يسعى أصحاب فكرة إنشاء أول مسجد مختلط في العاصمة الفرنسية، يحمل اسم "مسجد فاطمة"، إلى تنفيذ فكرتهم، إذ لم تظهر بعد شخصيات إسلامية مهمة لتبني المشروع المعتمد على تجارب مماثلة في ألمانيا وبريطانيا وبلجيكا وإيطاليا والدنمارك.
ومن المقرر أن يتسع مشروع المسجد لخطبتي جمعة يؤديهما بالتناوب رجل وامرأة، حسب ما أوردت صحيفة "لوموند" يوم الخميس، ليكون الأول من نوعه في فرنسا، لكن ما زال أصحاب الفكرة يبحثون عن مقر للمسجد الذي سيضم قاعة صلاة تستقبل الرجال والنساء، كل جنس في جهة خاصة به، ويتيح وجود النساء المحجبات والسافرات في نفس الصفوف.
وثمة حراك من أجل تأسيس جمعية تحمل اسم "قانون 1905"، لتدير المسجد الجديد الذي لا ينقصه حالياً إلا الأموال، وبين الداعمين باحثة الدكتوراه، كاهنة بهلول، والتي ولدت لأب جزائري وأمّ فرنسية، وكانت أمها يهودية بولونية وأبوها كاثوليكياً، والتي تقول إنها لم تعد تطيق أن تصلي خلف الرجال، أو في مساجد أقبية، وفق "لوموند".
وتؤكد الصحيفة أن الرغبة في المسجد الجديد ليست حكراً على النساء، بل ثمة رجال، بينهم أستاذ الفلسفة، فاكر كورشان، والذي يقول إنه "سئم من وضعية ارتياد المسجد، حيث ينظر بعضنا إلى البعض الآخر بحذر في انتظار دخول الإمام. يخطب، نصلّي، ثم ننصرف".
ويرفض بهلول وكورشان استمرار الوضع الحالي، ويكرران أن ثمة أناساً يريدون طريقة جديدة كي يعيشوا بها إسلامهم، ويفهموا بها النصوص، ولا تخفي كاهنة تأثرها بـ"الصوفية"، ولذا أنشأت جمعية "حدثني عن الإسلام"، كما لا تخفي رغبتها في الإمامة بالمسجد حال افتتاحه.
وأسس كورشان جمعية "من أجل إحياء الفكر المعتزلي" ليستعيد النقاشات التي شهدها العصر العباسي حول قضايا فكرية ودينية من بينها "خلق القرآن"، ويؤكد أنه يكره وصفه بالمعتدل. "إنه يخرجني من أطواري. أنا مسلم، ولا شيء آخَر"، كما لا يخفي غضبه من أن "أكبر جالية إسلامية في أوروبا لم تسمح بعد بظهور إمام أنثى، رغم أن القرآن لا يَحظُر الأمر"، على حد قوله.
وفي اجتماع حول تأسيس المسجد، رفض غالبية الحاضرين فكرة تعيين أئمة نساء، لأن الفكرة قد تَضُرُّ بقبول المشروع لدى الغالبية من المسلمين المحافظين المفترض أنهم الممول الأساسي للمشروع.
وحول تسمية المسجد المنتظَر بـ"الليبرالي"، يرى صاحبا الفكرة أن هذا النعت هو الأقل سوءاً، على الرغم من أنهما كانا يرغبان في تجاوز الأمر، كما لا يخفيان رغبتيهما في الانضمام إلى "الجمعية الإسلامية من أجل الإسلام في فرنسا"، التي يريد كريم القروي، المقرب من الرئيس إيمانويل ماكرون، إنشاءها من أجل "إسلام فرنسي متجرد من التأثيرات الخارجية، السعودية والتركية والمغاربية، ويموّل نفسه بنفسه".