مستوطنون يحرقون محاصيل قرية المغير الفلسطينية

20 يونيو 2019
يحرق المستوطنون الحقول باستمرار (فيسبوك)
+ الخط -
بعد يومين من احتراق الحقول الزراعية التي يمتلكها المزارع الفلسطيني عبد الكريم نعسان وعائلته، في قرية المغير شمال شرق رام الله وسط الضفة الغربية، على أيدي المستوطنين، قرر هذا المزارع حصاد المحصول باكرا، لكن مستوطنا إسرائيليا صدم والده الذي يبلغ 70 عاما من عمره، حين كان على جانب الطريق السريع المحاذي للقرية من جهتها الشرقية والذي يسلكه المستوطنون، وهو الآن بحاجة إلى عملية في رجله التي تسبب المستوطن في كسرها.

المزارع عبد الكريم نعسان أكد، لـ"العربي الجديد"، أن حريقين تسببا في خسارة محصول له بنحو 15 دونما من أراضي عائلته، ولم يبق لهم سوى 10 دونمات مزروعة بالمحاصيل الموسمية. فالحريق الأول كان يوم عيد الفطر، في الخامس من الشهر الجاري، والحريق الثاني بعد ذلك بيومين فقط. وأكد المزارعون للمزارع نعسان أن المستوطنين تسببوا في تلك الحرائق.

حصاد بنيران المستوطنين

حال عبد الكريم لا تختلف عن حال مزارعي قرية المغير الفلسطينية، الذين اضطروا، مؤخرا، إلى حصد محاصيل القمح والشعير مبكرا، تجنبا للمزيد من الخسائر في محاصيلهم، والتي تُسببها حرائق يفتعلها المستوطنون، رغم أن الحصاد المبكر غير محبب لأولئك المزارعين، فهو غير ناضج ويكبدهم خسائر هم في غنى عنها.

وحول الخسائر وتبعات الحصاد الباكر خوفا من حرائق أخرى، قال نعسان: "نحن نخسر قرابة نصف قيمة المحصول حين نقوم بحصده باكرا، فهو بحاجة إلى أسبوعين إضافيين على الأقل ليكون جاهزا للحصاد، والآن لا يمكن طحن القمح واستخدامه للخبز لأنه لا يزال غير مكتمل النضوج، ويؤدي استخدامه هكذا إلى تعفّنه، لذا سنستخدمه كطعام للمواشي والدواب".

ويوضح رئيس مجلس قرية المغير، أمين أبو عليا، حجم الخسائر في القرية، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، بأنه تم حرق محاصيل موسمية من القمح والشعير لقرابة 60 دونما، ناتجة عن أربعة حرائق منذ الخامس من الشهر الجاري، إضافة إلى حرق قرابة 300 شجرة زيتون.

ويؤكد أبو عليا قيام المستوطنين بتلك الحرائق، بعدما رصدهم أهالي القرية والمزارعون في أماكن الحرائق، حيث تتم العملية بإلقاء مواد مشتعلة باتجاه المحاصيل، يظهر أثرها بعد عشر دقائق وليس بشكل فوري.

فريق إطفاء تطوعي

كان الشاب حسام أبو عليا واحدا من أهالي قرية المغير، الذين هبّوا لإطفاء سلسلة حرائق اندلعت في الأراضي الزراعية، قبل أكثر من أسبوع، بفعل المستوطنين. ولا يملك أبو عليا ومعه شبان القرية سوى أدوات بسيطة لإطفاء الحرائق، كالبطانيات المبللة، وأغصان الأشجار، ليساعدوا طواقم الدفاع المدني الفلسطيني على إطفائها.

هذا الحال دفع أبو عليا وعددا من الشبان ومؤسسات قرية المغير، إلى الإعلان عن إنشاء فرقة إطفاء تطوعية، فالحاجة إلى فرقة إطفاء أصبحت ضرورية، بسبب وعورة الأراضي الزراعية، وصعوبة وصول مركبات الدفاع المدني الفلسطيني إليها، فضلا عن عدم وجود مركز إطفاء قريب، يوضح حسام أبو عليا لـ"العربي الجديد".

حسام أبو عليا يترأس، منذ عام ونصف تقريبا، فرقة متطوعين تتبع جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في قريته، والتي أنشئت للحاجة إليها في ظل مواجهات دائمة مع قوات الاحتلال كانت تندلع على أراضي القرية ومدخلها الشرقي، وكذلك اعتداءات المستوطنين التي أدت، بداية العام الحالي، إلى استشهاد الشاب حمدي النعسان برصاص المستوطنين.

أهالي المغير الآن يسعون إلى تأسيس فريق إطفاء تطوعي بعد اعتداءات المستوطنين، إذ تسعى لجنة المغير الزراعية، بالتعاون مع الشبان، لإقامة فريق الإطفاء التطوعي، وخاطبت مؤسسات من المجتمع المدني الفلسطيني، ومؤسسات زراعية، وحصلت على موافقة من اتحاد لجان العمل الزراعي على توفير أسطوانات إطفاء حريق، للاستخدام اليدوي الفردي، وماكينات قص العشب التي تستخدم لعزل الحرائق ومنع انتشارها.

ويؤكد رئيس لجنة المغير الزراعية، غسان أبو عليا، لـ"العربي الجديد": "أن وجود هذه الفرق مهم جدا لاستكمال دورهم كمتطوعين في إسناد المزارعين، ولتكون مساعدة الشبان لطواقم الدفاع المدني فعالة، بدلا من استخدام الأدوات البسيطة التقليدية، كما هو الحال الآن، وسيبدأ فريق الإطفاء عمله خلال أيام، حيث سيوزع العمل على الشبان بنظام المناوبات، لتكون الجهوزية عالية في كل الأوقات، في ظل تزايد اعتداءات المستوطنين على أراضي القرية، وتوقعات بافتعالهم مزيدا من الحرائق، في ظل موسم حصاد المزروعات".

واندلعت الحرائق في الأراضي التي تقع شرق قرية المغير، بمحاذاة شارع رئيسي يستخدمه المستوطنون، وتعتبر تلك الأراضي شريان الحياة للمزارعين والرعاة، ولها امتداد مع الأغوار الفلسطينية.

تلك الاعتداءات التي ينفّذها المستوطنون يتصدى أهالي المغير لها، ولا يقتصر تصديهم على هبّات إطفاء الحرائق، أو الاضطرار إلى الحصاد الباكر، فطالما تصدّوا بأنفسهم للعديد من هجمات المستوطنين على أراضيهم. وعلى مدار أشهر، خرجت المسيرات الشعبية باتجاه المدخل الشرقي للقرية، ضد بؤرة استيطانية أقامها مستوطن على أراضيهم، وتحديدا داخل معسكر لجيش الاحتلال، بعد أن استطاعت احتجاجات شعبية إخراجه من أراض أخرى للقرية تسمى منطقة القبون، العام الماضي.


ويخرج الأهالي بشكل عفوي للتصدي لأي هجوم. إذ شهدت القرية، خلال الأشهر الماضية، تقطيع مئات أشجار الزيتون، ووصلت الاعتداءات إلى هجوم استخدم فيه المستوطنون السلاح، في شهر يناير/كانون الثاني 2019، أصيب خلاله عدد من الشبان واستشهد الشاب حمدي نعسان.

وتلك الاعتداءات المتكررة، كما يؤكد رئيس المجلس القروي في المغير، أمين أبو عليا، تستهدف إبعاد المزارعين ومربي المواشي، على وجه التحديد، لأنهم يتواجدون في الأراضي بشكل دائم لرعي الأغنام أو يقطنون فيها، مشكّلين حراسة طبيعية للأراضي التي يريد المستوطنون السيطرة عليها.