المبادرة المصرية تنتقد قانون "الأجهزة الرقابية"

03 اغسطس 2015
تضارب تشريعي داخل أروقة اتخاذ القرار (المركزي للمحاسبات)
+ الخط -

أعربت "المباردة المصرية للحقوق الشخصية"، منظمة مجتمع مدني مصرية، عن قلقها البالغ من إصدار قانون رقم 89 لسنة 2015، بشأن حالات إعفاء رؤساء وأعضاء الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية من مناصبهم، وهو القانون الذي جاء مقتضبًا جدًّا، ويتكون من مادة واحدة ولا يرتبط بأية قوانين أخرى، مما يجعله واحدًا من أقصر القوانين المصرية.

ولفتت المبادرة إلى أن إصدار القانون في هذا التوقيت وبهذا الشكل؛ يضع العديد من علامات الاستفهام حول ظروف صدوره، وعن نوايا مؤسسة الرئاسة، التي قررت أن تعطي نفسها مثل هذه الصلاحية المهمة في هذا الوقت، وهي الصلاحية التي تؤدي إلى المزيد من الترسيخ لصلاحيات السلطة التنفيذية على العموم ومؤسسة الرئاسة تحديدًا، مما يضر بمبدأ الفصل بين السلطات، وجهود مكافحة الفساد وتعزيز أطر الحوكمة الرشيدة، بحسب ورقة قانونية موسعة بشأن القانون، أصدرتها المبادرة اليوم الاثنين.

وبحسب الورقة القانونية، فإنّه حتى قبل صدور القانون الأخير، كان ثمة تعارض بين الأطر التشريعية المنظمة لعمل الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية من جهة، والمواد الدستورية للدستور الحالي الخاصة بتلك الهيئات من جهة أخرى.

وأكدت المبادرة أنه "كان من المنتظر أن تتم تعديلات تشريعية في قوانين الهيئات المستقلة، لجعلها أكثر توافقا مع الدستور الجديد، لكن بدلا من ذلك، فوجئنا بالقانون الأخير يزيد الفجوة اتساعًا بين القوانين المنظمة لعمل الهيئات المستقلة، والأجهزة الرقابية والدستور".

"ويتسم القانون بشبهات تتعارض مع العديد من القوانين الأخرى والمبادئ الدستورية، ما يؤدي إلى المزيد من الفوضى التشريعية التي ميزت سنوات ما بعد الثورة، والتي كان التشريع في أغلبها في يد السلطة التنفيذية ومؤسسة الرئاسة"، بحسب الورقة القانونية.

اقرأ أيضا: "المحاسبات المصري" يعترض على قانون إقالة رؤساء الأجهزة الرقابية

وتنص المادة 215 من الدستور الحالي، على تمتع الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية بالشخصية الاعتبارية وبالاستقلال الفني والمالي والإداري، وتشمل تلك الهيئات وفقًا لذات المادة: الجهاز المركزي للمحاسبات وهيئة الرقابة الإدارية والهيئة العامة للرقابة المالية والبنك المركزي.

وتنص المادة 216 على ضمان استقلال الأجهزة الرقابية في القانون الخاص بها، وحماية أعضائها بما يكفل لهم الحياد والاستقلال وضرورة موافقة مجلس النواب على تعيين رؤساء الجهات الرقابية والأجهزة المستقلة من قبل رئيس الجمهورية، وهي المبادئ التي لا توجد في القوانين الخاصة بتلك الجهات والأجهزة.

ويتعارض القانون رقم 89 لسنة 2015، بشكل صريح مع تلك المبادئ الدستورية عن طريق غياب ضمانات الاستقلال والحياد، بمنح رأس السلطة التنفيذية كل هذه الصلاحيات في عزل رؤساء الأجهزة الرقابية والهيئات المستقلة.

اقرأ أيضا: جنينة يتحدّى السيسي: باق في منصبي

وانتقدت الورقة القانونية تعديل المادة 202 في نسخة القانون الصادر عام 1998 بشأن الجهاز المركزي للمحاسبات، والتي نزعت وتجاهلت تمامًا صلاحيات مجلس الشعب في إقرار تعيين أو فصل رئيس الجهاز، وهو الجهاز المعني بالرقابة على الحكومة، وأعطت كل صلاحيات التعيين لرئيس الجمهورية.

وتابعت الورقة القانونية "على الرغم من نزع سلطة الموافقة على التعيين من مجلس الشعب، فإن تعديل عام 1998 على الأقل قد وازن ذلك بأن حمى رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات من العزل قبل انتهاء فترته التي تمتد أربع سنوات.

هذه الحماية الجزئية من العزل خلال فترة الأربع سنوات، تجعل الجهاز في وضع يسمح له بحصانة، ولو مؤقتة، في ممارسته مهامه.

لكن جاء القانون الأخير ليعطي رئيس الجمهورية هذه الصلاحية، لينسف آخر ما تبقى من ضمانات لاستقلال الجهاز المركزي للمحاسبات ورئيسه، ويؤدي إلى تضارب تشريعي واضح مع القانون المنظم لعمل الجهاز المركزي للمحاسبات".

وكانت الحكومة المصرية ذاتها، قد ذكرت صراحة في استراتيجيتها لمكافحة الفساد الصادرة من مجلس الوزراء في ديسمبر/كانون الأول الماضي، بمناسبة مرور خمسين عامًا على إنشاء هيئة الرقابة الإدارية، أن من أهم المعوقات المؤسسية لمكافحة الفساد هو "افتقار أعضاء الأجهزة الرقابية إلى الحصانات الكافية للقيام بدورهم"، و"تبعية بعض الأجهزة الرقابية المعنية بمكافحة الفساد في مصر للسلطة التنفيذية بما قد يؤثر في استقلاليتها".

أما القانون الصادر أخيرًا، فإنه "لا يعبر فقط عن تضارب تشريعي وانتكاسة لجهود مكافحة الفساد، ولكنه يعبر أيضًا عن تضارب داخل أروقة اتخاذ القرار، وعدم وضوح الرؤية الخاصة باستراتيجيات مكافحة الفساد، فنرى الحكومة تقوم بإصدار العديد من المبادئ الخاصة بمكافحة الفساد وتكون هي أول من ينتهك تلك المبادئ بشكل واضح"، بحسب الورقة القانونية.

اقرأ أيضا: قوانين السيسي تُغضب مؤيديه

دلالات