عمال النظافة في تونس يكافحون كورونا بالتنظيف والتعقيم

11 ابريل 2020
لا مفرّ من الوقاية (جديدي وسيم/ Getty)
+ الخط -
لا يتوانى عمال النظافة في تونس عن أداء مهماتهم على أكمل وجه، لناحية إزالة النفايات من الشوارع والأحياء، والتعقيم، مرتدين القفازات والأقنعة، فيما يعمل عناصر الشرطة من دون أي إجراءات وقائية، ما يزيد من احتمال إصابتهم بكورونا 

مع إعلان حظر التجوّل في غالبية المناطق التونسية، أغلقت مؤسسات ومنشآت خاصة وحكومية، إضافة إلى الورش الصغيرة أبوابها، وبات العديد من العمال عاطلين من العمل، والشوارع شبه خالية من المارة. لكن استُثنيت قطاعات عدّة من الإجراءات الوقائية المتخذة، التي يعمل فيها نحو مليون ونصف مليون عامل. وبات التنقل يقتصر على الأعمال الأساسية التي لا غنى عنها، ولا سيما أعوان الأمن وعناصر الجيش وعمّال النظافة والأطباء.

ولا يخلو حيّ أو شارع اليوم من عمال النظافة الذين يفوق عددهم 35 ألف عامل، تجنّدوا لتنظيف الشوارع وتعقيمها، وإزالة النفايات من الشوارع والنقاط التي تشهد تكدّس كميات كبيرة منها خلال وقت قصير. بل تضاعف عملهم خلال هذه الفترة. هؤلاء يواجهون خطر الإصابة بالفيروس للحفاظ على نظافة الشوارع.



في هذا السياق، يقول أنور (52 عاماً)، وهو أحد عمال النظافة لـ"العربي الجديد"، إنّه كان يعمل فقط خلال ساعات الصباح الأولى، ويكنس بعض شوارع العاصمة ويزيل النفايات. لكنه بات يعمل طوال اليوم حتى لا تتكدس النفايات في الشوارع. لا شيء يحميه خلال عمله سوى قفازات وقناع يغطي وأنفه وفمه. يشير إلى أنه بات يقوم بعمل مضاعف حتى يتمكن عمال آخرون من تعقيم الشوارع. ويحرص على ألا يضع يده على وجهه خلال العمل. ويوضح أنور أنه عزل نفسه عن عائلته في غرفة على سطح منزله. يستحمّ بمجرد أن يعود إلى البيت، ثم ينعزل في تلك الغرفة ليتجنّب الاختلاط بوالديه وزوجته وأبنائه، خوفاً من أن يكون مصاباً بالفيروس، وبالتالي ينقله إلى باقي أفراد أسرته، خصوصاً أنّه يتعامل يومياً مع كميات كبيرة من النفايات، ولا يعلم إن كان من يرميها مصاباً بالفيروس.

من جهته، يشير عامل النظافة عبد الرحمن إلى أن "العمل ساعات إضافية أهون من الخطر المحدق بنا الآن. لا بد من استمرار عمل عمال النظافة حتى لا يزداد الوضع الصحي سوءاً بسبب انتشار النفايات في الأزقة والأحياء". لكنّه يتمنى لو يلتزم الناس وضع النفايات في أكياس وإقفالها جيداً قبل رميها في الحاويات، خصوصاً خلال هذه الفترة، إذ إن عمال النظافة معرّضون أكثر من غيرهم للإصابة بالعدوى، بما أنهم يتعاملون مع نفايات قد يكون أصحابها الذين أمسكوا بها مصابين بالفيروس". ويشير إلى اتخاذ الجهات المسؤولة الإجراءات الوقائية، "فضلاً عن تدريبنا على كيفية حماية أنفسنا وغيرنا من هذه الجائحة". ويقول: "نحن مزودون بقفازات وكمامات للوقاية من الفيروس، ونعقّم يومياً حاويات النفايات بعد إفراغها في المكبات.

لكننا في حاجة إلى مزيد من المستلزمات الوقائية التي بات أغلبها مفقوداً في السوق. لذلك، اختار بعضنا عزل نفسه عن عائلته. حين أعود إلى البيت، أبقى في غرفتي متفادياً الجلوس مع العائلة أو الاختلاط بهم، لأنني قد أكون مصاباً بالفيروس بفعل عملي. لا أدري، هذا أفضل لي ولعائلتي".

ومع فرض العزل المنزلي والسماح بالخروج فقط للضرورة لشراء الطعام أو الأدوية أو غيرها من الاحتياجات الضرورية، إلا أن الناس كانوا يتجمعون في بعض الأسواق اليومية أو أمام المحال التجارية، ما دفع وزارة الداخلية إلى تكثيف الرقابة، وحضر العشرات من عناصر الشرطة لمنع تجمعات الأشخاص، أو توافدهم بأعداد كبيرة، وخصوصاً إلى الأسواق الأسبوعية. واللافت أن عناصر الشرطة كانوا يحتكون أكثر بالمواطنين من دون أي إجراءات وقائية، فلا قفازات، ولا حتى أقنعة لوقايتهم من خطر الإصابة بالعدوى.



على الرغم من تسجيل إصابتين بين أعوان الشرطة بفيروس كورونا الجديد، إلا أنّ أغلب العناصر الأمنيين ما زالوا يواصلون عملهم بشكل عادي. ويشير سيف الدين إلى أنّ "عملهم تضاعف، وخصوصاً في الجهات الداخلية التي تشهد تجمعات كبيرة خلال شراء المواد الغذائية. كان معظمنا يعمل من دون وقاية أو معرفة بأماكن أو نسبة انتشار الوباء، نظراً لعدم التزام الوافدين من الخارج الحجرَ الصحي. ولم تقيّم وزارة الصحة خطورة الوضع في تونس، وبات معظمنا متوجساً من أن يكون حاملاً للفيروس. لذلك، كان علينا الاختيار بين عدم العودة إلى المنزل يومياً، أو عدم الاختلاط بباقي أفراد الأسرة لحمايتهم".

من جهتها، تشير حنان ضيف الله إلى أنّ "شقيقها يعمل شرطياً، ويغيب أياماً عدّة عن البيت، بسبب تنقله في عدّة مناطق. فاختار عدم العودة إلى المنزل إلّا بعد نهاية هذه الأزمة. يقضي معظم وقته بعد العمل مع أصدقائه الذين يعملون في المهنة نفسها والذين اختاروا أيضاً الابتعاد عن عائلاتهم". يُذكر أنّ نقابة أمن مطار تونس قرطاج الدولي كانت قد لفتت إلى أنّ "أغلب الأمنيين الذين تعاملوا مع العائدين من الخارج باتوا يخشون لقاء عائلاتهم، في ظل غياب الإجراءات الوقائية".
دلالات