حكايات أيام الهجرة الأولى

05 ابريل 2015
لا يخلو التسوّق من العثرات (Getty)
+ الخط -
كثيراً ما يصادف المهاجر الجديد أو اللاجئ إلى البلدان الأوروبية أو إلى مناطق أخرى من العالم، مواقف غريبة في البلد المضيف. ويأتي ذلك كنتيجة طبيعية للاختلاف في الثقافات واللغات والعادات. هذه بعض قصص وافدين أجانب إلى ألمانيا.

طُرَف
لا يخلو التسوّق، لا سيّما في المتاجر الكبرى أو السوبرماركت، من العثرات بالنسبة إلى الوافدين الجدد. فالتعريف بالسلع يكون عادة باللغة الألمانية، في حين تختلف الأسعار ما بين الحبة الواحدة والكيلوغرام الواحد، وكذلك ما بين المواد الطبيعية وتلك التي عولجت كيميائياً.

لم يكن قد مضى على وصول أسامة من سورية وقت طويل، عندما قصد السوبرماركت لشراء السبانخ. بحث كثيراً عنها، هنا وهناك، لا سيّما بين الخضر. لم يكن يتوقع أنه لن يجدها إلا مجمّدة في أكياس. في النهاية، لم يجد مفراً من سؤال إحدى العاملات. لكنه لم يكن يعرف ما هي ترجمة سبانخ في الألمانية. يقول: "وقفت حائراً أمامها، لكنني عدت لأسألها بالإنكليزيّة: هل تعرفين بوباي؟ ومن ثم رحت أشير إلى عضلات ذراعي وإلى فمي. فتأملتني البائعة قليلاً قبل أن تنفجر ضاحكة وتجيب: نعم. فهمت ماذا تريد. شبينات! وأحضرت لي كيساً بعدما أرشدتني إلى مكانها".

إلى ذلك، يشكل نظام النقل بالقطارات واحداً من أكبر التحديات التي تواجه أي وافد جديد إلى البلاد. فتخبر ليلى وهي طالبة من الأردن، "وجدت صعوبة حقيقية في تعلم نظامها. وكثيراً ما استغرقت معي الرحلات أكثر بكثير من الوقت المطلوب. لكن أطرف ما حدث لي في سنتي الأولى هنا، هو ركوب أحد القطارات واستبداله بآخر، قبل أن أجد نفسي وقد عدت إلى المدينة التي أنطلقت منها. مع الإشارة إلى أن الانتقال بين المدينتَين يستلزم نحو ست ساعات".

أما لينا من لبنان، فتجربتها الطريفة كانت مع الإضاءة. تروي أنها عندما دخلت للمرّة الأولى حماماً عاماً، اشتعل الضوء آلياً لينطفئ بعد برهة. كان يتوجّب عليها فقط أن تحرّك يدها ليشعل من جديد، غير أنها ظنّت أن الكهرباء انقطعت. تقول: "شعرت بالخوف وهممت بالخروج. فعاد الضوء. فقررت البقاء في الحمام. لكنه عاد لينطفئ. بقيت لدقائق على هذه الحال، قبل أن أستوعب ما يحدث وأفهم أن الهدف من ذلك توفير الطاقة. وبدأت أضحك على نفسي".

إحراج
عادة ما يفضّل الألمان هدايا أعياد الميلاد البسيطة، مثل الشكولاتة والمشروبات والكتب. أما العطورات والأكسسورات والثياب فهي لا تعد مناسبة، نظراً لاختلاف الأذواق. كذلك، قد يكتفون ببطاقة أمنيات بريديّة.

تشير أرينا من أوكرانيا، إلى أنها صادفت كثيراً من المواقف الغريبة لا سيّما المحرجة في خلال سنواتها الأولى في البلاد. وتخبر: "في إحدى المرات، رغبت في إرسال بطاقة بريدية لصديقة ألمانية كانت علاقتي بها لا تزال حديثة. فبحثت عن واحدة مناسبة. وجدت بطاقة جميلة ومليئة بالزهور، فشعرت بأنها الأنسب. لم أكن حينها قد تعلمت الألمانية جيداً، وبالتالي لم أفهم الجملة المكتوبة فوق الزهور". تضيف: "أرسلتها إلى صديقتي، لكنني شعرت لاحقاً بحرج كبير عندما علمت بأنها بطاقة مخصصة للتعازي". ومنذ ذلك الحين، لم تعد ترسل أي بطاقات بريدية.

من جهته، يروي بشير، وهو مهندس عراقي، أنه دعي الى حفل عشاء. وعندما وصل إلى منزل مضيفيه، وجد أن كل واحد من المدعوين حمل معه طبقاً معيناً من الطعام، إلا هو. يقول: "شعرت بالإحراج، ولم أتناول شيئاً طوال الحفل. أولاً لم أكن أعلم أنه عليّ إحضار الطعام كما هي العادة عند الألمان، وثانياً لم أكن أعرف إن كنت أستطيع تناول الطعام من الأطباق الموجودة، في وقت لم أحضر أيا منها".

إلى ذلك، يقول كريم وهو طبيب مصري، إنه يستطيع تمييز مدمني الكحول من بعيد، معبّراً عن انزعاجه الكبير منهم. ويخبر أنه "في إحدى المرات وبينما كنت أنتظر دوري في أحد المتاجر، اقترب مني واحد من هؤلاء. ظنّ أنني لاجئ، وبدأ يسألني: هل أنت سعيد؟ هل أنت مرتاح في ألمانيا؟ بعدها، راح يشير إلى وجود عدد كبير من المتعصبين الألمان الذين يعارضون استقرار اللاجئين في بلادهم. وقال: نحن في الحقيقة نشعر بالخجل من هؤلاء. أؤكد لك أنكم مرحب بكم في ألمانيا". يضيف كريم: "قال لي ذلك وربت على ظهري، قبل أن ينصرف. كان يعتقد بأنني لاجئ ولم أصحح له ذلك. لكنني أحرجت كثيراً. ورحت ألوم نفسي. ففي حين كنت أشعر باشمئزاز، كان هو يعبّر عن موقف إنساني خالص".