هكذا عاش أهالي سيناء عيد الأضحى

25 اغسطس 2018
صغار العريش لم يشعروا بالعيد (خالد دسوقي/ فرانس برس)
+ الخط -


قبل أيام، احتفل المصريون بعيد الأضحى، في ظلّ منغّصات كثيرة. ويبقى أهالي سيناء أكثر الذين تكدّروا خلال هذا العيد، نظراً إلى الظروف الاستثنائية التي تعيشها محافظتهم.


مرّة جديدة، قضى أهالي سيناء عيد الأضحى المبارك في ظل حالة إنسانية صعبة للغاية. فالعملية العسكرية الشاملة التي يخوضها الجيش المصري منذ التاسع من فبراير/ شباط الماضي غيّبت الفرحة عن المواطنين وجعلت أيام العيد أشبه بأيامهم العادية، إذ إنّهم لم يتمكّنوا من التزاور نظراً إلى عدم توفّر البنزين لملء خزّانات سياراتهم، في حين أنّ كميّة الأضاحي قلّت بخلاف العادة. لطالما اشتهر أهالي سيناء بحرصهم على التضحية في كلّ عام.

جهاد الفواخري، سائق في مدينة العريش، يؤكد أنّ "سيناء لم تعد تعرف الأعياد"، قائلاً: "على الرغم من أنّ سيناء كانت تتميّز خلال العقود الماضية بطقوسها الخاصة بالعيد والتي تختلف عن بقيّة محافظات مصر، فإنّها لم تعد تشعر بالعيد ولا بالمناسبات الوطنية أو الدينية في ظل العمليات العسكرية المتواصلة. وهذا ما يجمع عليه سكان المحافظة بمعظمهم". يضيف الفواخري لـ"العربي الجديد" أنّ "العمليات أوقفت الحياة في المحافظة، فالمواطن لم يعد قادراً على شراء الأضحية ولا حتى على التزاور، في حين بات السفر إلى المحافظات الأخرى عذاباً".

ويتابع الفواخري أنّه "على الرغم من عدم حاجة المواطنين إلى تنسيق مسبق من أجل السفر من العريش إلى المحافظات المصرية الأخرى، فإنّ عدم توفّر الوقود لسيارات المواطنين حال دون سفرهم وقضاء إجازة العيد في المناطق التي اعتادوا قضاء العطل الماضية فيها. إلى ذلك، رضخ عشرات إلى ابتزاز السائقين، من خلال دفع مبالغ مالية إضافية للتنقل من العريش وإليها خلال أيام العيد. وهذا يتعارض مع التسعيرة التي وضعتها إدارة المحافظة بالتنسيق مع وزارة النقل والمواصلات". ويشير إلى أنّ "الأمر أدّى إلى إلغاء عشرات المواطنين سفرهم وزياراتهم".

يُذكر أنّ المياه في مدينة العريش كانت تصل يومياً إلى المنازل لساعات عدّة، وفقاً لجدول منشور، لكنّها تأخّرت خلال العيد وفي الأيام التي سبقته، الأمر الذي اضطر عشرات من الأهالي إلى شراء المياه نظراً إلى حاجتهم إليها لتنظيف منازلهم والتهيؤ لاستقبال العيد، عدا عن أنّها ضرورة في الأضاحي لتنظيف أماكن الذبح.




في مدينتَي رفح والشيخ زويد، عاش المواطنون أوّل أيام العيد بلا تيار كهربائي، بعد انقطاع خط الكهرباء الذي يغذّي المدينتَين، في حين تأخرت طواقم الصيانة في إصلاح الخلل. أتى ذلك في ظل إغلاق شامل من قبل الجيش، الأمر الذي جعل المواطنين في ظلام دامس نظراً إلى عدم توفّر بدائل عن الكهرباء. وغابت الزيارات العائلية في معظم قرى مدينتَي رفح والشيخ زويد، بسبب عدم تحرك السيارات حتى تلك التي تعمل بنظام الأجرة، لعدم توفّر الغاز والبنزين، الأمر الذي جعل العيد منقوصاً أو حتى غائباً بحسب سكانهما.

في سياق متصل، تواصلت الغارات الجوية على مدن رفح والشيخ زويد وعلى أطراف مدينة العريش، طيلة أيام العيد، إذ إنّ الطائرات الحربية قصفت أهدافاً مجهولة وأراضي زراعية، الأمر الذي تسبب في حالة من الذعر في صفوف المواطنين وأنهت الأمل بالاحتفال بطقوس العيد. يُذكر أنّ القصف يكون غالباً بطريقة عشوائية، ما يجعل أيّ مواطن أو سيارة عرضة للاستهداف. ولم تتوقف الحملات العسكرية على قرى رفح والشيخ زويد خلال أيام العيد، فكانت هجمات كذلك من قبل تنظيم ولاية سيناء الموالي لتنظيم "داعش" الإرهابي، الأمر الذي أوقع خسائر بشرية ومادية في صفوف قوات الجيش خلال الأيام الماضية.

تعليقاً على ذلك، يقول مصدر حكومي في مدينة العريش لـ"العربي الجديد"، إنّ "كل طلبات المواطنين المتعلقة بالحياة اليومية وقضاء العيد بالشكل المناسب الذي اعتادوا عليه قبل العمليات العسكرية، ما زالت مطروحة على طاولة الحاكم العسكري، لكنّها لم تلقَ أيّ جواب حتى هذه اللحظة. وهذا ما انعكس سلباً على شكل عيد الأضحى هذا العام، تماماً كما كانت الحال خلال عيد الفطر. فالعملية العسكرية الشاملة مستمرة منذ التاسع من فبراير/ شباط الماضي". ويشير المصدر نفسه إلى أنّ "تعنّت القيادة العسكرية في تسهيل حياة المواطنين بسيناء يشي بعدم وجود تغيير في سياسة التعامل مع المواطنين المتّبعة منذ خمسة أعوام، على الرغم من الوعود التي قدمتها القيادة العسكرية التي زارت سيناء".




ويتابع المصدر نفسه أنّ "القرار الوحيد في سيناء في هذا العيد تمثّل بتخفيض ساعات حظر التجوّل في أوّل أيام العيد، حتى يتمكن المواطنون من أداء صلاة العيد في الساحات والمساجد. لكنّ الإشارة تجدر إلى أنّ هذا القرار لم يُنفّذ في مناطق سيناء كلها، إذ إنّ الرصاص العشوائي والقذائف في صبيحة أول أيام العيد منعت آلاف المواطنين من أداء الصلاة في مدينتَي رفح والشيخ زويد". ويؤكد أنّ "محافظ سيناء لم يتمكن من انتزاع أيّ قرار إيجابي من القيادة العسكرية لمصلحة المواطنين".