سجالات في المغرب بعد فتوى الريسوني حول مشروعية "قروض الشباب"

17 فبراير 2020
رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أحمد الريسوني (فيسبوك)
+ الخط -

أثارت فتوى رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، أحمد الريسوني، التي اعتبرت القروض الموجهة لدعم الشباب بنسبة فائدة مخفضة قروضاً "حسنة"، جدلا واسعا في المغرب، وخصوصا بين الإسلاميين، فيما بدا لافتا صمت مؤسسة الإفتاء الرسمية.

وبرزت الجدلية القديمة إلى الواجهة بعد أن أشاد الريسوني بمبادرة الحكومة المغربية خلال رده على تساؤلات حول الرأي الشرعي في الاستفادة من برنامج "انطلاقة" الحكومي لتشجيع البنوك على تقديم قروض بفائدة لا تتجاوز 2 في المائة للمقاولين الشباب في المدن، و1.75 في المائة في البادية لتمويل مشاريعهم.

وقال الريسوني في فيديو نشره الجمعة الماضية، على موقعه الإلكتروني: "من الواضح أنها ليست مبادرة ربحية تجارية حسب ما تعمل البنوك عادة، فهذه النسبة لا تعطي ربحا يذكر، وهذا توجه له وجهة شرعية محمودة، وهي تقديم القرض الحسن، سواء من الدولة أو من الأغنياء. هذا القرض إذا لم يكن قرضا حسنا فهو يقترب من القرض الحسن".

واعتبر الباحث في الشأن الديني، منتصر حمادة، أن بعض الآراء الدينية الصادرة عن فاعل سياسي أو ديني أو اقتصادي، بصرف النظر عن مرجعيته، تبقى آراء شخصية لا تلزم المجال العام، ولا تهم سوى هذا الشخص، والذين يدافعون عن رأيه.

وأوضح حمادة لـ"العربي الجديد"، أنه "يتعين التمييز بين أمرين في التفاعل مع الرأي الديني الصادر عن الريسوني، سواء تعامل معه الرأي العام باعتباره الرئيس السابق لحركة (التوحيد والإصلاح)، أو باعتباره الرئيس الحالي للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، يتعلق الأمر الأول بالنقاش الدائر بين الأوساط الإسلامية حصرا، ومفاده أن هذا الرأي يمكن أن يدرج مثلا في سياق مراجعات الخطاب الإسلامي الحركي، على غرار ما نعاين منذ سنين".


وأضاف أن الأمر الثاني "يخص سياقا أكبر وأعقد، عنوانه الإفتاء في المغرب، حيث إن هذا السياق تم حسمه بشكل نهائي بمقتضى النصوص القانونية التي تجعل الإفتاء عملية معقدة وحساسة، تسهر عليها مؤسسة تابعة للمجلس العلمي الأعلى، والتي تتبع بدورها لمؤسسة (إمارة المؤمنين)، بمقتضى الدستور والعرف والتاريخ".

وتعرض الفقيه المغربي الريسوني للعديد من الانتقادات عقب الفتوى، خاصة من قبل رموز السلفية، وصدرت أبرز الانتقادات عن الشيخ حسن الكتاني، الذي دعاه إلى التراجع عن "شرعنته" لقروض برنامج "انطلاقة".
وكتب الكتاني عبر "تويتر"، إن "فتوى الدكتور أحمد الريسوني عفا الله عنه، لا توافق النصوص الشرعية، ولا تقرير فقهاء الإسلام، فلعله يعيد النظر فيها بارك الله فيه"، موردا عددا من الاقتباسات الشرعية التي قال إنها أدلة على تحريم الربا بدون استثناء.


وقال الشيخ السلفي حماد القباج، في مقطع فيديو نشره عبر صفحته الرسمية في "فيسبوك"، إن "الربا يبقى ربا، ولو بـ0.5 في المائة، والفائدة محرمة، ولا مجال للكلام من الناحية التأصيلية والاجتهادية إلا في إطار فتح باب الضرورة من عدمه"، مضيفا: "الظلم الناتج عن الربا، والذي يجعل ثروة القلة تتضخم على حساب الكثرة، ويفرز لنا مجتمعين، صنف فيه يتنافس في الأكثر ثروة في العالم، وصنف يُزج به في أوحال الفقر والهشاشة بشكل يصل فيه الظلم إلى درجات مهولة".

في المقابل، اعتبر الشيخ السلفي عبد الوهاب الرفيقي، أن رأي الريسوني خطوة متقدمة، وصوت عاقل في سياق مكانة الرجل الاعتبارية عند تيارات وفئات المجتمع، لافتا في تدوينة على صفحته بموقع "فيسبوك"، إلى أنه كان يأمل أن يكون رأي الريسوني بشأن مشروع تيسير القروض للمقاولين وأصحاب المشاريع "بابا لفتح نقاش مقاصدي وموضوعي حول المعاملات البنكية الحديثة، وعلاقتها بالمفهوم التقليدي للربا، وليس فقط اعتبار هذه القروض من باب الإحسان".



وقال الشيخ السلفي عادل رفوش، إن "شيخنا أحمد الريسوني كان مسددا في فتواه، وفتح بها للمسلمين والشباب والمحتاجين خاصة، بابا من أبواب التيسير، وهذا لا ينافي كونه يرى ما يراه العلماء قاطبة، مما هو قطعي في الشريعة من تحريم الربا بكل صوره".

وأضاف رفوش، في فيديو بثه عبر صفحته في "فيسبوك"، أنه "حينما تسمع الفقيه يقول بأن هذه رخصة، فهذا دليل على أنه يقول بتحريم الأصل، وأن هذه الرخصة جاءت لدافع معين، وفي حيز ضيق، لسبب من الأسباب، كما يقال في عموم الرخص، كأكل الميتة، ودفع الغصة بجرعة خمر، وغيرها من الرخص".




دلالات