كارثة حلب تتواصل: لا غذاء ولا دواء ولا أكفان

26 سبتمبر 2016
نقص المواد الغذائية في حلب (كرم المصري/فرانس برس)
+ الخط -
تصاعدت الهجمات الجوية على مدينة حلب وريفها من قوات النظام وحليفه الروسي، لاسيما في الأحياء الشرقية، ما أدى إلى وقوع مئات القتلى والجرحى وسط شح في الأدوية ومستلزمات الإسعاف، إضافة لمنهجية الحصار وارتفاع الأسعار بسبب قلة المواد الغذائية، ما جعل وضع حلب خلال الـ72 ساعة الأخيرة، الأسوأ على الإطلاق منذ اندلاع الثورة السورية.


ويقبع نحو 325 ألف مدني، في مدينة حلب، محاصرين من قوات النظام السوري، وسط صمت دولي واختراقات لهدنة روسية-أمريكية، كان من المقرر أن يلتزم بها النظام وحلفاؤه، لكنها لم تصمد سوى أسبوع واحد، ليخترقها الطيران الحربي بقصف مكثف على أحياء حلب المحاصرة، منذ التاسع عشر من شهر سبتمبر/أيلول الجاري، وأتبعها بشن حملة عسكرية على الأحياء الشرقية للمدينة باعتبارها "معقل الإرهابيين"، حسب قوله.

وقال رئيس مجلس مدينة حلب، بريتا حاج حسن، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الوضع الإنساني في حلب، خلال الأيام الأخيرة، كارثي، بسبب القصف المكثف من قوات النظام على أحياء المدينة، والتي كان آخرها استهداف مشفى عمر بن عبدالعزيز الميداني، اليوم الإثنين، ما أدى لخروجه عن الخدمة"، معتبراً أن "حجم الكارثة يتفاقم بشكل غير مسبوق، نتيجة الاستهداف الدائم للمشافي ومراكز الدفاع المدني والمنشآت العامة ومستودعات الدواء والأغذية".


من جهته، قال مدير المكتب الإعلامي في الدفاع المدني لحلب وريفها، إبراهيم أبو الليث، لـ"العربي الجديد"، إن "القصف خلال الـ72 ساعة الأخيرة كان عنيفاً جداً وأن الوضع مزرٍ للغاية، فقد تم استهداف الأحياء بالقنابل العنقودية والقنابل الفسفورية ما أدى لقلب الليل إلى نهار نظراً لكثرة الحرائق".

وتابع أبو الليث: "يقصف الطيران الحربي مدينة حلب بصواريخ ارتجاجية، تدمر أحياء بأكملها، ما أسفر عن مقتل أكثر من 323 مدنياً خلال الـ72 ساعة الأخيرة، بينهم 11 شخصاً اليوم، وإصابة أكثر من 1400 آخرين، وقد وقفت معظم المشافي عاجزة عن الإسعاف بعد خروج معظمها من الخدمة".


وأصدر مجلسا محافظة ومدينة حلب، اليوم، بياناً ناشدا فيه "جميع المنظمات والناشطين والبرلمانيين التحرك والتضامن مع آلام ودماء أطفال سورية ونسائها وشيوخها ورجالها، للضغط على حكوماتهم والأمم المتحدة لوضع حل سريع للأوضاع، وفك حصار حلب"، كما طالب البيان بـ"الحراك المتواصل والاحتجاج السلمي، وإعلان يوم 30 من الشهر الجاري، يوماً لنصرة أهل حلب".

وأكّد رئيس مجلس مدينة حلب، أنه "تم قطع الطرق الرئيسية في المدينة نظراً لشدة القصف، ما أدى لجعل الحركة شبه مشلولة بالمدينة"، متابعاً "لم يكتف النظام بقطع طرق إمداد المواد الغذائية وقصف المشافي والمراكز الحيوية، بل قصف محطة النيرب لضخ المياه الرئيسيّة التي تغذي مناطق حلب المحررة، في 22 من الشهر الجاري، ما أدى لقطع المياه، واعتماد المدنيين على الآبار وهي ملوثة بنسبة 90 في المائة".

وتابع مسؤول إعلام الدفاع المدني: "خرجت ست آليات للدفاع المدني من الخدمة بسبب الحصار المطبق منذ شهرين، وبسبب قصف النظام المتعمد على المراكز، كما أصيب فريق كامل للدفاع المدني، إصابات معظمها خطيرة. ولا تزال أكثر من 20 جثة تحت الأنقاض، نحاول سحبها بأيدينا بعد تعطل معظم الآليات، وإن استخدمنا بعض الآليات المتوفرة يكون بصعوبة كبيرة بسبب أكوام الركام الكبيرة".

"لا يوجد رقم حقيقي للمصابين جراء القصف في الأيام الثلاثة الأخيرة"، عبارة بدأ بها محمد سلام، أحد سكان مدينة حلب، حديثه لـ"العربي الجديد، معللاً سبب صعوبة الإحصائية بـ"كثافة القصف وخروج معظم المشافي ومراكز الدفاع المدني وآلياته من الخدمة، فقد تجاوز عدد الجرحى 1500 مدني، بينهم عدد كبير من حالات البتر بسبب غياب الأطباء".

وأبدى سلام حزنه الشديد لـ"سوء الوضع الطبي في حلب"، موضحاً أن "معظم عمليات إسعاف الجرحى تكون في ممرات المشافي الميدانية والمراكز الصحية الصغيرة"، كما أشار إلى الشُح في كافة الأدوية الإسعافية نتيجة الضغط غير المتوقع وغير المسبوق، وأنه يصعب وصف الوضع الراهن الذي باتت فيه "حتى أكياس الجثث مفقودة".

وبالتوازي مع ذلك، بدأت قوات بشن حملة على أحياء مدينة حلب الخاضعة لسيطرة المعارضة، للضغط على المدنيين من خلال حرمانهم من أقل مقومات الحياة، وسلوك طريق التجويع الممنهج، في محاولة منها للسيطرة على حلب في وقت زمني محدد، ما جعل الناس تشعر باليأس.

وقالت أم محمود الحلبية، وهي أم لخمسة أطفال، من أحد أحياء حلب المحاصرة لـ"العربي الجديد": "الوضع في المدينة سيء جداً، رضينا بالجوع، لكن القصف ليلاً ونهاراً أمر يصعب احتماله"، متابعة "يزداد القصف بالطيران مساء ولا نعلم أين نختبئ، فمنا من يلجأ إلى الأقبية، وبعضنا يضطر للبقاء في المنازل، لا نعرف أين نختبئ".

وندد الائتلاف الوطني لقوى المعارضة، يوم السبت بالمجازر التي يرتكبها النظام بمساندة الطيران الحربي الروسي في حلب، معتبراً أنهما يسعيان لتدمير العملية السياسية، وطالب "المجتمع الدولي بالتحرك لوضع حد لذلك الوضع".