لم تَعُد مؤشرات تقرب الحكومة الفرنسية من أفكار اليمين المتشدد في قضايا الهجرة تخفى على أحد، وقد أكد على ذلك الرئيس إيمانويل ماكرون في خطبه ولقاءاته الصحافية، وعبَّر عنها وزراء بتكرار أنه لا توجد محرَّمات حين يتعلق الأمر بمصلحة فرنسا.
ويتزايد التقرب من اليمين مع اقتراب الانتخابات البلدية، ثم الرئاسية، في ظل مؤشرات على أن الناخب اليميني سيَحسم نتائجها، خاصة مع تشظي اليسار المنشغل في صراعات داخلية بين قيادات اليسار الاشتراكي والراديكالي تمنعه من الاتحاد، فضلا عن عدم تَعافي اليمين الكلاسيكي، وعلى رأسه حزب "الجمهوريون"، رغم انتخاب رئيس للحزب مؤخَّرا.
وتحدث عدد من وزراء الحكومة عن قرب إقرار فرنسا لنظام حصص استقبال المهاجرين، والذي يعني أن الحكومة ستنتقي من بين المهاجرين من هي في حاجة إلى خدماته، رغم اعتراض وزيرة العدل على ذلك.
واستعرض رئيس الحكومة إدوار فيليب، اليوم الأربعاء، خلال اجتماع ضم 12 وزيرا، 20 إجراء يراد منها التشدد في قضايا الهجرة، بينها ترحيل المهاجرين السريين الذين رُفضت طلباتهم للحصول على الإقامة، فضلا عن إجراءات متشددة لمكافحة الهجرة السرية، مؤكدا أن هذه الإجراءات لها علاقة بـ"السيادة"، والتي تتجسد في ضرورة "السيطرة على سياسات الهجرة".
ومن بين الإجراءات الجديدة تعديلات على "المساعدة الطبية للدولة"، والتي يستفيد منها المهاجرون السريون، إذ تقرر زيادة مراقبتها لتجنب "كل أنواع الاحتيال"، فضلا عن فرض فترة انتظار تصل إلى ثلاثة أشهر فيما يخص "الحماية الصحية الشاملة"، وهو ما ترى فيه منظمات حقوقية وطبية رغبة من الحكومة في استثناء المهاجرين من العلاج.
ووفق الإجراءات الجديدة لن يتمكن المُهاجر من الجمع بين "المنحة المقدمة إلى طالب اللجوء" وبين "دخل التكافل الفعلي"، ما سيترجم في نقص إمكاناته المادية، وكذا التشدد مع المهاجرين لأسباب اقتصادية، والانفتاح على الطلبة الأجانب الذين أعلن رئيس الحكومة عن مضاعفة عددهم لأن "فرنسا تحتاجهم من أجل الإشعاع الثقافي والعلمي".
أما المهاجرون المتكدسون في أحياء العاصمة الفرنسية، والذين تتراوح أعدادهم بين 1500 و3000 شخص، فسيتم إجلاؤهم قبل نهاية سنة 2019، كما ستقوم وزارة الشؤون الخارجية بإحداث تغييرات في نظام الحصول على التأشيرات يسهّل عمليات الترحيل من خلال إرغام القنصليات الأجنبية في فرنسا على تسهيل عودة مواطنيها غير المرغوب فيهم إلى بلادهم.
وفيما يخص لمّ الشمل، فرغم أن الوضع لم يتغير كثيرا وفق الإجراءات الجديدة، إلا أن مراقبة مشددة ستمارَس من أجل "تفادي الزيجات الصورية"، وهو ما عناه رئيس الحكومة بالقول: "دورنا يتمثل في حماية الهجرة العائلية من خلال مكافحة بعض إساءات استخدامها"، أو "تأكيد الواجبات الصارمة والقوية، من أجل الحصول على الجنسية الفرنسية".