عصابات تسوّل متخصصة في بغداد تستغل الفقراء والمشرّدين

02 نوفمبر 2016
التسوّل لا يقتصر على استجداء المال دائما(مارية تاما/Getty)
+ الخط -


تنتشر في العاصمة العراقية بغداد عصابات ومليشيات مسلحة متخصصة بالخطف والسطو المسلح، وتجارة المخدرات، والأعضاء البشرية، غير أن "تجارة التسول" ظاهرة جديدة على المجتمع العراقي بدأت ملامحها تتضح عبر استغلال الأطفال والنساء والفقراء المشردين من عصابات متخصصة.

عصابات التسوّل تنخر المجتمع العراقي منذ عام 2003، وتزايدت نشاطاتها بعد عام 2014 عقب اجتياح تنظيم "داعش" مساحات واسعة من البلاد، وظهور عشرات المليشيات والعصابات المسلّحة في مختلف مدن البلاد، وخاصة العاصمة بغداد.


وتقول مصادر أمنية في وزارة الداخلية العراقية إن "ظاهرة أخرى دخيلة على المجتمع العراقي وهي عصابات التسول، بدأت تنتشر في العاصمة بغداد وضواحيها، إذ يستغلّ ضعاف النفوس الأيتام والمشردين للتسول مقابل توفير مأوى لهم في مكان ما".

وتضيف المصادر لـ"العربي الجديد" أنّ الجميع يلاحظون عشرات المتسوّلين في تقاطعات الطرق والشوارع الرئيسية والأسواق، بعضهم بحاجة للمساعدة وبعضهم الآخر يعملون ضمن عصابات منظمة للتسول، تستغل إعاقتهم أو تشردهم وفقرهم الشديد لجمع المال".

وتستغل عصابات التسول النساء والأطفال المشردين بنسبة أكبر من الرجال والشباب لاستعطاف الناس، وحثهم على دفع المال، وفي نهاية اليوم يحمل المتسوّلون المال لمرؤوسيهم مقابل توفير الطعام والمأوى لهم.

وتروي أم حسيب (39 عاماً) أنّ عصابة للتسوّل استغلت فقرها الشديد وتشردها، وأجبرتها على العمل معها، ضمن مجموعة كبيرة من المتسوّلين، أغلبهم نساء وأطفال صغار.

وتقول أم حسيب "تجبرنا هذه العصابات على العمل معها مقابل الطعام والمأوى، والهدف هو جمع المال. وأحصل في اليوم الواحد على مبلغ يتراوح بين 50 -70 ألف دينار من التسول، أعطيه للعصابة مقابل توفير الطعام والمأوى لي".

لكنها كشفت أن عصابات التسول لا تستغل الأطفال والنساء فقط في التسول، بل في أمور أخرى أشد خطراً منها تجارة الأعضاء البشرية والمخدرات والاستغلال الجنسي.





ويعتبر باحثون أن انتشار التسول عموماً، وتحوّله إلى عمل عصابات منظّم يستغل المشّردين والفقراء، بات ظاهرة اجتماعية خطيرة لم تجد لها الحكومة حلولاً جذرية، وسببها الأول الفقر الشديد وترهل الأمن.


وفي هذا السياق، يوضح الباحث الاجتماعي عبد الصمد القريشي أنّ "ظاهرة عصابات التسوّل ليست جديدة، لكنها تطوّرت خلال السنوات الأخيرة مع ترهل الأمن، وتسلّمتها عصابات منظمة تستغل النساء والأطفال المشردين على شكل مجموعات تجوب الشوارع والطرقات والأسواق لجمع المال، وهذه كارثة اجتماعية بحد ذاتها".

ويشير القريشي إلى أنّ "هذه الظاهرة الخطيرة تخفي خلفها ظواهر أشد خطراً، منها تجارة الأعضاء البشرية، والمخدرات، والدعارة، واستغلال الأطفال حتى في أعمال العنف. وهذه الظاهرة تهدد النسيج الاجتماعي العراقي على المدى القريب والبعيد، ولا بد من وضع حلول جذرية لمعالجتها اجتماعياً أمنياً".

ويُعدّ ذوو الإعاقة والأطفال والنساء أبرز أدوات التسول المناسبة للعصابات، لكن الجهات الأمنية تعتبر أن هذه العصابات، تشكل خطراً أمنياً كبيراً على البلاد، فضلاً عن المخاطر الاجتماعية.

وكانت وزارة الداخلية العراقية، قد اعتقلت في أوقاتٍ سابقة عدداً من المتسولين تبيّن انخراطهم في عصابات مسلّحة، هدفها التلاعب بالأمن العام عبر المتسوّلين. في حين تشن قوات الأمن حملات دهم وتفتيش بين الحين والآخر على بعض فنادق العاصمة التي يقطنها المتسولون.

وكشف الناطق باسم وزارة الداخلية سعد معن في وقت سابق أن "هناك من يشرف على عمل المتسولين في بغداد، ويوجههم ويوفر لهم الحماية من أجهزة الأمن العراقية".

لكن أجهزة الأمن لا تستطيع منع ظاهرة التسول نهائياً نتيجة انتشار الفقر والتشرد في عموم البلاد، غير أنها تحذر هؤلاء المتسولين باستمرار من الاقتراب من الدوائر والمؤسسات الأمنية، حسب مصادر من وزارة الداخلية العراقية.

ويقول خبراء أن انتشار ظاهرة التسول واستغلال المتسولين من عصابات منظمة يتزامن مع ارتفاع عدد الأيتام في العراق إلى أكثر من 5 ملايين يتيم، ونحو أربعة ملايين أرملة، وآلاف المشردين، وعشرات آلاف العاطلين عن العمل، ما يعزز هذه الظاهرة ويزيد من انتشارها.


المساهمون