تهالك البنى التحتية للمستشفيات العراقية الحكومية حوّلها إلى مادة إعلامية أو مصدر للتندر من قبل المواطنين عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فتنتشر صور أو مقاطع فيديو تظهر القطط والكلاب والضباع والأفاعي والعقارب والجرذان تسرح فيها، وتبيّن أخرى انعدام النظافة والإهمال.
ورغم الموازنات الضخمة السنوية لقطاع الصحة في العراق، إلا أن التراجع في القطاع ما زال ملازماً للحكومات المتعاقبة في البلاد، وتبقى المستشفيات على حالها ما قبل عام 2003 والتي تعود بطبيعة الحال إلى ثمانينيات وسبعينيات القرن الماضي، ما يسبب ارتفاع عدد العراقيين القاصدين لدول الجوار للعلاج، خصوصاً مستشفيات إيران والأردن وتركيا.
وأظهر مقطع تسجيلي نشره ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي وجود أفعى داخل صالة رقود المرضى في مستشفى المحاويل في محافظة بابل، فيما كان كادر المستشفى وبعض أهالي المرضى يحاولون التخلص منها بواسطة أدوات تنظيف وأحذية وسط فوضى عارمة في المكان، وذلك بعد أيام من التقاط صور لكلاب سائبة في مستشفى آخر جنوب العراق روعت المرضى.
ويسأل الناشط المدني، فاضل المحاويلي: هل يعقل أن تدخل أفاع وجرذان وكلاب سائبة إلى المستشفيات؟ وأين تذهب المليارات التي تخصص لوزارة الصحة سنوياً؟
ويتابع "تحول كثير من المستشفيات إلى خبر أسبوعي تتداوله وسائل الإعلام إما عن حيوانات أو سرقات أو سوء تعامل أو أخطاء طبية وانعدام خدمات أيضاَ.
ويضيف المحاويلي لـ"العربي الجديد"، "يوم أمس تمكن بعض المرضى وأهاليهم من قتل أفعى خطيرة كانت تتجول داخل ردهة رقود المرضى في مستشفى المحاويل، ولو أنها لدغت أحد المرضى لتوفي خاصة أن الأفاعي في تلك المناطق صحراوية وسامة جداً، وأصيب المرضى الراقدون في المستشفى بالذهول وهم يشاهدون الأفعى تحت أسرتهم ليتدخل مرافقوهم ويتمكنوا من قتلها بعد محاولات مضنية".
سياسيون وناشطون عراقيون اعتبروا وزارة الصحة واحدة من أفشل المؤسسات بعراق ما بعد 2003، مطالبين الحكومة بوضع حد لهذا الفشل.
ويقول عضو التيار المدني، سعد الكاظمي: "إلى جانب وزارتي الكهرباء والتربية فإن الصحة تحتضر أيضا بفعل الفساد". وأضاف "تهالك مباني المستشفيات جعلها مقصدا للحشرات والحيوانات وفاقم ذلك الفساد الإداري والمالي، والعام الماضي أعلن عن قتل حيوان مفترس في مستشفى الولادة بمدينة الديوانية بعد أن أصاب عاملا، وأدخل المستشفى حالة انذار استوجبت إغلاق غرفه وبعض الأقسام التي تضم أطفالاً يرقدون فيها للعلاج".
هذه الفضائح فضلاً عن ملفات الفساد الكبيرة التي عصفت بوزارة الصحة في السنوات الماضية، اعتبرها مراقبون مؤشرا على ما وصلت إليه مستشفيات البلاد من تردي الخدمات، خاصة مع احتدام الجدل حول ملف فساد تصل قيمته إلى نحو 100 مليون دولار مخصصة لمشروع بناء مستشفيات جديدة، لكنها لم تر النور ولا يعلم أين مصير الأموال المخصصة للمشروع.
وتقول المواطنة سمية العاملي "أصيب والدي بخلل في كليتيه وأدخلناه أحد مستشفيات بغداد، لكن المشكلة كانت بالرائحة الكريهة والحشرات وسوء الخدمات المقدمة التي تدل على عدم الاهتمام بنظافة المستشفى تماماً، فاضطررنا لإخراجه على مسؤوليتنا والذهاب به إلى مستشفى أهلي رغم ارتفاع تكاليف العلاج في المستشفيات الأهلية".
وتلاقي ظواهر عديدة انتقادات لاذعة يعود بعضها لممارسات شخصية من قبل أطباء وكوادر طبية داخل المستشفيات، كالتدخين في أروقة المستشفيات وغرف العمليات بحسب مختصين.
وانتقد أطباء ومتخصصون الواقع الصحي والخدمي وخاصة جانب النظافة في مستشفيات العراق بشكل عام. ويكتب البروفيسور الطبيب محمد العبيدي، على صفحته الرسمية، موضحاً" تخيلوا معي وزارة يفترض أنها تعنى بصحة المواطن وحيث إن التدخين يعد واحداً من أخطر مسببات الأمراض، نجد تلك الوزارة لا تلتزم هي نفسها بأبسط معايير صحة المواطن".
ويتابع العبيدي "رأيت بأم عيني مدير مكتب الوزيرة السابقة وهو يدخن في مكتبه والدخان يملأ الممرات وكثيرا من موظفي الوزارة يدخنون في مكاتبهم، كما رأيت مدراء عيادات شعبية يدخنون في أروقتها".