الجزائريون مع كرواتيا... ضد فرنسا المستعمرة

15 يوليو 2018
الجزائريون لا ينسون تاريخ فرنسا الاستعماري (تويتر)
+ الخط -


يجد الجزء الأغلب من الجزائريين أنفسهم في صف المنتخب الكرواتي تشجيعاً ومساندة، في مباراته مساء اليوم الأحد ضد منافسه الفرنسي في نهائي كأس العالم. لكن أسباب هذا الموقف لا تتعلق بالرياضة فقط، بل تستند إلى عوامل تاريخية لها علاقة بعذابات الجزائريين زمن الاستعمار الفرنسي البغيض.

لا يجد الجزائري الطيب يدروج تفسيرات كثيرة لموقفه الرياضي المساند للمنتخب المنافس لفرنسا في نهائي كأس العالم. ويؤكد الطيب الذي تقاعد من مهنة المتاعب لـ"العربي الجديد" أن موقفه كان سيكون نفسه أياً كان منافس المنتخب الفرنسي، ويقول: "فرنسا ستبقى آخر فريق يمكن لي أن أشجعه، وهذه قناعة". ويعترف الطيب أن موقفه هذا لا علاقة له بالرياضة، لكنه مرتبط برواسب حقبة أليمة في التاريخ والذاكرة بين الجزائر وفرنسا. ويختم "هذا الموقف يعود إلى ذلك الزمن البعيد".

مثل الطيب ملايين من الجزائريين لم تستطع سنوات الاستقلال بعقودها الخمسة الفصل بين فرنسا التاريخية المستعمرة والغاشمة وفرنسا الراهنة. ورغم التشكيلة التي يضمها المنتخب الفرنسي بوجود مجموعة من اللاعبين من أصل أفريقي فيها، فإن الجزائريين يعتبرون ذلك جزءاً من غشامة (جهل) فرنسا أكثر منه دلالة على انفتاحها، ويسخرون منها بسبب ذلك.

يصف الشاب مصباح بن محمد تشجيع كرواتيا "بالواجب الوطني"، ويقول كريم بن سالم الطالب في كلية الاقتصاد بالجزائر: "لا أعتقد أن هناك جزائرياً يمكن أن يشجع فرنسا اليوم، كلنا مع المنتخب الكرواتي وجميعنا يتمنى أن تنهزم فرنسا".

اللافت أيضاً أن عدداً من الجزائريين ذهبوا إلى الحد الأقصى في مواقفهم. وكتب أكثر من ناشط على مواقع التواصل الاجتماعي أنه في حال لعبت فرنسا مع إسرائيل، فإنهم قد يشجعون إسرائيل.

وزاد حادث اعتداء مشجعين فرنسيين على جزائري في باريس كان يشاركهم الاحتفال بالتأهل إلى نهائي كأس العالم قبل أيام وبيده العلم الجزائري، من تكريس الموقف الشعبي الجزائري ضد فرنسا في كأس العالم، والرغبة في أن يسحق المنتخب الكرواتي نظيره الفرنسي.

ويربط الدكتور والباحث في علم الاجتماع نور الدين بكيس هذا الموقف برواسب تاريخية، ويقول في تصريح لـ"العربي الجديد" يقول فيه إن "الجزائري يكن مشاعر العداء للمستعمر الفرنسي منذ الصغر في المدرسة وفي المسجد وفي الإعلام، ويعبر عن بعض المواقف الرمزية ضد فرنسا بخلفية تاريخية، وبين هذه المواقف مناصرة الفرق المنافسة لمنتخب فرنسا، وتبني انتصارات الآخرين عليها بعد أن عجزت دولة الاستقلال عن الخروج من التبعية لفرنسا المستعمرة، لذلك يتحول المجال الرياضي إلى فضاء للتنفيس".

لكن الدكتور بكيس يشير أيضاً إلى حالة من "التناقض في الموقف الذي يعيشه الجزائري الذي يعادي فرنسا رياضياً ويتودد إليها واقعياً بحثاً عن الترقية الاجتماعية"، معتبراً "أن طوابير المنتظرين للتأشيرة ليست بعيدة، وكذلك صور آلاف الطلبة المنتظرين أمام المركز الثقافي الفرنسي طلباً للمستقبل، والدراسة في فرنسا وهي مستعمر الأمس، تؤكد الفشل في تحقيق الإنجازات المكملة للاستقلال".
المساهمون