حقوقُ المفطرين في الأردن

22 يونيو 2015
تمنعُ المجاهرة في الإفطار خلال هذا الشهر(العربي الجديد)
+ الخط -
كعادتهم، يزيّن الأردنيون منازلهم بالفوانيس والأهلة المضاءة، ولا ينسون تخزين السلع والمواد الغذائية. هذا العام، تَجدّد الجدل حول حقوق المفطرين خلال شهر الصيام، الذي تعتبره الغالبية العظمى من الأردنيين، سواء كانوا متدينين أم لا، محرماً. ولا ينحصرُ الأمر بغير المسلمين، الذين يشكلون نحو أربعة في المئة من عدد السكان البالغ نحو سبعة ملايين نسمة بحسب التقديرات، بل يشمل حقوق الجميع من مختلف الأديان، الذين يحق لهم ممارسة حياتهم بشكل طبيعي، وعدم الإفطار سراً.

دفاعاً عن حقوق المفطرين، أنشأت الحركة العلمانية في الأردن صفحة على موقع فيسبوك، حملت عنوان: "كما لك الحق أن تصوم.. احترم حقي بأن أعيش كما أريد". وأعربت عن رفض القوانين الأردنية التي تُجرّم المفطرين، بالإضافة إلى التعليمات التي أصدرتها وزارة الداخلية الأردنية لضمان عدم حدوث أي انتهاكات خلال هذا الشهر.

ويعتبر قانون العقوبات الأردني الإفطار علناً في رمضان جنحة، يعاقب عليها بالحبس لمدة شهر و/أو غرامة مالية تبلغ 25ديناراً (نحو 35 دولاراً). وأصدرت وزارة الداخلية قبل أسبوع من بداية الشهر، تعليمات خاصة تتضمّن عدم انتهاك حرمة الشهر في المؤسسات العامة والخاصة والشوارع والساحات العامة ووسائل النقل. وطالبت جميع الحكام الإداريين بعدم السماح بفتح المطاعم والمقاهي خلال ساعات النهار، وإغلاق جميع محال بيع المشروبات الروحية تحت طائلة المساءلة القانونية.

وأعربَ القائمون على الصفحة عن رفضهم التهديدات، مشيرين إلى أن هناك "شريحة واسعة من الناس لا يعني لها هذا الشهر شيئاً، لأسبابٍ عدة منها عدم الاقتناع أو لكونها من دين آخر، أو بسبب ظروف خاصة أخرى". ويشددون على أهمية عيش حياتهم بشكل طبيعي، قائلين: "لا نريد أن نفتتح مهرجان المأكولات المجانية في شهر رمضان في وقت الصيام، وإجبار الناس على الإفطار. نريد فقط أن نعيش حياتنا بشكلها الطبيعي".

في السياق، يرفض أنس ضباعين، وهو أحد المدافعين عن حقوق المفطرين، العقوبات المفروضة على المفطرين خلال هذا الشهر، ويعتبرها شكلاً من أشكال الترهيب. ويرى أن "الاحترام يكتسب ولا يأتي بالترهيب"، مشيراً إلى أن امتناع المفطرين عن تناول الطعام في الأماكن العامة يرتبط بالخوف من العقوبات، وليس بسبب الاحترام.

ويرى ضباعين أن الأردن أقرب أن تكون دولة علمانية، على الرغم من أن الدستور ينص على أن دين الدولة هو الإسلام، مشيراً إلى ترخيص الدولة النوادي الليلية وغيرها. ويتساءل: "ما المشكلة في أن يعيش الشخص حياته بشكل طبيعي خلال هذا الشهر؟ الصيام من عدمه هو حرية شخصية. الشخص الذي اختار الصوم إنما يصوم لربه، ولا يجب أن يزعجه أن يرى شخصاً يأكل أمامه. لا يحق لأحد أن يحاسبني على أو يفرض علي تغيير نمط حياتي خلال هذا الشهر".

في السياق نفسه، يرى محمد عبابنه أن "إجبار الناس على الصوم يمكن أن يكون اجراماً بحق بعضهم، وخصوصاً من يتطلب عمله البقاء في الشارع لساعات طويلة، أو أولئك الذين يعانون من أمراض مزمنة ولا يمكنهم التوقف عن شرب المياه". يضيف: "أن يفطر الناس أمامك ليس إهانة لك ولا لدينك ولا لشهر رمضان".

من جهته، يؤكد أستاذ الشريعة الإسلامية محمد القضاة أن "الإفطار خلال شهر رمضان من دون رخصة شرعية يعد فسقاً". ويذهب إلى اعتبار من يجاهر بالإفطار بأنه "كافر"، مؤكداً أنه "ليس هناك حرية في ما يتعلق بالعبادات، وتقتصر فقط على الأمور التي لا يوجد فيها نصوص شرعية".

وعلى الرغم من عدم وجود نص شرعي يحدد عقوبة على المفطرين أو المجاهرين بالإفطار خلال شهر رمضان، يدعو القضاة إلى ضرورة تشديد العقوبات على كل من يخدش حرمة هذا الشهر. صحيح أن هذا النقاش يتكرر سنوياً، إلا أنه بدا هذا العام أكثر حدة.

فوانيس وأهلة
لا تكاد ترى متجراً في الأردن إلا وقد علقت عند مداخله الأهلة والفوانيس. وعادة ما تزيّن الأحياء الشعبية بالحبال المضيئة خلال شهر رمضان. ويُقال إن الفانوس كان يستخدم في عصر صدر الإسلام لإضاءة الطريق ليلاً أمام المسلمين خلال ذهابهم إلى المساجد، فيما يقول آخرون، إن ظاهرة الفوانيس مصرية المنشأ، ابتدعها الخلفاء الفاطميون حين كانوا يخرجون إلى الشوارع لرؤية هلال رمضان.

إقرأ أيضاً: عزيزي الصائم الأردني
المساهمون