أجواء عيد الأضحى تتحدى الأوجاع في الشمال السوري

ياسين المحمد

avata
ياسين المحمد
11 اغسطس 2019
61E3E87F-F469-46B2-A558-F34031345DD8
+ الخط -
لا يكاد يخلو منزل في الشمال السوري من شهيد أو معتقل أو مصاب، ولا تكاد بلدة أو قرية تخلو من الدمار والنازحين، ومع ذلك لا تزال للعيد بهجته وللفرح مكانه في القلوب. وما إن بدأت تكبيرات عيد الأضحى، صباح الأحد، حتى بدأ سكان البلدات والقرى هناك طقوس العيد والعادات التي نشأوا عليها، غير مبالين بالقصف والدمار والمعارك الضارية التي تدور رحاها على تخوم ريف إدلب الجنوبي.

ورغم المعاناة والأوجاع، فإنّ ما شهده أهالي الشمال السوري لم يثنهم عن ذبح الأضاحي وزيارة الأقارب، فيما يلعب الأطفال في الحدائق والمنتزهات، تزامناً مع افتتاح المحال التجارية التي تعج بزوارها لشراء ما يحتاجونه للمناسبة المنتظرة.

ومع أنّ أجواء العيد تستثني مخيمات النازحين على الشريط الحدودي مع تركيا، والمناطق التي نزح سكانها عنها وتتعرض للقصف وتدور فيها المعارك في كل من ريف حماة الشمالي والغربي ومحيط ريف إدلب الجنوبي، إلا أنّ أجواءً اعتيادية تجد مكاناً لها في العديد من البلدات في ريف إدلب الشمالي والغربي، مثل بلدات: الدانا وسرمدا وسلقين وكفرتخاريم وحارم وأريحا ودركوش وغيرها الكثير.

وتستضيف تلك القرى والبلدات آلاف النازحين، منذ بداية شهر أيار/ مايو 2019، من مناطق التصعيد في ريف حماة وإدلب، الذين عايشوا بدورهم أجواء عيد الأضحى هذا العام. إذ عجت الأسواق في عدة مناطق مثل الدانا وسرمدا وأريحا بالمحتفلين بالعيد، وخرج الأطفال مبتهجين بقدوم العيد وبدأت زيارات الأقارب والأصدقاء والتجمعات العائلية، في صورة تعبر عن الصمود، والمحاولة قدر الإمكان للعضّ على الآلام وحبس الدموع.

أجواء الأضحى في الشمال السوري (عارف وتد/ فرانس برس) 

أبو عبيدة، أحد المهجرين من مدينة حمص وسط سورية، يقطن الآن مع عائلته في مدينة إدلب، ويملك محلاً تجارياً فيها. يتحدّث لـ"العربي الجديد" عن أجواء العيد في إدلب، وكيف أن الأهالي يحاولون التغلب على أحزانهم ومواجعهم، قائلاً: "نشهد هنا أجواء عيد اعتيادية وفرحة تعم الناس، ومن الواجب علينا نحن كأصحاب محلات تجارية المساهمة قدر الإمكان بإدخال الفرحة والبهجة إلى قلوبهم".

وأضاف "على الرغم من كل ما حدث من قصف ودمار وقتل، إلا أنّ الأهالي يحاولون التغلّب على ذلك والاستمتاع بفرحة عيد الأضحى، كما أننا نلاحظ فرقاً كبيراً في مدى الارتياح لدى المدنيين بين عيد الفطر الفائت وعيد الأضحى اليوم، فعيد الفطر كانت له مساحة أكبر من السرور والفرح في قلوب المدنيين، ونتمنى أن يعم السلام ونتخلص من هذه الأحداث الدامية، ونعود إلى مناطقنا بخير وأمان".

الأطفال يحتفلون بالعيد على طريقتهم بالشمال السوري (عارف وتد/ فرانس برس) 

أما عماد برو، من قرية مريمين الواقعة في ريف إدلب الغربي، ويعمل سائق ميكروباص يجوب يومياً عدة بلدات في الشمال السوري، فيصف، لـ"العربي الجديد"، أجواء عيد الأضحى في البلدات الحدودية، بالقول: "انطلقت صبيحة اليوم باتجاه بلدة الدانا في ريف إدلب الشمالي، كانت أجواء العيد عامرة في شوارعها والأطفال منتشرين في الحدائق العامة يلعبون، والأسواق تعج بالزوار وجميع المحلات التجارية مفتوحة، وهناك محال تبيع شتى أنواع المأكولات".

الناس يصنعون الأمل وسط الأحزان في ريف إدلب الشمالي (محمد سعيد/ الأناضول) 

وتابع "نستطيع القول إنّ عيد الأضحى جيد هذا العام، مقارنة بحجم المعاناة التي يعيشها المدنيون في الشمال السوري، بعد موجات النزوح التي خلّفت اكتظاظاً كبيراً بالسكان".

وشهدت بلدة دركوش في ريف إدلب الغربي حركة نشطة لعشرات العائلات، نحو منطقة "عين الزرقا" للاستجمام فيها والتمتع بمناظر الطبيعة، بينما شهدت أسواق البلدة حركة تجارية مع إقبال الزبائن على شراء ما يحتاجون إليه، فيما غصّت الحدائق العامة ومدن الألعاب في البلدة بأعداد كبيرة من الأطفال.

وتزامنت كل هذه الأجواء مع معارك وقصف جوي وبري في كل من ريف حماة وإدلب، وسط تقدّم قوات النظام السوري على بلدة الهبيط في ريف إدلب الجنوبي، غير أنّ كل ذلك لم يثنِ السكان في البلدات الشمالية عن قضاء عيدهم بطريقة اعتيادية.

ذات صلة

الصورة
حكاية نازح سوري، 19 يوليو 2024 (العربي الجديد)

مجتمع

فقد النازح السوري محمد طرمان ابنتيه بسبب الحرب السورية وظروف المخيمات التي تنعدم فيها أدنى شروط الحياة، فيما يحارب من أجل توفير الأدوية اللازمة لعلاج ابنه..
الصورة
السوري ثائر نقار.. يقاوم مصاعب النزوح المتكرر بأدوات الحلاقة

مجتمع

كحال آلاف السوريين كان النزوح المتكرر رفيق الثلاثيني ثائر نقار وأسرته، بحثتا عن حياة أفضل وشيء من الاستقرار والأمان.
الصورة
مخيمات الشمال السوري ، 1 يوليو 2024 (عدنان الإمام/العربي الجديد)

مجتمع

تعاني آلاف الأسر النازحة في مخيمات الشمال السوري من أزمة إنسانية حادة نتيجة انعدام المياه الصالحة للشرب، وذلك بسبب توقف دعم المنظمات الإنسانية
الصورة
الشاب الفلسطيني بسام الكيلاني، يونيو 2024 (عدنان الإمام)

مجتمع

يُناشد الشاب الفلسطيني بسام الكيلاني السلطات التركية لإعادته إلى عائلته في إسطنبول، إذ لا معيل لهم سواه، بعد أن تقطّعت به السبل بعد ترحيله إلى إدلب..