أيها الترامبيون العرب... المهاجرون العرب في أميركا ليسوا متخلفين

30 يناير 2017
التنوع يثري المجتمعات(ألكس ميلان تراسي/الأناضول)
+ الخط -
للدونية أحيانا حدودها، سقفها أن يشبع المرض والهوس عند عتبات "السيد الخواجة". لكن في غمرة صفاقة ووضاعة الدونية، ومن ثم النظرة الاستعلائية لـ"عرب" على العرب المقيمين في الغرب، في تبنٍ واضح لمواقف بعض الأخير لقصة التعميم، تُطلق سهام الترامبية العربية وتفجر قنابل دخانية لا تؤثر على مجموعة من الحقائق.

أميركا بالنسبة لهؤلاء الأذكياء الترامبيين، خلقها الخالق هكذا، قطعة من الجغرافيا التي رمى فوقها أمثال معسكر ترامب وكلوكلوس كلان. لا قتل للسكان الأصليين ولا استعباد وتمييز حتى الستينات، بل حتى وقت قريب.

والكلام هنا لترامبي عربي خرج علينا أخيرا مؤيدا برتبته "الشرطية" قرارات ترامب التي أثارت حفيظة كل من يرفض الدوس على كرامة وإنسانية البشر، مهما كان اللون والعرق والدين. فكان الأولى من باب "الشهامة" العربية الذائبة في عصر المواجهة على طريقة جحا بحماية مؤخرته من النار، أن يصمت على الأقل ولا يتحفنا بجملة من حقائق متخيلة.

وأما العرب الأميركيون ربما تكفي قصة أصغر نابغة فيهم، إن كان يذكره بالطبع من يتفاخر بأشياء أخرى، الطالب السوداني الأميركي أحمد محمد الحسن، الذي شغل بمحاولة اختراعه ساعة قبل أن يتهم أنه بصدد إنتاج قنبلة. فلم يتركه لا الرئيس السابق باراك أوباما، الذي أيضا كان حبيبا لصاحبنا المغرد، ولا كل مشاهير أميركا ليشجعونه على تفوقه حتى استقبلته الدوحة مكرمة إياه. ولو كانت جيبوتي من استقبلته لذكرناها.

بين هؤلاء العرب الأميركيين، جيل لا يعرفه صاحبنا، منه إدوارد سعيد وهشام شرابي وإبراهيم أبو لغد وجيمس زغبي ونهاد عوض، الذي بالمناسبة دافع عمن أهانت شرطة العم سام كرامته، رغم أن منظمته على لوائح الإرهاب "العربية". تلك مجرد أمثلة لثلاثة من فلسطينيين عرب مشرقيين.

أما عن علماء السودان ووزن الجالية اللبنانية والسورية واليمنية والعراقية والمغربية... إلخ، فلا أظنني أحتاج لأن أذكر هذا الترامبي بغير ما قاله الدكتور خليل جهشان والدكتور أسامة أبو ارشيد عن هؤلاء. عن هذا الجيل العربي الأميركي الشاب الجديد الذي لا يروق ربما لأمثال "الشرطي العربي". فكيف تسول له نفسه أن يتحدى "سيد الكون وسيده؟".

واعتمادا على مكتب الإحصاء الأميركي فإن 85 بالمائة من العرب الأميركيين أكملوا على الأقل دراستهم الثانوية، و36 بالمائة من هؤلاء متحصلون على درجات جامعية و17 بالمائة حاملون للماجستير والدكتوراه، وهي ضعف ما لدى الأميركيين أنفسهم. 5 بالمائة منهم يعانون من البطالة، أكثر من 12 بالمائة موظفون حكوميون و88 بالمائة في القطاع الخاص.

العرب الأميركيون يا "سيد عصرك" بينهم علماء هجرت أدمغتهم عالمنا العربي، وهم الأكثر ثراء وملكية بعد الآسيويين، في تلك البلاد. وكان الأولى، كما كررناها أنه بدل قولك "ليس بالضرورة أن تستقبل أميركا شعوبا متخلفة. كفاية استقبلت الكثيرين من قبل"، وأنت تتحدث عن أبناء العرب الذين سدت الديار في وجوههم، أن تستقبلهم دول العالم العربي ليرفعوا من شأن البحث العلمي. إن القول لهؤلاء: "الصومالي حده مقديشو... والسوري حده تركيا... والعراقي حده مشهد، وش لكم بأميركا"، قول معيب ليس بحق قائله.

بالمناسبة الإرهابيون الذين قتلوا محمد المبحوح دخلوا بجوازات سفر صومالية وسودانية؟

يكفي إلى هنا لأن، الخوض أكثر يجعلنا نصل إلى مستوى لا نرغب لعربي أن يصل إليه. فالشعوب هذه "ليست ميتة"، ويكفي أن التاريخ يسجل كما يفعل بالمناسبة من قاد تخريب تطلعات وأحلام شباب عربي بغد أفضل. لكنها موجة وتعدّي كما مر أمثال ترامب وعاشقيه من الدونيين العرب والغربيين أيضا.


المساهمون