جدوى تطبيق القوانين

04 اغسطس 2015
يمارس سلطته على سائق "ديليفيري" مخالف (العربي الجديد)
+ الخط -
كأنّ في الأمر منافسة ما بين الوزارات اللبنانية. هذه تشمت بتلك عند كلّ أزمة. فينفش الوزير الخالي من العيوب ريشه في لحظة ما، بعدما كان يخبئ رأسه في الرمل قبل حين.

أزمة النفايات الأخيرة في لبنان والمستمرة حتى اليوم تكشف عن مثل هؤلاء الوزراء نافشي الريش. ولا يتوقف ذلك على شخص الوزير المبجّل إذ ينبري إلى المنابر الإعلامية المختلفة ليطرح الحلول ويرمي الكرات في ملعب الخصوم. بل يمتد أيضاً إلى الأجهزة والأدوات المرتبطة به.

من تلك الأجهزة قوى الأمن الداخلي في لبنان، التي تركت كلّ شيء، ونسيت كلّ الأزمات التي يعاني منها اللبنانيون في أنفاسهم حتى، وانتشرت في الشوارع تلاحق المخلّين بقانون السير الجديد.

بعيداً عن كلّ تلك المشاغل والمشاكل الحالية وأهمها مشهد النفايات المستقرة عند كلّ زاوية وجدار، تحترق هنا وتتكوم هناك. وبعيداً عن اعتياد البعض على الفوضى ولا مبالاته بالقوانين، فإنّ حملات قوى الأمن الداخلي، خصوصاً بعد إنجاز وزارة الداخلية لقانون سير جديد ليس فيه من جديد سوى رفع الغرامات، هي حملات تحتمل الكثير من الأسئلة حول دوافعها، وحول سير عملها اليومي، وحول أداء العناصر المكلفة تطبيق القانون، وحول قدرة البعض على تخطي القوانين أو إبطال مفعولها.

في هذا الجو كان مجدي يقلّ صديقه فادي خلفه على دراجته النارية، ويمرّان من كورنيش المنارة البحري في بيروت. مجدي قانوني مائة بالمائة، أما فادي فلم يكن يضع خوذة على رأسه.

أوقفهما دركي. طلب من مجدي أوراق الدراجة ورخصة القيادة، ومن صديقه بطاقة هويته. أخذ الأوراق وطلب منهما التوجه إلى دركي آخر مشغول بتسجيل مخالفات بدفتره السميك ذي الأوراق الصفراء.

وبالفعل، لم تسجّل على مجدي أيّ مخالفة، بل على صديقه الذي وقعت عليه غرامة مالية قدرها 200 ألف ليرة لبنانية (133 دولاراً أميركياً). تقبّل الشابان الأمر ومضيا في سبيلهما بعدما تسلّما مستنداتهما وورقة المخالفة.

في الحيّ الذي يسكنان فيه، أخبرا صديقهما بالحادثة، فقال لهما إنّ بالإمكان تخفيض المخالفة إلى نصف القيمة في حال وافقا على الذهاب معه إلى أحد "الواصلين".

"الواصل" سأل صديقهما قبل كلّ شيء إن كان يأتمن عليهما كي يبدأ بالكلام. وبالفعل أكد له ذلك، ليقول لفادي بالحرف: "اعتبر المخالفة ملغاة، وغدا تستلم الجزء الأساسي من ورقتها المحفوظ في سجلات السير دلالة على كلامي". رفض تسلّم مائة ألف منهما بيده، بل طلب من صديقهما أخذها منهما ليحاسبه في اليوم التالي. وبالفعل وصل الإثبات سريعاً، ومعه تساؤلات عن قدرة "الواصل" على الولوج إلى الدوائر الرسمية، وتساؤلات أكبر عن جدوى تطبيق القوانين في "دولة" فاسدة.

إقرأ أيضاً: الدركي مارون عبد الرحمن
المساهمون