"ذهب الزوجة" في غزة... ثروة اليوم الأسود

08 يونيو 2020
بيع الذهب يفوق شراءه في غزة (عبد الحكيم أبورياش)
+ الخط -
ينتظر الشاب الفلسطيني بلال الحلاق (32 سنة) الفرصة للحصول على أفضل سعر لبيع الذهب في أسواق قطاع غزة، حتى يتمكن من بيع الذهب الخاص بزوجته، والذي اشترته من مهرها حين زواجهما قبل نحو عشر سنوات.

ويلجأ كثير من الأزواج في القطاع المحاصر إلى الاستعانة بذهب زوجاتهم كوسيلة لتجاوز أزماتهم المادية، أو لبناء منازلهم، أو افتتاح مشاريع صغيرة تعينهم على ظروف الحياة القاسية، وتقسّم العائلات الفلسطينية مهر الزواج بين شراء الذهب والملابس والمستلزمات الأخرى للزوجة، ويحظى شراء الذهب بنحو ثلثي مبلغ المهر عادة.

وقال بلال الحلاق لـ"العربي الجديد" إنه يعمل بأجرة يومية في مهنة الكهرباء، وبات مضطرا لبيع ذهب زوجته بغرض بناء مسكن خاص في بيت عائلته، إذ إنه يسكن في غرفة صغيرة مع زوجته وثلاثة أطفال، بينما تنتظر زوجته طفلاً رابعاً، وإنه ليس بمقدوره ادخار تكلفة البناء من أجرته اليومية، لأنها بالكاد توفر له ولأسرته الطعام والشراب والمستلزمات الضرورية.

وبرزت في الآونة الأخيرة ظاهرة بيع ذهب الزوجات في قطاع غزة، في ظل ارتفاع معدلات الفقر والبطالة، وتخطت معدلات الفقر حاجز 56 في المائة، كما وصلت نسبة البطالة إلى 68 في المائة، في حين يعتمد نحو 80 في المائة من سكان غزة على المساعدات الإغاثية المقدمة من جهات دولية.

وفي سوق الذهب "القيصارية" شرقي مدينة غزة، يمكن ملاحظة حركة المواطنين الذين يأتون لبيع ذهب زوجاتهم، ويتجولون بين متجرٍ وآخر للحصول على أعلى سعر قبل البيع، بعكس أولئك الذين يتجولون بهدف الشراء باحثين عن أدنى سعر، وخاصة العرسان الجدد، وهم أقل عدداً من البائعين.

وتتسبب الأكثرية المقبلة على بيع الذهب بنقص حاد في السيولة النقدية لدى تجار الذهب، مما يدفع بعضهم إلى التوقف عن الشراء، ويخشى التجار من أزمة التوقف عن شراء كميات جديدة من الذهب الذي يبيعه المواطنون، والذي تتم إعادة تصنيعه وبيعه، مما يحقق لهم دخلاً جيداً.


ويضطر تجار الذهب في غزة إلى توريد الذهب إلى أسواق الضفة الغربية لتصريفه فيها، وتسمح سلطات الاحتلال الإسرائيلي لفئة محددة من تجار الذهب في غزة بتوريده إلى أسواق الضفة الغربية، حيث يصدّر القطاع قرابة 100 كيلوجرام من الذهب بشكل شهري، وتحكم هذه النسبة حركة البيع والشراء التي تتم بين التجار والمواطنين في غزة.

ومنذ سنوات طويلة، يتخذ الفلسطينيون الذهب عملةً آمنة للادخار بسبب ثباته وتدني نسبة الخسارة فيه، وتسبب تقليص رواتب موظفي القطاع العام في قطاع غزة في تراجع تجارة الذهب، وقد تشهد الأسواق تراجعاً أكبر بسبب جائحة كورونا في ظل تواصل الحصار.

ويبلغ تعداد الموظفين الحكوميين في قطاع غزة نحو 100 ألف موظف، أكثر من نصفهم تابعين للسلطة الفلسطينية في رام الله، والبقية يتبعون الحكومة التي تديرها حركة حماس.