احتجاجات في الضفة الغربية ضد قمع الاحتلال لأسرى عوفر

22 يناير 2019
احتجاجات رافضة للهجمة الإسرائيلية (العربي الجديد)
+ الخط -
شهدت محافظات الضفة الغربية، اليوم الثلاثاء، سلسلة فعاليات احتجاجية في الميادين العامة وفي باحات مقرات الصليب الأحمر الدولي، احتجاجاً ورفضاً لما جرى من قمع قوات الاحتلال الإسرائيلي، خلال اليومين الماضيين، للأسرى داخل سجن عوفر، والتنكيل بهم وإصابة أكثر من 150 أسيراً خلال عمليات القمع.

وأكد الفلسطينيون على وقوفهم إلى جانب الأسرى داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي، وعلى ضرورة التحرك لوقف ما يتعرضون له في سجن عوفر من قمع على أيدي وحدات القمع الإسرائيلية، وما تبعها من وقوع إصابات في صفوفهم، محذرين من تصعيد قادم وانفجار داخل سجون الاحتلال في حال استمر استهداف الأسرى.

وهتف المئات من أهالي الأسرى و"أسرى محررون" وقيادات وشخصيات فلسطينية خلال وقفة ومسيرة حاشدة جابت شوارع مدينة رام الله وسط الضفة الغربية، ضد ما تعرض له الأسرى في سجن عوفر، ورفعوا لافتات تطالب بوقف استهدافهم.

رفض التفتيشات الاستفزازية التي يتعرض لها الأسرى (العربي الجديد)

وردد المشاركون هتافات "اهتف اهتف علي الصوت وأسرانا ما تهاب الموت"، و"اسمع يا أردان الكلب.. واحنا قبلنا التحدي"، و"حرية حرية لأسرانا الحرية"، و"يا عوفر صمود صمود"، و"يا مقاوم عيد الكرة.. اخطف جندي وحرر أسرى"، و"يا محلا خطف الجنود ضباط وحرس حدود"، و"سجن عوفر بنادي.. توحد يا شعب بلادي".

وقال منسق القوى الوطنية والإسلامية في محافظة رام الله والبيرة، عصام بكر، لـ"العربي الجديد" إن "المطلوب عدم السماح بأن يصبح الأسرى بازاراً للدعاية الانتخابية الإسرائيلية، إنهم لن يكونوا وحدهم، وفي ظل تحذير الأسرى من خطوات تصعيدية ردًّا على ما جرى في عوفر، فإن السجون على وشك الانفجار، وميدانياً ستكون الفعاليات الشعبية المقبلة المساندة للأسرى أكثر اتساعاً، ارتباطاً بما تعرف السجون من تطورات".

في حين قال القيادي في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، رمزي رباح، لـ"العربي الجديد": "هناك محاولة لتجريد الأسرى من حقوقهم، في سياق اشتداد الهجمة على الفلسطينيين وكذا الدعاية الانتخابية الإسرائيلية".

دعم الأسرى في خطوات تصعيدية (العربي الجديد)

وحذر القيادي في حركة حماس، حسن يوسف، من أن "ما جرى في سجن عوفر من قمع، مرشح للانتقال إلى سجون الاحتلال". ولفت إلى أنها ليست المرة الأولى التي يهاجم فيها الأسرى، لكن هناك بازاراً انتخابياً إسرائيلياً ضد الفلسطينيين، ولهذا مطلوب من الجميع التحرك العاجل من أجل لجم سياسات الاحتلال بحق الأسرى.

من جانبه، قال الناشط عمر عساف، لـ"العربي الجديد": إن "المطلوب الآن الالتفاف حول هذه الفعاليات والمشاركة بها، للضغط على الاحتلال لتعزيز صمود الأسرى والوقوف إلى جانبهم، وعلى المسؤولين تحمل مسؤولياتهم تجاه ما يحدث".

وخلال الوقفة على ميدان المنارة، قال الأسير المحرر عصمت منصور، في كلمة له، إن "إسرائيل ارتكبت يوم أمس مجزرة بحق الأسرى والتي طاولت أكثر من 150 أسيراً، بينهم إصابات خطيرة، وفي ظل ما يحدث بعد القمع من إجراءات عقابية يضع الأسرى أمام فرصة أخرى من التصعيد". مشدداً على أن إسرائيل تريد أن تنقل حملتها الانتخابية إلى السجون.

التصدي لجرائم الاحتلال (العربي الجديد)

وفي مدينة البيرة المجاورة لمدينة رام الله، شارك العشرات من أهالي الأسرى والأسرى المحررين وشخصيات وقيادات فلسطينية، في الاعتصام الأسبوعي في باحة مقر الصليب الأحمر الدولي في المدينة، والذي خصص لمساندة الأسرى ورفضاً لما جرى بحقهم يوم أمس، حيث ردد المشاركون هتافات لدعم صمود الأسرى، ورفعوا صوراً ولافتات ترفض استهداف الأسرى.

وقال رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية، قدري أبو بكر، في كلمة له خلال مؤتمر صحافي عقد داخل باحة الصليب الأحمر في البيرة، إن "الأسرى في عوفر ناموا الليلة بلا أغطية ولا فراش، بعد معاقبتهم وسحب الأغطية والفرش منهم، بحجة الخشية من إقدامهم على حرقها ضمن الخطوات التصعيدية ضد قمعهم"، مشيراً إلى أن المئات من عناصر وحدات قمع الاحتلال ما زالت موجودة داخل أسوار سجن عوفر، وهناك احتمال لنقل القمع والاقتحام إلى أقسام الأسرى في أية لحظة.

من جانبه، قال رئيس نادي الأسير الفلسطيني، قدورة فارس، في كلمة له، خلال المؤتمر في البيرة، "لقد سالت دماء الأسرى بلا مبرر واضح، وكان الاستهداف للمناطق العلوية من الجسم، إذ أعطي جنود الاحتلال تعليمات بأن يفعلوا ما شاؤوا". لافتاً إلى أن ما جرى في عوفر، كان من الممكن خلاله وقوع شهداء.

وإلى الجنوب من الضفة الغربية، شارك العشرات من الفلسطينيين في اعتصام حاشد داخل باحة مقر الصليب الأحمر في المدينة، ورفع المشاركون لافتات تندد بما جرى في عوفر، وهتفوا "يا أسير لا تعبس. بدك عسكر بنلبس"، و"بالروح بالدم نفديك يا أسير"، ويا أسير سير.. واحنا معاك للتحرير".

وقال مدير نادي الأسير في الخليل، أمجد النجار، في كلمة له، إن "الهجوم على الأسرى ما زال مستمراً، ومن الممكن أن تشهد الفترة المقبلة تصعيداً، إذ إن سلطات الاحتلال تزعم أن الهجوم كان بذريعة البحث عن أدوات حادة ومواد إرهابية".

إلى ذلك، نظم اعتصام حاشد في باحة مقر الصليب الأحمر الدولي في مدينة بيت لحم جنوب الضفة الغربية، رفضاً لما يجري بحق الأسرى من ممارسات إسرائيلية وقمع، وخاصة ما جرى في سجن عوفر.

وفي ميدان الشهداء، وسط مدينة نابلس شمال الضفة الغربية، شارك الفلسطينيون في اعتصام حاشد دعت إليه اللجنة الوطنية لدعم الأسرى، إسناداً للأسرى في سجن عوفر ورفضاً لممارسات الاحتلال بحقهم، مؤكدين على ضرورة الوقوف إلى جانبهم، فيما رفع المشاركون لافتات تدعم الأسرى، وهتفوا ضد سياسات الاحتلال بحق الأسرى.

رفض جرائم الاحتلال (العربي الجديد)

خطوات تصعيدية للأسرى

من جهتهم، أكّد الأسرى الفلسطينيون داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الثلاثاء، اتحادهم وتصديهم للهجمة الدموية الإسرائيلية في حقهم، وقيامهم بخطوات تصعيدية خلال الساعات المقبلة.

وقال الأسرى في بيان لهم إنّنا "نقف أمام هذه الهجمة الدموية مسلحين بعدالة قضيتنا واستخدام كل ما نستطيع من وسائل الدفاع المشروعة ضد موجة العنف في حقنا"، مشيرين إلى أنهم أطلقوا على هذه المعركة "معركة الوحدة والكرامة"، تأكيداً على وحدتهم وأُخوتهم وحفاظاً على كرامتهم وتاريخهم.

ولفتوا إلى أنّ "العدو الصهيوني أعلن الحرب على الأسرى في السجون، وبدأها في سجن عوفر، إننا أمام مرحلة جديدة من القمع الصهيوني تهدد حياتنا كأسرى، وأصبحنا الملف الأقوى حضوراً بين أروقة الحكومة والأحزاب الصهيونية في ظل تنافس محموم على قضم حقوقنا وسلب مكتسباتنا التي حصلنا عليها بالتضحيات والدماء والشهداء".

كذلك أوضحوا أنه "أمام الإنجاز الصفري لهذا المحتل في عدة ملفات وبحثه عن صورة نصر يظهر بها أمام الجمهور الإسرائيلي؛ فقد أقدمت إدارة السجون مدعمة بغطاء من المستوى السياسي ومعززة بوحدات القمع الخاصة (ميتسادا - درور - اليماز - اليمام) منذ يوم الأحد 20 يناير/ كانون الثاني الجاري وحتى مساء أمس باقتحام عدة أقسام في سجن عوفر. وقاموا بإجراء تفتيشات استفزازية وتحطيم لمقتنياتنا والتنكيل بنا عبر التفتيش العاري والإساءات اللفظية".

وأضافوا "ما كان منا إلا أن ندافع عن كرامتنا بما نستطيع، إذ تحولت غرف هذا السجن وأقسامه إلى ساحة حرب حقيقية ضدنا باستخدام الرصاص المطاطي من مسافة صفر والغاز المسيل للدموع والصواعق الكهربائية والكلاب والضرب بالهراوات، مما أسفر عن إصابة أكثر من 100 أسير وحرق عدة غرف ومصادرة لمقتنياتنا وإغلاق لكافات الأقسام... وما زال التوتر سيد الموقف وستكون لنا خطوات تصعيدية خلال الساعات المقبلة".

وحذر الأسرى من استخدام ملف الأسرى كورقة رافعة للأحزاب الإسرائيلية لاستقطاب الناخب الإسرائيلي، مؤكدين في ذات الوقت على إفشال كل رهان لذلك، فيما طالبوا كافة المؤسسات الدولية والحقوقية، وعلى رأسها اللجنة الدولية للصليب الأحمر ومنظمات حقوق الإنسان الدولية، بالوقوف أمام مسؤولياتها الإنسانية والأخلاقية والقانونية، لوقف الجريمة التي ترتكب بحقهم وإلزام الاحتلال بالأعراف والقوانين الدولية التي تحمي حقوقهم.

وأكدوا أن هذه الهجمة الدموية على الأسرى تأتي في إطار إرهاب الدولة المنظم واستخدام ملف الأسرى كبؤرة تنفيس للحكومة الإسرائيلية أمام جمهورها، وطالبوا كافة وسائل وأدوات الإعلام الحر بحمل قضيتهم ومواكبة ما يجري معهم وفضح هذا المحتل الذي ينتهك كل الحرمات والقوانين في تعامله معهم.

وطالبوا جماهير الشعب الفلسطيني بضرورة الوقوف معهم في هبة جماهيرية واسعة، ووقع على البيان الأسرى في سجن عوفر كل من "حركة فتح، وحركة حماس، وحركة الجهاد الإسلامي، والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، والجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين".

جلسة حوار في سجن عوفر

من جانب آخر، قال نادي الأسير الفلسطيني في بيان له، إنه "عقدت اليوم الثلاثاء، في معتقل عوفر جلسة حوار بين الأسرى وإدارة المعتقل، بعد توافق جرى بين كافة الفصائل بقبول طلب إدارة المعتقل بعقد جلسة، حيث رفض الأسرى في بداية الأمر عقدها واشترطوا قبولها على أن يتم السماح لهم بعقد جلسة بين ممثلي الفصائل بشأن إدارة الحوار".

وأوضح نادي الأسير أن الحوار مع الإدارة ما يزال مفتوحاً، ومشروطاً بمعاينة الأسرى المصابين مجدداً؛ وانتهت الجلسة اليوم، بعودة الأسرى لمناقشة نتائجها دون إعطاء أية ردود نهائية، وغدا الأربعاء سيكون هناك جلسة حاسمة، وستكون مرهونة بردود إدارة المعتقل على مطالب الأسرى.

وأفاد نادي الأسير بأنه وفور انتهاء الجلسة نقلت إدارة المعتقل (13) أسيراً إلى المستشفيات وهم من ضمن (150) أسيراً أُصيبوا خلال عملية الاقتحام وذلك لمعاينتهم وتقديم العلاج لهم.
وأشار إلى أن الأسرى مستمرون في إرجاع وجبات الطعام وإغلاق الأقسام كرد أولي على الاعتداء الوحشي الذي تعرض له الأسرى في "عوفر".


رعب بين الأسرى الأطفال

من جهة ثانية، نقل محامي نادي الأسير الفلسطيني عن ممثّل الأسرى الأشبال (الأطفال أقل من 18 عاماً)، في معتقل "عوفر"؛ الأسير لؤي المنسي، أنّ قوّات قمع السّجون الإسرائيلية قامت باقتحام قسم الأشبال وأجبرتهم على الوقوف على الحائط مع تهديدهم بالسّلاح وإطلاق الكلاب البوليسية عليهم.

جاء ذلك عقب تمكّن محامي نادي الأسير من زيارة الأسير المنسي، صباح اليوم الثلاثاء، بالإضافة إلى زيارة ثلاثة أطفال معتقلين؛ أكّدوا أن الأطفال أصيبوا بحالة من الهلع والرّعب، وأنّ أحدهم (ج.ب 15 عاماً) أصيب بصدمة منعته من النّطق حتّى صباح اليوم.

وأشار نادي الأسير في بيان له إلى أنّ إدارة معتقل "عوفر" شنّت حملة قمع ممنهجة استهدفت الأسرى، وذلك بدءاً من نقل الأسيرين شادي الشلالدة ومحمد زغلول إلى معتقل "هداريم" بتاريخ 4 يناير/ كانون الثاني الجاري، ومواصلة الاقتحامات منذ ذلك التاريخ.

وبيّن أن عمليات القمع وصلت إلى ذروتها بتاريخ 20 يناير/ كانون الثاني الجاري، بعد اقتحام خمس وحدات قمع مدجّجة بالسّلاح والكلاب البوليسية للقسم (17)، واستمرار عمليات القمع للقسمين (15) و(11) في اليوم التّالي، قامت خلالها بالاعتداء على الأسرى بالضّرب المبرح، وإطلاق الرّصاص المطّاطي وإلقاء قنابل الغاز والصّوت بشكل عشوائي وفي مساحات ضيّقة ومغلقة، ما أدّى إلى إصابة نحو (150) أسيراً بجروح واختناقات استدعت نقلهم إلى المشافي الإسرائيلية، فيما تمّ علاج البقيّة داخل ساحة المعتقل.

وأكّد نادي الأسير أن إدارة المعتقل قامت بتحويل الأقسام الثّلاثة إلى غرف عزل، مجردّة من جميع مقتنيات الأسرى والأجهزة الكهربائية، كما قامت بقطع التيّار الكهربائي عنها، ورفضت زيارة المحامي للأسيرين إسلام ناجي وأكرم حامد ممثّل الأسرى، مضيفاً أنّ حالة التّوتر ما زالت تخيّم على المعتقل، وأنّ الأسرى يمتنعون عن التّوجه من غرفهم إلى عيادة المعتقل، لأن قوّات القمع تنتشر داخل المّمرات وتقوم بالاعتداء على أي أسير يخرج من غرفته.

على صعيد آخر، دانت اللجنة المكلفة بإدارة هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية في بيان لها، عقب اجتماعها الدوري الذي عقد اليوم بمقر الهيئة، الهجمة الشرسة التي يتعرض لها الأسرى الفلسطينيون عامة وأسرى سجن عوفر على وجه الخصوص، والذي تعرض فيه المعتقلون لاعتداءات بإطلاق الأعيرة المطاطية وقنابل الغاز والكلاب البوليسية والضرب بالهراوات، ما أدى إلى إصابة ما يزيد عن 100 أسير، خلال اقتحام القوات الخاصة، التابعة لما تسمى مصلحة السجون، لغرف الأسرى والتنكيل بهم على مدار اليومين السابقين.

وبعثت الهيئة برسالة عاجلة إلى عدة جهات دولية حقوقية وقانونية، من أبرزها الرباعية الدولية، ومكتب الاتحاد الأوروبي، ومكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان وغيرها، توضح فيها حجم الانتهاكات الهمجية التي مورست بحق المعتقلين في عوفر وأدت إلى وقوع إصابات.


وطالبت في رسالتها الهيئات الدولية بالوقوف أمام مسؤولياتها تجاه جرائم الاحتلال بحق الأسرى، والذين يجب أن تشملهم الحماية وفق القانون الدولي واتفاقيات جنيف التي وقعت عليها وتبنتها دول العالم ومؤسساته الدولية.

وأكدت اللجنة خلال اجتماعها على أن القيادة، وعلى رأسها الرئيس محمود عباس، تعتبر قضية الأسرى من أولوياتها الاستراتيجية، مسخرة كافة طاقاتها الدبلوماسية والسياسية من أجل رفع معاناتهم وحفظ كراماتهم وكرامة عائلاتهم وعمل كل ما يجب من أجل تحقيق ذلك.

كذلك ناقشت اللجنة الجهود المبذولة لإنجاز الزيارة الثانية للأسرى، بالتنسيق مع مؤسسة الصليب الأحمر الدولي، وكافة الترتيبات اللازمة لإتمامها من حيث الميزانية والطواقم والباصات وغيرها، لتسريع إنجازها.