متطوعات في "الخوذ البيضاء"

27 ابريل 2017
خلال إحدى حملات التوعية (عن فيسبوك)
+ الخط -
"العمل الإنساني دفعني إلى التطوّع في صفوف الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء). فالمرأة السوريّة جزء فاعل في الثورة". هذا ما تقوله أم إسماعيل، المتطوّعة في صفوف الفرق النسائية لدى منظّمة الدفاع المدني السوري. كانت قد تطوّعت في المركز قبل نحو عامين، في بداية شهر مارس/ آذار، والتحقت بمركز النساء في ريف حماة الغربي وسط البلاد. اليوم، تقدّم الإسعافات الأوليّة لجرحى الحرب والمصابين من جرّاء حوادث أخرى.

تقول أم إسماعيل: "ما دفعني إلى الالتحاق بالدفاع المدني أساساً، أنّه عمل إنساني يخدم جميع المدنيين في المنطقة من دون تمييز، كما أنني أملك خبرة كافية في مجال الإسعاف والإنقاذ، وقد قُبل طلبي بسبب خبرتي وعملي في المجال نفسه، وقدرتي على تحمل هذه الأعمال". اليوم، أم إسماعيل في الرابعة والثلاثين من عمرها، ولديها ثلاثة أطفال. سابقاً، كانت تعمل ممرضة في مراكز طبيّة عدة في مدينة حماة وريفها.

توضح أم إسماعيل، أنّها لم تتطوّع من أجل المال، وإن كانت تدرك تماماً أنّ متطلّبات الحياة كثيرة، عدا عن حاجة أطفالها إلى رعاية. اليوم، تحصل على مكافأة شهرية قيمتها 150 دولاراً أميركياً. في المركز النسائي، تتولّى تضميد الجروح وتجبير الكسور ومداواة الحروق وغيرها من الإصابات، وذلك بعد إسعاف فريق الإنقاذ الجرحى من جراء القصف الذي تشنّه قوات النظام السوري.

ولا يقتصر عمل نساء الدفاع المدني على إسعاف جرحى الحرب، بل المصابين أيضاً نتيجة حوادث السير وغيرها ممّا قد يتعرض له المواطنون في يوميّاتهم. وتواجه أم إسماعيل وفريق الإنقاذ النسوي صعوبات كثيرة بسبب قلّة المعدات الطبيّة، وهي أساسية في عملهنّ كمسعفات، بالإضافة إلى القصف المتكرّر على المنطقة الذي كثيراً ما أعاق عمل الفريق.
تجدر الإشارة إلى أنه كان للفريق النسائي دور كبير في الإسعافات الأوليّة، خصوصاً بعد القصف وإصابة نساء، فساهمن في إسعافهن.

وعن نظرة المجتمع لعمل النساء في مجال الإسعافات، توضح أم إسماعيل: "في بداية عملي، كانت نظرة المجتمع سلبيّة، إذ اعتاد الناس على الرجال كمسعفين. لكنّ في وقت لاحق، تغيرت نظرة المجتمع للمرأة وباتت أكثر إيجابيّة بسبب الأعمال والخدمات التي تقوم بها، خصوصاً إسعاف النساء المصابات".

هدايا في ختام المحاضرة (عن فيسبوك) 


بدورها، تقول العضو في مركز الدفاع النسائي في مدينة الأتارب في ريف حلب الغربي، ميساء عجم (34 عاماً)، لـ "العربي الجديد"، إنّها وغيرها يتعاملن بلباقة مع المصابين، لافتة إلى أنّ عمل الفريق لا يقتصر على إسعاف مصابي الحرب. تضيف: "نحن في مركز الأتارب ثمانية عناصر نستقبل المصابين من جراء القصف، والمرضى، بالإضافة إلى المصابين نتيجة حوادث السير وغيرها".



ميساء، وهي أمّ لطفلين، كانت قد تقدّمت بطلب للانضمام إلى الدفاع المدني، ووافق المعنيون على طلبها بعدما اجتازت الاختبارات بنجاح. تقول إنه يجب أن تتوفر لدى المتطوع شهادة علمية، وشهادة خبرة في التمريض لا تقل عن ثلاث سنوات، وغيرها، على ألّا يقل العمر عن 35 عاماً. نجحت ميساء في اجتياز الاختبارات، وقد مثلت أمام لجنة مؤلّفة من عدد من المتخصصين في مجال التمريض. اليوم، تقدّم الإسعافات الأولية في المركز، مشيرة إلى أن أعضاء المركز مدربون بشكل ممتاز ومستعدون لمواجهة أي حالة طارئة.

إلى ذلك، يقول المسؤول الإعلامي في الدفاع المدني عن قطاع حماة الشمالي، أبو المقداد الحموي، لـ "العربي الجديد": "منظومة الدفاع المدني أنشأت مراكز نسائيّة إيماناً منها بقدرة العنصر النسائي وضرورة وجود النساء ضمن تشكيلاتها وفرقها. اخترنا الأفضل من بين المتقدمات بطلبات للعمل معنا. حالياً، يوجد في كلّ مركز ما بين ثماني وعشر نساء مسعفات، ويساهمن أيضاً في تنظيم حملات توعوية".

وفي ظلّ رغبة النساء الشديدة في الانتساب إلى الدفاع المدني، كان لابدّ من وضع شروط قاسية، منها الخبرة في مجال التمريض والإسعاف، أو الخضوع لدورات في الإسعافات الأولية والتمريض. وتساعد فرق الدفاع المدني مديرية الصحة التابعة للحكومة السورية المؤقتة، بهدف تشكيل لجنة الاختبار التي تقوم بفحص طلبات الانتساب، والتدقيق في حملة الشهادات العلمية.

ويوضح مصدر في الدفاع المدني أن الشهادة العلميّة ليست شرطاً غير قابل للبحث، لافتاً إلى أن الأساس هو النجاح في الاختبار. ويلفت إلى أن اللجنة كشفت بعض الشهادات المزورة، وهذا ليس غريباً بسبب ما تواجهه البلاد. وتعدّ فرق الدفاع المدني في سورية من أهم الفرق التي تساهم في تقديم العون للمدنيّين. وتواجه محاولة تشويه سمعتها من النظام السوري وحلفائه، فضلاً عن استهدافها بشكل متكرر ومتعمّد من الطيران الحربي، الأمر الذي أسفر عن سقوط عشرات من المتطوعين بين قتيل وجريح.
ويبدو أن المرأة السورية مصرّة على استكمال ما بدأته مع الثورة السورية، فدورها لم يعد ثانوياً.

المساهمون