"زواج البنت سترة"..تحكمه ظروف الأسرة وعاداتها

29 فبراير 2016
الزواج بعيداً عن الإكراه (GETTY)
+ الخط -
تتصادم الأردنية روان أحمد (29 عاماً) مع والدها يومياً عبر نقاش لا يؤدي إلى اتفاق، بسبب ضغطه عليها وتمسكه برأيه بشأن تزويجها من شاب لا تريده.

وتقول روان لـ"العربي الجديد"، إن "والدي يخاف من أن يفوتني قطار الزواج. يقول إنه يريد مصلحتي ويحاول أن يجبرني على قبول آرائه بشأن الزواج".

من جهته، يقول والد روان، أحمد الفرا (60 عاماً): "أخاف على ابنتي وتهمّني مصلحتها، وقد مضى من عمرها الكثير، ويجب أن تقبل بما أختاره لها لأنني أعلم أين تكون مصلحتها، وما رأيته في حياتي كفيل بأن يجعلني قادراً على أن أختار لها".

وتكثر المقولات التي يكررها الأهل في ما يخص الزواج وسترة الفتاة، مثل: "لازم تتزوج بدري أحسن ما يفوتها قطار الزواج وتعنّس"، و"بابا السترة منيحة وأنا بدي أستر عليكِ"، و"همّ البنات للممات"، و"ستي بتقوللي زيي زيّك هينا تزوجنا صغار وخلّفنا ويا محلانا"، و"ليش تتعلمي ما آخرتك للمطبخ، اتزوجي وإنت صغيرة أحسن".

اقرأ أيضاً: الفقر أجبرها على الزواج باكراً

وتوضح الأردنية مها بسام (25 عاماً) بأنها لا تهتم للزواج بسرعة، بقدر ما يهمها أن تكون إنسانة ذات أثر إيجابي في مجتمعها. وتضيف أنها لا تجعل الزواج هدفها الأول والأسمى في حياتها، فهي تعلم أنه رزق و"سيأتي عندما يشاء الله"، وتذكر أيضا مقولة علي بن أبي طالب: "لا تربّوا أولادكم كما ربّاكم آباؤكم، فقد خلقوا لزمان غير زمانكم".

من جهته، يقول الاستشاري النفسي الأردني مراد حبايبة: "عادة ما تستخدم مقولة زواج البنت سترة في الثقافة الشعبية بانتقائية للنساء دون الرجال، ما يجعل الفتاة وأهلها يشعرون بالنقص أو العيب لمجرد كونها غير متزوجة فيكون زواجها ستراً لعيب اجتماعي، والمعنى هنا مخالف للمعنى الأصلي للستر بمفهومه الديني، وقد يدفع ذلك الفتاة للزواج من رجل غير كفؤ".

ويتابع الاستشاري النفسي لـ"العربي الجديد"، بأنه "ينبغي أن يكون الشريك -رجلا أو امرأة- مستقراً بذاته قبل الزواج، ناجحاً وسعيداً وناضجاً في الفكر والمشاعر والعلاقات والمسؤوليات، وإلا فإن إكراه الفتاة على الزواج باعتباره تخليصاً لها من العيوب والنقائص، يشعرها بأنها الطرف الأضعف، وعندها تنشأ علاقة تبعية لا علاقة شراكة متكافئة الحقوق والواجبات بين الطرفين".

ويضيف حبايبة أن إكراه الفتاة على الزواج من شاب لا تريده "سيشعرها بالمرارة والقهر، فالاقتناع الذاتي والرغبة وحرية القرار أمر أساسي في تركيبة النفس البشرية في الأمور الصغيرة، ناهيك عن الكبرى والمصيرية كالزواج".

اقرأ أيضاً: تأخر زواج الفتيات في تونس: أضرار نفسية واجتماعية

وبحسب حبايبة فإن "الأب يختار بناء على تجربته، والفتاة تختار بناء على تطلعاتها، ولكنّ حاجات المجتمع ومحددات الاختيار تطورت حالياً بشكل كبير، ويجب أن يكون صاحب الرغبة في الزواج هو نفسه الذي سينفذها، فإذا كان الأب صاحب الرغبة والفتاة التي ستنفذها، يخلق ذلك صراعاً".

وفي سياق متصل، تقول الاستشارية الأسرية أميرة أسعد: "في وضع الأسرة الطبيعية المستقرة لا تقال جملة زواج البنت سترة، لأن الأصول أن تكون الفتاة مستورة سواء كانت مرتبطة أم لا".

وتذكر لـ"العربي الجديد" بعض أسباب لجوء الأسر لتزويج بناتها بعمر صغير أو لرجل غير كفؤ، ومنها "تعرض الفتاة لاعتداء، فيكون الحل هو زواجها من المعتدي عليها"، كما تشير "للعادات والتقاليد وتدني المستوى الثقافي للأسرة، والاعتقاد بأن مصير الفتاة بيت زوجها ولا داعي لتعليمها، إلى جانب سوء الأحوال المادية وعدم قدرة الأسرة على الإنفاق عليها، أو لتدني المستوى الأخلاقي لدى الفتاة ما يدفع أهلها لتزويجها من أي شاب يتقدم لها بغض النظر عن مواصفاته".

وعن الأثر النفسي والجسدي على الفتاة مستقبلاً، تقول أسعد: "من ناحية طبية قد لا تكون الفتاة قادرة جسدياً على الحمل والإنجاب، فتتأثر فيزيولوجياً ويتأثر طفلها عند الولادة. ومن ناحية اجتماعية قد تكون غير مؤهلة فكرياً وتفاعلياً، ما يؤثر في علاقتها بأبنائها ومراحل نموهم، إضافة إلى ما يترتب على عدم تعليمها".

اقرأ أيضاً: مخاطر الزواج المبكر في فيلم لسوريات وأردنيات
المساهمون