امتحانات الثانوية العامة في مصر بظل كورونا: "انتحار جماعي" للمعلمين والطلاب

21 يونيو 2020
احتشد الأهالي أمام المدارس (تويتر)
+ الخط -
في ما يبدو أشبه بمشهد "انتحار جماعي"، احتشد مئات الآلاف من أهالي طلاب الثانوية العامة والأزهرية، أمام المدارس بمختلف المحافظات، الأحد، بالتزامن مع أداء ما يقارب 653 ألفاً و389 طالباً امتحان اللغة العربية، في أول أيام امتحانات الشهادة الثانوية، المقرّر انتهاؤها في 21 يوليو/ تموز المقبل، من دون اتباع أي من الإجراءات الاحترازية لمنع تفشي فيروس كورونا.

ورغم تحذيرات وزارة التربية والتعليم المصرية المتكرّرة بشأن عدم الاحتشاد أمام المدارس، في ظلّ تداعيات أزمة كورونا، أصرّ معظم أولياء الأمور على توصيل أبنائهم إلى لجان الامتحانات، بل والانتظار أمام أبوابها، بأعداد كبيرة، منذ الثامنة صباحاً وحتى الواحدة والنصف ظهراً. انتظر الأهالي أولادهم، وسط حالة من التراخي الأمني الملحوظ، وعدم تدخّل قوات الشرطة، المنوط بها تأمين المدارس، لتنظيم وجود المواطنين، أو صرفهم من محيطها.
وقال وزير التربية والتعليم، طارق شوقي، في تصريح رسمي، إنّ "الوزارة مسؤولة فقط عن تنظيم وجود الطلاب داخل المدارس لأداء الامتحانات، وغير معنية بتصرفات أولياء الأمور خارجها". وأضاف أنّه "من واجبهم أن يكونوا قدوة لأبنائهم، وأن يلتزموا بما طلبناه من عدم الوجود أمام المدارس، ولكن لا حياة لمن تنادي. السلوك الذي تعكسه الصور المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي هو سلوك مجتمعي في كل شيء"!

بدورها، جدّدت وزيرة الصحة والسكّان، هالة زايد، حرص الحكومة على توفير جميع الوسائل  لضمان سلامة الطلاب خلال امتحانات الثانوية العامة، مضيفة في مداخلة هاتفية مع التلفزيون المصري: "الأمور تسير بشكل جيد، وأطالب أولياء الأمور بعدم توصيل أبنائهم. الاحتشاد أمام المدارس قد يشكّل مصدراً للعدوى، والوزارة تنسّق مع وزير التربية والتعليم، والمحافظين، لتنفيذ خطة التأمين الطبي للامتحانات".
إلى ذلك، استبعدت إحدى لجان امتحانات الثانوية العامة في منطقة السيدة زينب في القاهرة معلمة تبيّنت إصابتها بفيروس كورونا بعد دخولها لجنة الامتحان، والمشاركة لبعض الوقت في عملية الرقابة على الطلاب. وبرّرت المعلّمة حضورها بأنّها "حاولت تقديم الاعتذار للإدارة التعليمية في محافظة القاهرة أكثر من مرة، ولم تتمكن من ذلك، فحضرت بسبب خوفها من توقيع عقوبة التغيّب عن أعمال الامتحانات".

كذلك أعلنت مديرية التربية والتعليم، في محافظة المنوفية، استبعاد أحد المراقبين من لجنة امتحان الثانوية العامة بمركز بركة السبع، للاشتباه في إصابته بفيروس كورونا، موضحة أنّ  درجة حرارة المراقب ارتفعت بشدة، وشعر ببعض أعراض الإصابة بالعدوى، وهو ما تبعه إرسال سيارة الإسعاف لنقله إلى أقرب مستشفى للحميات في المحافظة بهدف عزله.

وقالت مديرية التربية والتعليم بمحافظة الأقصر إنّ اليوم الأول من امتحانات الثانوية العامة شهد إصابة خمسة طلاب بحالات إغماء، نتيجة ارتفاع درجات الحرارة في اللّجان المختلفة، وأشارت إلى أنّ عملية الرقابة على الامتحان سارت بصورة طبيعية داخل اللّجان، مع الإقرار بوجود ازدحام أمام بعض اللجان، بسبب إصرار أولياء الأمور على توصيل وانتظار أبنائهم أمام المدارس.

وتمّ الاشتباه في مدرسة "أم المؤمنين الثانوية بنات" بالأقصر، بإصابة إحدى الطالبات بـ"كوفيد-19"، إذ شعرت أثناء أدائها امتحان اللغة العربية بارتفاع في درجة الحرارة، وبعض التعب، ما دفعها إلى عدم متابعة الامتحان. وأبلغت مديرية التعليم في المحافظة وزارة الصحة بالموضوع، لتسهيل عملية نقل الطالبة وفحصها، لتبيان حقيقة إصابتها بالفيروس أو عدمها.
وأعلنت مديرية التربية والتعليم بمحافظة القليوبية نقل أربعة طلاب إلى المستشفى، ثلاثة منهم بسبب الإغماء، وطالب واحد بسبب ارتفاع درجة حرارته، في إحدى مدارس غرب شبرا التعليمية، وهو ما استدعى نقله إلى المستشفى. وأشارت المديرية إلى أنّ غرفة العمليات التي شكّلتها، تلقت إشارة بحدوث حالتي إغماء لطالبتين في إحدى لجان مدارس بنها أثناء الامتحان، وتمّ نقلهما إلى المستشفى بسيارة إسعاف، بينما أصيب طالب بالإغماء في لجنة بمنطقة الخصوص.

ونقل مرفق الإسعاف في محافظة قنا طالبة بالصف الثالث الثانوي إلى مستشفى فرشوط المركزي، عقب إصابتها بهبوط في عضلة القلب أثناء أداء الامتحان، إذ تبيّن أنّ الطالبة تعاني من أعراض مرضية تنفسية منذ فترة، وهو ما أدى إلى إصابتها أثناء أداء الامتحان، نتيجة التوتر والقلق، حسب مديرية التربية والتعليم في المحافظة.
كذلك نقل مرفق الإسعاف أحد طلاب القسم العلمي بالثانوية الأزهرية، بمعهد الدكتور طلعت السيد بمدينة نصر، إلى مستشفى جراحات اليوم الواحد بالقاهرة، بسبب الاشتباه في إصابته بفيروس كورونا، وتمّ توفير غرفة عزل للطالب، بهدف تمكينه من أداء الامتحان. غير أنّه تعرّض لحالة إغماء، وهو ما استدعى إبلاغ وزارة الصحة عن حالته.

ورصدت "المفوضية المصرية للحقوق والحريات"، العديد من مشاهد التكدس والزحام أمام لجان امتحانات الثانوية العامة في يومها الأول، بسبب عدم تنظيم عملية دخول وخروج الطلاب، مما أثار حالة من القلق والاستياء لدى أولياء الأمور والمدرسين والطلاب؛ خوفاً من الإصابة بفيروس كورونا.

ومن بين ما رصدته المفوضية، وفق بيان لها، الاشتباه في إصابة طالبة بإحدى لجان الشرقية ونقلها إلى المستشفى بعد ارتفاع حرارتها، فيما تم نقل طالب بسيارة إسعاف من إحدى اللجان بمدينة نصر بعد ظهور أعراض إصابته بفيروس كورونا.
ووجدت المفوضية بعض المدارس غير مجهزة من حيث النظافة والتعقيم، وبعض المدارس لم تلتزم بتوزيع أدوات الحماية الشخصية على الطلاب والطالبات، وطالبت وزارة التربية والتعليم، بضرورة اتخاذ كافة الإجراءات التي من شأنها حماية الطلاب، وعدم الاستهتار بحياتهم وحياة ذويهم وحياة المعلمين، والاهتمام بتنظيم اللجان وتعقيمها، وإيجاد حلول لمشكلة التكدس خلال دخول وخروج الطلاب، والمراقبة على عملية توزيع أدوات الحماية الشخصية كالقفازات والمطهرات والكمامات.

من جهتها، أعلنت الأجهزة الأمنية في مصر ضبط طالبين جامعيين، بدعوى تورطهما في تسريب امتحان اللغة العربية للصف الثالث الثانوي، عبر أحد تطبيقات التواصل الاجتماعي، لافتة إلى رصد المتابعة الأمنية تداول بعض المواقع الإلكترونية خبراً يتضمن إطلاق "هاشتاغ" بعنوان (شاومينج بيغشش ثانوية عامة)، وتوجيه رسائل لطلاب الثانوية العامة تتضمن تسريب الامتحانات، وأجوبتها، قبل موعد بدء الامتحان بحوالي خمس ساعات.
وكانت صفحات الغش الإلكتروني عبر "فيسبوك"، و"واتساب" و"تليغرام"، قد تداولت صوراً لامتحان اللغة العربية للثانوية العامة، وذلك بعد مرور ما يقرب من 50 دقيقة من بدء الامتحان، الأمر الذي دفع غرفة العمليات المركزية بوزارة التربية والتعليم لتتبع الصور المتداولة للتأكد من صحتها، وتطبيق الإجراءات القانونية بحق المتسببين في واقعة التسريب.

المساهمون