مناقشات لإصلاح المنظومة الأمنية في تونس

27 يناير 2016
(فرانس برس)
+ الخط -

قدم المرصد التونسي للأمن الشامل، خلال ندوة نظمت بالعاصمة تونس، دراسة حول "التخطيط لسياسة عامة جديدة للأمن وإصلاح قطاع الأمن".

وتأتي الندوة بعد خمس سنوات من انطلاق مسار الثورة التونسية، وما عقبها من إصلاحات مؤسساتية ودستورية، في سياق أمني محفوف بمخاطر وتغييرات جديدة، نذكر منها واقع تنامي الإرهاب الجهادي وعودة الجهاديين من بؤر التوتر.

وتهدف الندوة إلى الوقوف على واقع مسار إصلاح المنظومة الأمنية، وتقييم مرحلي لما تم إنجازه من مصالح وزارة الداخلية مع قراءة مقارنة لتجارب بعض البلدان الأخرى.

وفي تصريح لـ"العربي الجديد"، قال جميل الصياح، رئيس المرصد التونسي للأمن الشامل وأستاذ القانون العام والخبير الأمني، إنه "يجب أن يجمع إصلاح المنظومة الأمنية بين اقتناع رجل الأمن بالإصلاح وإرادة سياسية قوية، إضافة إلى استراتيجية واضحة"، لكن الصياح أشار إلى عدم اليقين بتوفر هذه المقومات الأساسية، ولهذا تمت دعوة الحكومة ونواب الشعب ورجال الأمن إلى تحمل مسؤولياتهم.

وأكد الصياح أن "إصلاح المنظومة الأمنية ليس بالأمر الصعب، إذ توجد إصلاحات سريعة يمكن تحقيقها، وأهمها مصادقة مجلس النواب على مجلة أخلاقيات المهنة، والتي تحدد واجبات وحقوق عنصر الأمن، وكذلك إرساء دليل للمواطن، إضافة إلى إصلاح محتوى تدريب الأمنيين، بإدراج مواد أخرى على غرار مادة تعنى بالمعاملات الإنسانية، وآخرى بحقوق الإنسان، كما يجب على المواطن أن يتفهم طبيعة عمل الأمن وأن رجل الأمن هو مواطن مثله".


ويرى رئيس المرصد التونسي للأمن، أنه "يجب الوصول إلى علاقة حضارية بين المواطن وعنصر الأمن، وهذا لا يتحقق إلا من خلال منظومة للمراقبة عن طريق لجنة وطنية تضم البرلمان والحكومة والمجتمع المدني، ويتمثل دور هذه اللجنة في رصد التجاوزات وإعداد تقرير سنوي لمعرفة أسبابها وكيفية إصلاحها".

وقال الصياح إن "الأزمة الاجتماعية التي تعيشها تونس والاحتجاجات التي تبدو أحيانا غير سلمية، تساهم في تعطيل إصلاح المنظومة الأمنية، لكن هذا لا يعني أنها عائق، خاصة أن الإصلاح ليس فورياً بل يتطلب وقتا ومجهودا عبر منهجية واضحة".

وأقرت النائب بالبرلمان، ليلى الشتاوي، رئيسة اللجنة الخاصة بالأمن الشامل، في تصريح لـ"العربي الجديد"، بعدم وجود استراتيجية واضحة لإصلاح المنظومة الأمنية في تونس، لأن العمل اليومي للسلطة التنفيذية في ظل الظروف الصعبة التي نعيشها جعل وضع استراتيجية أمرا صعبا لأنه يتطلب الكثير من الوقت والجهد والتفرغ، وبالتالي يجب إيجاد معادلة بين العمل اليومي ووضع استراتيجية لإصلاح المنظومة الأمنية".

لكنها ترى في المقابل أنه "قبل الشروع في إصلاح المنظومة الأمنية وإرساء أمن جمهوري، يجب تأطير المواطن عبر خطة تواصل مدروسة وتوضيح معنى الأمن الجمهوري، بالتنسيق مع جميع الوزارات".

أما مهدي بالشاوش، الناطق الرسمي لنقابة موظفي وحدات الأمن، فقال في تصريح لـ"العربي الجديد" إن تغيير العلاقة بين المواطن والأمن يتطلب أولا تغيير أداء رجل الأمن في الميدان، ويجب أن يلمس المواطن تحسنا في أداء الأمن الذي يجب أن يقطع مع عدة ممارسات سيئة على غرار الرشوة والابتزاز، والتي لا تشرّف المؤسسة الأمنية، بل تساهم في تشويه صورته وبالتالي تؤدي إلى توتر العلاقة بينهما".

وأضاف بالشاوش أنه "يجب على المواطن التونسي أن يعي أن الأمني لديه مهمة وبالتالي يجب عليه أن يتحلى بروح المواطنة ويلتزم بالقوانين وأن يقطع الطريق أمام كل التجاوزات، وأن لا يكون شريكا في مخالفات الرشوة".

أما بالنسبة للتكوين داخل الموسسة الأمنية، فيرى الشاوش أنه "يجب أن تكثف دروس التواصل على المستويين الداخلي أي داخل المؤسسة، والخارجي المتمثلة في التواصل مع المواطن ومع وسائل الإعلام، وهذا يتطلب سياسة اتصال نراها حتى الآن مفقودة في ظل غياب رؤية واضحة واستراتيجية لإصلاح المنظومة، ووضع تصور لعلاقة جديدة بين الأمني والمواطن".

ويخضع مرصد الأمن الشامل بتونس، لقانون الجمعيات ويعمل بشكل وثيق مع الأمنيين باعتبار صلتهم المباشرة بالميدان وبالمواطن، بغاية معرفة واقع الممارسة الأمنية ونقاط ضعفها والمشاكل التي تعترضها والقيام بتشخيص موضوعي لواقع المؤسسة الأمنية التونسية وتقديم المقترحات العملية، التي يمكن أن تساعد أصحاب القرار على تنفيذ عملية إصلاح شامل للمؤسسة الأمنية.


اقرأ أيضا:تونس: هدوء نسبي... واعتقالات بالجملة

دلالات