غرق نحو 200 مهاجر قبالة سواحل ليبيا

28 اغسطس 2015
غرق قوارب المهاجرين في المتوسط يتواصل (GETTY)
+ الخط -
لقي نحو 200 مهاجر من أفريقيا والشرق الأوسط وآسيا حتفهم عندما غرق قاربهم المكتظ قبالة ساحل ليبيا، بينما أعلنت السلطات النمساوية، اليوم الجمعة، أن عدد اللاجئين الذين عثر عليهم موتى داخل شاحنة تبريد مهجورة وصل إلى 71 شخصاً.

وقالت الشرطة النمساوية إنه تم القبض على ثلاثة أشخاص في المجر لصلتهم بالحادث.

وقال متحدث باسم الشرطة للصحافيين إن السلطات عثرت على "وثيقة سفر سورية" في الشاحنة وسط الجثث المتحللة، مضيفاً أنه يعتقد أن الاعتقالات ستقود إلى الأشخاص الذين كانوا وراء موت المهاجرين.

وقال قائد الشرطة في إقليم بورجنلاند، هانز بيتر دوسكوزيل، في مؤتمر صحافي، إن الشرطة النمساوية تشتبه في أن عصابة تهريب بلغارية مجرية كانت وراء موت المهاجرين الواحد والسبعين الذين عثر عليهم في الشاحنة على طريق سريع في النمسا.

وحدثت واقعة النمسا والغرق قبالة ساحل ليبيا بسبب توافد موجات جديدة من اللاجئين الباحثين عن ملاذ هرباً من الحرب والفقر، الأمر الذي وضع أوروبا في مواجهة أسوأ أزمة لاجئين منذ الحرب العالمية الثانية.

وقال مسؤول أمني في بلدة زوارة بغرب ليبيا من حيث انطلق القارب المنكوب، إنه كان هناك نحو 400 شخص على متن القارب وبدا أن الكثير منهم كانوا محاصرين داخل المكان المخصص لتخزين الأمتعة عندما انقلب أمس الخميس.

وبحلول المساء أنقذ خفر السواحل الليبي 201 من المهاجرين بينهم 147 نقلوا إلى مركز احتجاز بتهمة الهجرة غير المشروعة في صبراتة، غربي طرابلس.

وقال المسؤول الأمني إن المهاجرين كانوا من منطقة أفريقيا جنوب الصحراء وباكستان وسورية والمغرب وبنغلادش.

وذكر خفر السواحل الإيطالي أن 1430 شخصاً أنقذوا خلال عدة عمليات قبالة ساحل ليبيا، أمس، وأرسلت سفينة تجارية لإغاثة قارب صغير يحمل 125 شخصاً وانتشلت جثتين.

وقال مصدر في مكتب المدعي العام في إيطاليا، اليوم الجمعة، إن الشرطة اعتقلت عشرة أشخاص للاشتباه في تورطهم في أعمال قتل والمساعدة في تهريب المهاجرين بصورة غير مشروعة بعد العثور على جثث 52 مهاجراً داخل قارب هذا الأسبوع.

واحتجزت الشرطة في باليرمو بجزيرة صقلية المشتبه بهم بعد أن وصلت سفينة تابعة لخفر السواحل السويدي إلى باليرمو، أمس الخميس، حاملة جثث الضحايا ومئات من الناجين.

وليبيا هي ممر عبور رئيسي للمهاجرين الذين يأملون في الوصول لأوروبا. واستغلت شبكات التهريب انعدام القانون والفوضى لجلب سوريين إلى ليبيا عن طريق مصر، بينما يصل الأفارقة عن طريق النيجر والسودان وتشاد.

وتقول المنظمة الدولية للهجرة إن أكثر من 2300 شخص لاقوا حتفهم هذا العام في محاولاتهم للوصول لأوروبا عبر البحر مقارنة بـ3279 شخصاً خلال العام الماضي بأكمله.

وعلى البر تدفقت موجة من اللاجئين والمهاجرين شمالاً عبر البلقان خلال الأيام الأخيرة، وعبر آلاف السوريين والأفغان والباكستانيين من صربيا إلى المجر العضو في الاتحاد الأوروبي، حيث قالت السلطات إن أكثر من 140 ألف شخص ضبطوا وهم يدخلون البلاد حتى الآن هذا العام.

وتبني المجر، وهي جزء من منطقة شينجن الأوروبية التي لا يحتاج السفر إليها إلى تأشيرات دخول، سياجاً مرتفعاً على طول حدودها مع صربيا لمواجهة ما تقول إنه خطر على أمن أوروبا ورخائها وهويتها.

شاحنة النمسا

وكانت الشرطة النمساوية قد قدّرت عدد القتلى الذين عثر عليهم في الشاحنة المهجورة قرب حدود المجر بنحو 50 لكنها زادت العدد إلى 71.

وعثرت دورية نمساوية للطرق السريعة على شاحنة تبريد قرب الحدود المجرية، قبل ظهر أمس الخميس. وكانت السوائل من الجثث المتحللة تتسرب من بابها الخلفي، حيث تُركت الشاحنة على جانب الطريق السريع القادم من المجر إلى العاصمة النمساوية فيينا.

وقال هيلموت ماربان، وهو متحدث باسم الشرطة في بورجنلاند "استمر العمل طوال الليل، وأتوقع أن تكون كل الجثث قد أزيلت الآن. لا يزال محققو الطب الشرعي في الشاحنة ويحاولون تحديد كل الحقائق".

وتوجد الشاحنة في مبنى جمارك ببلدة نيكلسدورف حيث توجد منشآت تبريد وحيث شوهد خبراء الطب الشرعي وهم ينقلون أكياس الجثث بعيداً.

وقال مسؤول في الهلال الأحمر الليبي، اليوم الجمعة، إن ليبيا انتشلت 82 جثة جرفتها المياه إلى الشاطئ بعد غرق قارب مكتظ بالمهاجرين قرب بلدة زوارة بغرب البلاد.

وأضاف المسؤول، ويدعى إبراهيم العطوشي، أن حوالي مئة شخص ما زالوا مفقودين وأنه جرى إنقاذ نحو 198 مهاجراً.

وقال لاجئ سوري تم إنقاذه من القارب، يدعى أيمن طلال، لوكالة "رويترز"، إنه كان يعرف أن الرحلة خطرة لكنه لم يكن لديه خيار آخر.

وأمضى شيفاز حمزة تسع ساعات متعلقاً مع والدته بقطعة خشبية في البحر قبالة ساحل ليبيا قبل أن يصل مركب خفر السواحل الليبي لإنقاذه مع عشرات المهاجرين الآخرين. شيفاز تمكّن من النجاة، لكن أمه وشقيقته توفيتا أمام عينيه.

والدة هذا الشاب الباكستاني من بين 76 شخصاً قضوا إثر غرق مركبهم، الخميس، أمام مدينة زوارة على بعد حوالى 160 كلم غرب طرابلس، بحسب ما أعلن المتحدث باسم الهلال الأحمر الليبي محمد المصراتي لوكالة فرانس برس.

وجرى إنقاذ 198 شخصاً من جنسيات عربية وأفريقية في الموقع، لكن عشرات المهاجرين الآخرين لا يزالون في عداد المفقودين في البحر، وفقاً للمصراتي.

وليس لدى الهلال الأحمر الليبي أو المسؤولين في زوارة حتى الآن العدد الفعلي للمهاجرين الذين كانوا على متن المركب، علماً أن مسؤولاً في جهاز خفر السواحل قدّر عددهم بما بين 300 إلى 400 شخص.

قارب ليبيا

وقال شيفاز (17 عاماً)، وهو يجلس إلى جانب شقيقه على الأرض في مركز أمني قرب زوارة بين مجموعة من المهاجرين الذين جرى إنقاذهم: "انطلقنا عند الساعة الواحدة والنصف فجراً تقريباً. كان مركباً خشبياً، على متنه نحو 350 شخصاً، بينهم والدي، ووالدتي، وشقيقتي الصغرى (11 عاماً)، وشقيقتي الكبرى (27 عاماً)، وشقيقي (16 عاما)".

وأضاف واضعاً يده على جبينه وهو ينظر باتجاه الأرض: "بعد ساعة ونصف، بدأ المركب يهتز، ثم بدأت المياه تتسرّب إليه، وسرعان ما وجدنا أنفسنا في البحر وقد تفكك المركب وتحوّل إلى قطع خشبية. تمسّكنا، والدتي وأنا، بإحدى هذه القطع، ولمحت شقيقي وشقيقتي الصغرى إلى جانبي".

ويروي شيفاز "حاول أحدهم أن يتمسك بسترة النجاة التي كان يرتديها شقيقي على اعتبار أنه لم يكن يملك واحدة، لكن شقيقي لكمه فابتعد. أما شقيقتي الصغرى، فقد وضع شخص يديه على كتفيها، وراح يدفعها ولمحتها للمرة الأخيرة تحت المياه وهو فوقها".

وتابع "تسع ساعات قضيتها مع أمي في المياه، نتمسك بقطعة من الخشب. ظللت أقول لها إن الأمور ستسير على ما يرام. لكن قبل وصول فرق الإنقاذ بربع ساعة، فارقت الحياة. لقد توفيت بين يدي. طلبت من الرجل أن يسمح لي بأخذ جثتها معي، لكنه رفض. أمي ماتت. شقيقتي الصغرى ماتت".

ومع ساحل طوله 1770 كلم، تعتبر ليبيا نقطة انطلاق المهاجرين غير الشرعيين الذين يحاولون عبور البحر المتوسط في رحلة محفوفة بالمخاطر للوصول إلى أوروبا. ولا تبعد السواحل الليبية أكثر من 300 كلم عن جزيرة لامبيدوزا الإيطالية، التي يتدفق عليها المهاجرون غير الشرعيين بالآلاف وبأعداد غير مسبوقة.

ووصل أكثر من 170 ألف مهاجر غير شرعي من أفريقيا والشرق الأوسط وجنوب آسيا إلى إيطاليا في 2014 بعدما تم إنقاذهم في البحر المتوسط. أما مجموع الذين وصلوا في 2015 فقد وصل حالياً إلى 108 آلاف.

ووصل نحو 200 ألف إلى اليونان منذ بداية 2015، وفق المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة، بينما لقي أكثر من 2500 شخص مصرعهم خلال عبورهم البحر للوصول إلى أوروبا بمساعدة مهربين لقاء مبالغ كبيرة من المال. ولا يشمل هذا العدد ضحايا المركب الذي غرق قبالة زوارة الخميس.

وفي المركز الأمني قرب زوارة، يقبع السوري سامي مقصود (25 عاماً)، المتحدر من مدينة اللاذقية السورية، جاء إلى ليبيا قبل أربعة أشهر من الجزائر حيث كان يعمل منذ ثلاث سنوات. ويقول سامي وقد اغرورقت عيناه بالدموع "قضى ثلاثة من أصدقائي أمامي. رأيتهم يموتون واحداً تلو الأخر بعدما أنهكت قواهم".

ويضيف "لم أرَ عائلتي التي لجأت إلى هولندا، منذ ثلاث سنوات. صعدت في المركب لأراهم بعدما لم أتمكن من الحصول على إذن بلم الشمل. رُفض طلبي، فانتقلت من الموت في بلدي، إلى الموت في البحر".


اقرأ أيضاً: فرحة المهاجرين بقطع الخطوة الأولى من "رحلة الأمل"