إنفلونزا الطيور.. لا داعي للهلع

27 ابريل 2016
لا إصابات بشرية بإنفلونزا الطيور في لبنان (فرانس برس)
+ الخط -

تعود إنفلونزا الطيور إلى الواجهة، فيعود معها الهلع الذي يُصاب به اللبنانيون كلما أثيرت مشكلة أو أزمة صحية، وسط غياب للرقابة الفاعلة وللإجراءات الحاسمة الهادفة إلى الحدّ من تفشيها. كيف يمكننا حماية صحتنا من خطورة هذا النوع من الإنفلونزا الذي في حال أصاب الإنسان، يؤدّي به إلى الوفاة بنسبة خمسين في المائة؟

يُطمئن الطبيب المتخصص في الأمراض الجرثومية الدكتور بيار أبي حنا بأنّ "لا داعي للهلع، فإنفلونزا الطيور لا تنتقل من إنسان إلى آخر. بالتالي، ما من خطر وبائي". وإذ تمنّى ألا تكون هذه الإنفلونزا مستوطنة في لبنان، يقول لـ "العربي الجديد" إنّ "بحسب علمنا، ثمّة إجراءات فاعلة من قبل وزارتَي الصحة والزراعة للحدّ من انتشار الفيروس، الذي لا ينتقل إلى الإنسان إلا في حال احتكاكه المباشر بالدواجن المريضة". يضيف أنّ "لا إصابات بالإنفلونزا في لبنان. جدير بالذكر أنّ الفيروس يموت فوراً، عندما نطهو الدجاج على حرارة تبلغ 70 درجة مئوية". ويتابع أنّ "لا لقاحات متوفّرة لتحصين الإنسان في وجه إنفلونزا الطيور، بل ثمّة لقاح للدواجن يحميها من الفيروس". ويشرح أنّ "عند إصابة الدواجن بالمرض، يزرقّ لونها ويتساقط ريشها. أما في حال التقط الإنسان الفيروس، فإنّه يشعر بوجع في الرأس ودوار وارتفاع في حرارة جسمه وآلام في المفاصل. وهنا، لا بدّ من تناول علاج تاميفلو الوحيد المتوفّر، للحدّ من انتشار المرض في الجسم".

تجدر الإشارة إلى أنّ أعراض إنفلونزا الطيور لا تختلف عن أعراض الإنفلونزا الموسميّة، إلا لجهة حدّتها في كثير من الأحيان.




في هذا السياق، شدّد المتخصص في الطب البيطري الدكتور فضل الله منيّر على "ضرورة أن يتزوّد العاملون في قطاع الدواجن بكمامات، حتى لا ينتقل فيروس الإنفلونزا إليهم، إذ هم على احتكاك مباشر مع الطيور". ويقول لـ "العربي الجديد" إنّ "فرنسا سجّلت قبل سنوات إصابات بإنفلونزا الطيور. حينها، سارعت الدولة الفرنسية إلى الإجهاز على أعداد كبيرة من الدواجن المريضة في مزارع عدّة من دون أن تُسجّل أي إصابة بين البشر. من جهتها، بدأت الدولة اللبنانية اليوم باتخاذ إجراءات حاسمة لوضع حدّ لتفشي المرض خارج المزارع. لكنّ ثمّة تخوفاً من بعض التجار الذي يبيعون ضمائرهم وقد يقوموا بتسويق الدجاج المريض في السوق المحلي". وينصح المستهلكين بـ "مراقبة لون الدجاج قبل شرائه. في حال كان اللون مائلاً إلى الأزرق والريش منتوف، فإنّ ذلك يدعو إلى الشكّ ويُفضّل عدم شرائه خوفاً من أن يكون حاملاً لفيروس إنفلونزا الطيور. يُذكر أنّ الدجاج ينفق بمجرّد إصابته". ويؤكد أنّ "هذا الفيروس ينتقل إلى الإنسان ليس من طائر واحد، إنما من مجموعة طيور مريضة عند الاحتكاك بها. لكنّ اتخاذ الاحتياطات اللازمة من شأنها حمايته، بالتالي لا بدّ من وضع قفازات وكمامات عند غسل الدواجن وتنظيفها في المزارع".

من جهة أخرى، يتحدّث المتخصص في طب الطوارئ الدكتور رشيد رحمة عن أهمية تفعيل الرقابة، قائلاً لـ "العربي الجديد": "صحيح أنّ الوقاية تكون في عدم استهلاك الإنسان الدجاج والبيض المصاب بالفيروس، لكن ما الذي يضمن عدم انتقاله من مكان إلى آخر؟ ما الذي يضمن عدم توزيع الدواجن المصابة على لبنان؟ مسألة الوقاية صعبة، إذ إنّ الرقابة غير كافية". ويشرح أنّ "مصدر الفيروس مشكوك في أمره، لذا ننصح الناس بعدم تناول البيض والدجاج هذه الفترة، إذ لا رقابة كافية على الحدود". إلى ذلك، يشدّد على "ضرورة أن يتوخّى الإعلام الدقة في بثّ المعلومات الطبية، من دون إثارة الهلع حول إنفلونزا الطيور"، وينصح أصحاب المزارع "بإخضاع طيورهم إلى فحوص مخبرية ونشر النتائج الطبية حتى تطمئن الناس أكثر".

إلى ذلك، يوضح رئيس مصلحة الأبحاث العلمية الزراعية الدكتور ميشال إفرام أنّ "مختبر الفنار على تواصل دائم مع وزارة الزراعة، ونعمد على مدار الساعة إلى فحص عيّنات مرسلة إلينا من طيور مريضة وأخرى مشكوك فيها". يضيف لـ "العربي الجديد" أنّ "فور الحصول على النتائج، نعلم الوزارة التي تتخذ الإجراءات اللازمة. وبالفعل، أقامت أخيراً زناراً على نطاق ثلاثة كيلومترات من المزرعة حيث سجّلت إصابات بإنفلونزا الطيور، بهدف تطويق الفيروس. والكشف مستمرّ على المزارعين والرقابة مشددة".

وفي بيان أصدرته وزارة الصحة العامة أوّل من أمس، أعلنت أنّ "الفرق الفنية أنهت عملية الإجهاز على الطيور وطمر النافقة في البؤرة المصابة في بلدة النبي شيت (البقاع) بالطرق الصحية المعتمدة".

أما مدير الثروة الحيوانية في وزارة الزراعة الدكتور إلياس إبراهيم، فيؤكد لـ "العربي الجديد" أنّ "وزارة الزراعة تتخذ الإجراءات اللازمة في مراقبة المزارع المشكوك بها باستمرار"، داعياً وسائل الإعلام إلى "توخّي الدقة والحذر قبل نقل أي خبر مرتبط بإنفلونزا الطيور، حتى لا نضرب قطاع الدواجن. حتى اليوم، لا إصابات بشرية بإنفلونزا الطيور والدجاج المتوفّر في السوق المحلي سليم وصالح للاستهلاك".

من جهته، يطمئن مدير عام وزارة الصحة الدكتور وليد عمّار أنّ "إصابات الدواجن بإنفلونزا الطيور ما زالت محصورة، وبحسب توقعاتنا لن تتمدد لأننا عالجنا الأمور". يضيف لـ "العربي الجديد": "نحن على تواصل دائم مع وزارة الزراعة، من ضمن خطة طوارئ صحية نتّبعها منذ عام 2007. وتقضي الخطة بالفحص المستمر للعاملين في قطاع الدواجن الموبوءة، وتزويدهم بالمضاد الحيوي الخاص احتياطاً، حتى لا يمتدّ الفيروس في أجسامهم في حال أصيبوا به. فهذا المرض شرس قد يؤدي إلى وفاة خمسين في المائة من المصابين به".

المساهمون