غضب شعبي واسع يرافق تشييع اللبناني جورج زريق

09 فبراير 2019
تشييع اللبناني جورج زريق (فيسبوك)
+ الخط -


"احترق جسد أخي فداء لحق أطفاله بالتعليم"، بهذه الكلمات شيّع اللبناني شكري زريق شقيقه جورج زريق، اليوم السبت، في كنيسة القديسة بربارة في بلدته راس مسقا في الكورة (شمال لبنان)، والذي بات يعتبر شهيداً لغلاء المعيشة والسياسات التي لا تراعي محدودي الدخل، بعد أن انتحر بإحراق نفسه أول من أمس الخميس.

وعبر شكري عن غضبه على وسائل الإعلام، قائلاً: "نريد أن نترك وشأننا، فوقت الصلاة والحزن ليس للإعلام"، وكشف العديد من الصحافيين أنهم طُردوا من الكنيسة، ومُنعوا من تغطية التشييع من قبل الأهل، وبعد الصلاة ألقى الأب نقولا داود عظة تطرق فيها إلى الأوضاع المعيشية الصعبة التي تواجه كل العائلات اللبنانية.

اعتذر شكري لـ"العربي الجديد" عن التحدث عن الموضوع، وقال: "لا نريد شهرة وتجارة بدم أخي، إما أن يثور الجميع على هذا الوضع غير المحتمل علينا جميعاً أو لا. دم أخي أثمن من أي كلام سأقوله، أو سيقوله أي فرد من أفراد العائلة".

ورداً على مبادرة وزير التربية، أكرم شهيّب، بتعليم أبناء الراحل مجاناً، وعن المبلغ المادي الذي تبرع به النائب في مجلس الأمة الكويتي، خلف دميثير العنزي، وعرضه تخصيص راتب شهري للأطفال، قال زريق إنه سمع بهذا عبر الإعلام، وإنه يشكر الدعم. "كل هذا الضوء الإعلامي والسياسي كان يجب أن يتوفر قبل وقوع الواقعة. راح المهم".

وأصدر وزير العدل اللبناني، ألبير سرحان، بياناً تعاطف فيه مع العائلة، مؤكداً استكمال التحقيقات القضائية اللازمة لجلاء الملابسات، أما وزير الإعلام، جمال الجراح، فتقدم بالتعازي، وصرح في بيان أن "ما حدث مع الإعلاميين لا يتلاءم مع رسالة الإعلام في نقل الحقيقة، وأن نقل الحدث كان مجرد تعبير صادق لحث المعنيين على الالتفات للحقوق التي يصبو إليها المجتمع".



وأثارت الواقعة استياءً واسعاً على المستويين الشعبي والحكومي، وقام الناشط الحقوقي محمد نصولي بكتابة عبارة "جورج شهيد" على واجهة مبنى وزارة التربية في بيروت، خلال تجمع شبابي أمس.
وروى نصولي لـ"العربي الجديد": "كان رجال قوى الأمن الداخلي (الشرطة) يشاهدونني أكتب على الجدار، ولم يقوموا بتوقيفي لوجود العديد من الناس، وعندما تفرقنا مساء، تمت ملاحقتي من ثلاثة شبان ظننتهم مدنيين، بما أنهم لا يرتدون أي زي رسمي، ومن ثم عرّفوا عن أنفسهم بأنهم من الاستقصاء (التحرّي)، وأن عليهم اعتقالي في مخفر محلة الرملة البيضاء. بعد ذلك طلبوا الطعام وكانوا يتسامرون لمدة خمس ساعات دون التحدث معي، وتجمّع أصدقائي قرب المخفر، ليتم بعدها الإفراج عني بعد تلقي المخفر مكالمة هاتفية، وتوقيعي على إفادة سكن".



أما عن السبب الذي دفعه للقيام بذلك، فأوضح: "التعليم في لبنان أصبح تجارة رابحة للمتمولين بدل أن يكون حقاً طبيعياً لكل إنسان، وما حصل مع الشهيد جورج زريق من إهانة لكرامته الإنسانية لن يمر، لأن جورج لن يكون آخر شهيد يسقط نتيجة سياسات هذا النظام الاقتصادية التي أتعبتنا كشباب".

وقال نصولي إنه ورفاقه في "الحركة الشبابية للتغيير" سيدافعون عن حقوقهم وحقوق الفقراء من الشعب حتى لو كان الثمن هو الاعتقال والمحاكمة. وتابع: "لا خيار أمامنا إلا المواجهة. قررنا البقاء في لبنان وعدم الهجرة، وبالتالي لن نرضى أن نكون مذلولين على أبواب الزعامات الطائفية. لنا حقوق لن نكل عن المطالبة بها. حقوقنا بالعمل والطبابة والتعليم وضمان الشيخوخة".



وأضاف: "نحن في حالة مواجهة مع النظام السياسي في لبنان لأنه نظام أنتجته توازنات الحرب الأهلية، وهو نظام تحاصص طائفي غير ديمقراطي رتب على الشعب اللبناني ديوناً هائلة، وخلق حيتان مال متوحشين. نظام أفقر الطبقة الوسطى وأصحاب الدخل المحدود، ولا يزال مستمر بنفس السياسات الاقتصادية التي تهدف لحماية المتمولين ووضع ثقل الدين العام على الفقراء وذوي الدخل المحدود عبر الضرائب غير المباشرة".
ودعت "الحركة الشبابية للتغيير" كل المتضررين من النظام إلى تظاهرة شعبية مساء الثلاثاء المقبل، في وسط بيروت.



إلى ذلك، دعا اتحاد لجان الأهل وأولياء الأمور في المدارس الخاصة في لبنان‎، إلى اعتصام صامت صباح الإثنين المقبل، أمام وزارة التربية والتعليم العالي، وجاء في الدعوة: "كي نستعيد حقوقنا المهدورة من قبل إدارات المدارس الخاصة بالتواطؤ مع كبار الموظفين في وزارة التربية، ولأنّ الحكومة حكومة عمل كما يقولون، ولأن وزير التربية هو المسؤول المباشر عمّا يحصل في المدارس الخاصة حسب القانون، ولأن الاستمرار في السكوت عن الفساد في الملف التربوي جريمة".

دلالات