مجزرة سوق "البسطات" في غزة.. قصة أخرى حزينة

03 اغسطس 2014
المصاب الغزاوي سعيد الغول (عبد الحكيم أبو رياش)
+ الخط -

لم يتحمل الصديقان الفلسطينيان سعيد الغول وجودة أبو نصر ما يردده المذياع حول مشاهد الدماء والجثامين التي تناثرت بالقرب من سوق البسطات الشعبي في حي الشجاعية شرقي مدينة غزة، فقررا أن يكون لهما دور فاعل، وانطلقا نحو مكان المجزرة، للمساعدة في انتشال الشهداء، وإسعاف الجرحى، ومساعدة الطواقم الطبية.

لم تكد تطأ قدم جودة أرض المجزرة، التي ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي، حتى انهالت القذائف المتفجرة على المكان المستهدف ومن فيه. وباغتت جودة قذيفة متفجرة، فسقط على الأرض. حاول سعيد إسعاف صديقه، إلا أن قذيفة مدفعية جديدة كانت بالمرصاد، فسقط كليهما مضرجاً بدمائه.

يقول سعيد "كنت في البيت أستمع إلى الأخبار عبر الراديو، سمعت صوت انفجار في المنطقة، كان عبارة عن قذيفة أو اثنتين أصابتا أحد البيوت القريبة، فهرعت نحو مكان القصف دون الاستجابة لنداءات العائلة بعدم الخروج خشية تعرضه لقصف مدفعي مرة أخرى، إلا أن الدافع الإنساني سيطرَ علي وعلى ابن خالتي جودة الذي خرج معي".

ويضيف سعيد "في الطريق رأيت طواقم الإسعاف والدفاع المدني والصحافيين تصل إلى المكان المستهدف لانتشال المصابين والشهداء، وما أن اقتربت أكثر حتى بدأت تتساقط القذائف بشكل مكثف وعشوائي دون تميز بين مسعف وصحافي ومواطن".

وخلفت قذائف الاحتلال العشوائية التي سقطت في أحد شوارع حي الشجاعية، مجزرة أودت بحياة 17 شهيداً، وإصابة العشرات بجراح متفاوتة، وكان من بين الشهداء الصحافي المصور رامي ريان واثنين من طواقم الدفاع المدني.

ويروي سعيد لـ "العربي الجديد" أن صرخات عشرات الجرحى كانت تتعالى تناشد النجدة والإسعاف، إلا أن كثافة القصف أودى بحياة بعضهم، ومنع سيارات الإسعاف التي جاءت بالعشرات من الوصول إلى مكان المجرزة.

وأصيب سعيد (24عاماً) بتهتك في منطقة الحوض، واخترقت ست شظايا كبيرة منطقة البطن والصدر، بجانب انتشار عشرات الشظايا الصغيرة في أنحاء جسده.

"سقطت فوق رؤوسنا نحو 30 قذيفة في بضعة دقائق، وإن رفعت رأسك حينا ووليت بناظريك إلى أي اتجاه، فلن ترى إلا جثثاً مقطعة لشهداء أو جرحى، وأشلاء متناثرة بشكل مخيف، والدماء تسيل منها بغزارة" على حد قوله.

أما والدة جودة أبو نصر فلم تصدق أن ابنها نجا من الموت، وقالت لـ"العربي الجديد": أصوات القذائف المتعاقبة وكثافتها التي كانت تسقط بشكل عشوائي، كانت مؤشراً على أنه لم ينج من هذه المجزرة أحد".

وتضيف أم جودة، وهي نازحة من منزلها بقرب الحدود الشمالية للقطاع، "منذ الأسبوع الثالث في العدوان جئت إلى هنا (وسط مدينة غزة)، هربنا من القصف الذي طال المنزل، ومن قذائف الاحتلال وصواريخه، حفاظاً على سلامة أولادي".

وتبين أم جودة أن العدوان الإسرائيلي والصواريخ طالت كل شبر في غزة، ولم تميز بين طواقم الإسعاف أو الصحافيين أو المواطنين النازحين، فجميعهم في نظر جيش الاحتلال أهداف مشروعة تستحق القتل.

وكان عشرون فلسطينياً، بينهم صحافيان، استشهدوا في القصف المدفعي على "سوق البسطات" الشعبي شرق الشجاعية، وبعد أن تجمع المواطنون لإسعاف الشهداء جراء القذائف الأولى، انهالت عليهم رشقات مدفعية أودت بحياة من كان في المكان جميعاً.

دلالات