالمياه المعدنية. أما الفقراء ومحدودو الدخل والبسطاء، فيبتلون.
وتفيد الجهات الطبية بأنّ من بين أسباب انتشار مرض الفشل الكلوي في مصر، انتشار الأمراض المزمنة التي تؤدي في النهاية إلى مضاعفات صحية، أهمها القصور الكلوي المزمن. وتأتي على رأس تلك الأمراض المزمنة أمراض السكري والضغط والقلب. كذلك فإن المبيدات الكيميائية التي تُستخدم للزراعة، إضافة إلى الظروف الحياتية الصعبة والضغوط الاقتصادية، تؤدي إلى أمراض الضغط والفشل الكلوي. وتؤكد تلك الجهات أن الأمراض المزمنة لا يمكن السيطرة عليها لدى شريحة كبيرة من المرضى، نتيجة ارتفاع أسعار الأدوية، واختفاء الأدوية الفعالة من الصيدليات، إضافة إلى الغش في الدواء الذي زادت حدّته خلال السنوات الأخيرة، في ظل ارتفاع الدولار وأسعار الوقود والكهرباء، وضعف الرقابة من الجهات الحكومية المسؤولة، والفساد المالي والإداري المستشري في البلاد. وتطالب بضرورة الاهتمام بمرضى السكري والضغط للوقاية مما يُسمّى "الفشل الكلوي".
وكشفت الجمعية المصرية لمرضى الكلى أن 40 في المائة من المرضى الذين يحتاجون للغسل الكلوي يعانون فشلاً كلوياً بسبب مرضي السكري والضغط، موضحة أن مرض السكري هو السبب الأول للفشل الكلوي داخل البلاد، نتيجة عدم السيطرة على نسبة الغلوكوز في الدم لفترة طويلة، وعدم التزام الأدوية الفعالة للسيطرة على المرض. وأكدت أن نسبة كبيرة من أدوية الإنسولين غير صالحة للاستخدام، لكونها قريبة من المياه. بالتالي، يشعر المريض بأنه تناول الجرعة الطبية التي تؤثر كثيراً بصحة المرضى. وأشارت الجمعية إلى أن الزيادة المطّردة في أعداد مرضى الفشل الكلوي، وتقدَّر بما بين 10 و15 في المائة سنوياً في مصر، سببها ارتفاع نسبة الإصابة بمرض السكري، الذي يُعَدّ من أهم أسباب الفشل. أضافت أن 25 في المائة من مرضى الفشل الكلوي في مصر يموتون سنوياً، فيما لا تتجاوز النسبة العالمية للوفاة بهذا المرض 10 في المائة. وتقول الجمعية إنه أمام زيادة حالات المرضى، أصبحت العشرات من أجهزة غسل الكلى في المستشفيات الحكومية غير صالحة، وإن جلسة الغسل للمريض الواحد يفترض أن تستمر ثلاث ساعات على مدى ثلاثة أيام. لكن في ظل ارتفاع أعداد المرضى، تستمرّ أجهزة الغسل ساعة واحدة فقط.
في هذا السياق، يقول أستاذ المسالك البولية عادل حسين، إنّه يتردد على عيادات الكلى ومستشفياتها في مصر آلاف المرضى من كل الأعمار من الجنسين. وهؤلاء يبقون على قوائم الانتظار ساعات طويلة، مشدداً على وجود تدهور في ماكينات الغسل التي لا تتوافر لها قطع غيار، علماً أن العديد من المستشفيات تستخدم الفلاتر أكثر من مرة في جلسات الغسل ومن دون تعقيم، ما يعرض حياة المريض للخطر، من بينها مرض فيروس سي. بالتالي، تعتمد وحدات الغسل الكلوي في المستشفيات التابعة للدولة على تبرعات أهل الخير لأعمال الصيانة، مبدياً انزعاجه الشديد مما يتعرض له مريض الفشل الكلوي في المستشفيات الحكومية، نتيجة قلة عدد الممرضين والأطباء.