صورٌ للخوف

23 ابريل 2016
"أنتِ تبالغين" (Getty)
+ الخط -

كأنّها تبحثُ عن شيء ما في الهراء. ربّما تفتّش عن معنىً لروحها في الكون. لماذا هي فيه؟ لا تبدو مقتنعة بعد. كان يمكن للحياة أن تتابع مسارها من دون أية رسالة منها. تحمل وسادةً وتُقنع نفسها بأنها ثقيلةٌ كفاية حتى تسقط فوق رأسها فتقع على سريرها. ترغبُ في الانهيار. ويعني هذا بالنسبة إليها أن تسقط أرضاً، وتكون أطرافها طريّة مثل لحم نيىء سحبت منه الروح. تسقط مغمضة العينين وتنتهي هنا. كانت منهارة من دون أن يحصل هذا المشهد. بدت متعبة من انهيار لا تكتمل طقوسه. كيف تقنع الآخرين بأنها عاجزة عن المشي فيما لا تعاني من أي مرض؟ تحرّك قدميها ولا تمشي. قبلَ أن يكون فعلاً حركيّاً، المشي هو هدف. وما من مكان في سماء أو أرضٍ تريد الوصول إليه.

تنوح بلا تصنّع. كانت تشعر بأن الدموع تخرج من قلبها، ولن تنتهي هذه الكميّة بمجرد بكاء عاديّ. هذه صورتها في أي يوم. تراها وحدها. لا تدفنها لكن الآخرين لا يرونها. ما من داءٍ مرئي فيها. وكأنّ الآخرين يرون الخلايا السرطانية وهي تتضاعف على وجوه المصابين بالسرطان.

---

كادَ أن يصل إلى المكان. كان هذا قبل سنوات. ظنّ حينها أن كل شيء يسير على ما يرام، وقد نجا من مرض الحياة. صباح كلّ يوم، ينظر إلى وجهه ويبحث في ملامحه عن مؤشرات. هو مقبلٌ على الحياة، وهذا كاف لطمأنته. لكنه لم يصل. ما حدث معه كان عادياً. أزمةٌ قد تصيب جميع الناس، وربّما أصابتهم. من بعدها، خسر جزءاً منه وبات أكثر من كائن في جسد. أدرك حينها أن الجسد لا يحتمل إلا كائناً واحداً. وها هو يمضي أيامه محاولاً طردها. يصرخ ويبكي متوسلاً إليها أن ترحل. كادَ أن يحقّق حلمه لولا هذه الأزمة العادية.

---

هما كائنان طبيعيّان. وهذه الصورة التي يخبّئها كلّ منهما داخل جسده هي اكتئاب لا أكثر. كلمة نردّدها كثيراً في يومياتنا، وإن كانت قادرة على قتل الروح والجسد معاً. الاكتئاب مرض يصيب الكثير من الناس في جميع أنحاء العالم. يؤثّر على التركيز والرغبة وجهاز والنوم والكثير غيرها. يصعب اختصاره في بضع كلمات. لكن في أسبوع التوعية حول الاكتئاب، ربّما يفضل "المكتئبون" صمت المحيطين بهم على قول عبارات مثل: "أنتَ/أنتِ تبالغ/تبالغين. ما من سبب للبكاء. لديكَ/لديكِ مشكلة في التركيز. لستَ/لستِ وحدكَ/وحدكِ من يعاني..". فرقٌ بين المعاناة والاكتئاب، وفرقٌ بين الإهمال والاكتئاب.

هؤلاء يعيشون بمحاذاة الخوف. وحدهم يرون صوراً للخوف. لكن الآخرين قد لا يسمعون ما يقولونه لهم. وإذا ما سمعوا، لا يصدقون. يقول الكاتب أندرو سولومون إن الاكتئاب هو "مثل الرغبة في التقيؤ من دون أن يكون لديك فم".

المساهمون