أولويّة الإيرانياّت لمواد التجميل وليس صحّتهن

04 نوفمبر 2014
معظم مواد التجميل تدخل إيران عبر مهربين (فرانس برس)
+ الخط -
تنتشرُ محال بيع أدوات التجميل بمختلف أنواعها بشكل كبير في المدن الإيرانية الكبرى. في هذا البلد، تستطيع السيدات الحصول على أي منتج خاص بالزينة مهما كان مصدره، علماً أن الكثيرات يبالغن بالتزين. وتُشير الإحصائيات الرسمية إلى أن إيران "تحتل المرتبة الثانية في الشرق الأوسط، والمرتبة الرابعة عالمياً من حيث استخدام مواد التجميل. وتستخدم نحو 14 مليون امرأة هذه المواد، وينفقن نحو 1.2 مليار دولار من أصل 2.7 مليار من معدل مبيعات مواد التجميل سنوياً في الشرق الأوسط.
ولا يقتصر هذا الاستخدام على الراشدات. المراهقات بدورهن يضعن مواد التجميل أو الماكياج على وجوههن، حتى إن الأمر لم يعد ظاهرة. في السياق، يقول المتخصّصون في علم الاجتماع إن "لكل ظاهرة من هذا النوع، تحتل مراتب متقدمة في المنطقة والعالم، أسباباً محددة". ويعزو رئيس نقابة الأطباء النفسيين أحمد جليلي الأمر إلى "عدم ثقة الكثير من الإيرانيات بأنفسهن"، لافتاً إلى أن "إكثار المراهقات من استخدام هذه المواد يستحق التوقف عنده ومعالجة أسبابه". إلا أنه أوضح أن "استخدام مواد التجميل، ولو كان مبالغاً فيه، لا يعد مرضاً نفسياً. لكنه ظاهرة تحمل دلالات تتطلب من المتخصصين الاجتماعيين التوقف عندها، بخاصة أن وضع الماكياج بكثرة، والإدمان على استخدامه، يدل على عدم رضا عند الكثير منهن".

أسعار معقولة
من جهة أخرى، ترتبط ظاهرة استخدام مواد التجميل بوفرتها في البلاد، وأسعارها المعقولة، التي تختلف بحسب العلامة التجارية. بعض أدوات الزينة تباع في الشوارع وليس في محال متخصصة، وأسعارها زهيدة علماً أنها تحمل أسماء شركات أجنبية. واللافت أن السيدات يقبلن عليها كثيراً، رغم أنهن يعرفن أنها "مقلّدة".
في المقابل، يحذّر أطباء الجلد من استخدام مواد التجميل المقلدة، لأنها تؤدي إلى ظهور البثور على الوجه، وأحياناً الحساسية والالتهابات الجلدية وغيرها. ويقولون إن "الإكثار من استخدام مواد التجميل، حتى تلك التي تعد من الدرجة الأولى، أمر مضر بالصحة على المدى الطويل، فكيف باستخدام مواد لا تراعي معايير السلامة ولا تخضع للرقابة؟".
بطبيعة الحال، يرغب العديد من الإيرانيات باستخدام أدوات التجميل التي تراعي هذه المعايير، إلا أن أسعارها المرتفعة تجعل الكثيرات غير قادرات على شرائها، فيلجأن إلى تلك التركية أو الصينية أو التايلندية التي تغزو الأسواق الإيرانية وتباع بأسعار مناسبة.
ويتساءل البعض عن كيفية دخول هذه السلع في الوقت الذي تخضع فيه البلاد للعقوبات. يقول أحد الباعة إن "التجار يستطيعون الحصول على جميع المواد التي يريدونها من تركيا أو حتى من الإمارات. بهذه الحالة، تعتبر المواد أصلية وتدخل البلاد من خلال عمليات استيراد رسمية. لكن هذا يعني أن أسعارها ستكون مرتفعة بسبب الضرائب الجمركية". يضيف أنه "رغم تأثر السوق نسبياً، إلا أن بعض التجار يقطنون في قرى على الحدود الإيرانية ــ التركية، وهذا أمر معروف للجميع. وبالتالي، يستطيعون إدخال أطنان من مواد التجميل. ويملك هؤلاء التجار ورشاً خاصة، يقومون فيها بتعليب وإعادة تغليف العديد من هذه المواد، وإدخالها إلى السوق الإيرانية على أنها مواد أصلية، وحتى إنه يتم تسمية بعضها باسم ماركات معروفة".

تهريب
وقبل فترة قريبة، قال الأمين العام للمؤتمر الوطني للصحة والسلامة حسين نور الدين حاج حسيني لوكالة أنباء "مهر"، إن "80% من مواد التجميل الموجودة في السوق تدخل إلى إيران عبر مهربين"، وقال إن "الكثير منها لا يراعي معايير الصحة والسلامة، وهو ما قد يؤثر سلباً على صحة الإيرانيات". أضاف: "يجب تكثيف عملية التوعية للمواطنات بالدرجة الأولى، وإعلامهن بأخطار استخدام هذه المواد، وحضهن على شراء تلك التي تراعي معايير السلامة العامة حفاظاً على صحتهن، ما قد يساعد على الحد من هذه الظاهرة بشكل أو بآخر".
كذلك، نشرت مراكز صحية عدة تقارير تحذر المواطنات الإيرانيات من شراء مواد تجميل لا تراعي المعايير الدولية. وعمدت مؤسسة الصحة الدوائية والغذائية الوطنية إلى توحيد ملصقاتها على البضائع المكفولة في السوق الإيرانية، ومنها مواد التجميل. وكخطوة استباقية، طالبت السيدات عبر إعلانات توعوية بعدم شراء أي نوع من مواد التجميل لا يلصق عليه هذا الشريط. لكن ذلك لم يمنع كثيرات من الإقبال على ماكياج أرخص ومتوفر في السوق.
دلالات
المساهمون