التوتر الكوري- الأميركي يرفع مؤشر "القلق الاستثماري" لأعلى درجاته منذ انتخاب ترامب

12 اغسطس 2017
بورصة وول ستريت متخوفة من تفجر النزاع (Getty)
+ الخط -
حتى وسط الأسبوع لم يهتم المستثمرون في أسواق المال العالمية كثيراً بالتوتر الأميركي ـ الكوري الشمالي، ولكن يوم الخميس الماضي، وبعد تصاعد التهديدات بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب والمسؤولين الكوريين، ارتفع مؤشر "القلق الاستثماري ـ فيكس"، إلى أعلى مستوياته منذ انتخاب الرئيس ترامب. وهذا المؤشر يقيس خوف المستثمرين في أسواق المال من تداعيات التوترات السياسية والعسكرية في العالم.
وحسب بياناتالبورصة الأميركية، فقد سجّل مؤشر داو جونز، أهم مؤشرات سوق المال، أكبر انخفاض له منذ مايو/ أيار الماضي، إذ فقد المؤشر 205 نقاط. ولم يقتصر اهتزاز أسواق المال على السوق الأميركي بل انعكس التوتر الكوري الأميركي كذلك على أسواق المال في أوروبا وآسيا التي أغلقت على انخفاض كبير في تعاملات نهاية الأسبوع.
ولكن يلاحظ أن سوق المال الأميركي عاد من الخسارة المتوالية في نهاية تعاملات يوم الجمعة، في أعقاب تصريحات أميركية صدرت في الكونغرس.
وحسب نشرة "ذي هيل" في واشنطن، وجّه رجل الكونغرس من الحزب الديمقراطي، ديفيد سيسيليان، رسالة عاجلة إلى رئيس مجلس النواب، بول ريان، يطالبه فيها بالدعوة الفورية إلى عقد جلسة طارئة للمجلس، من أجل مناقشة مشروع قانون يحظر على ترامب توجيه ضربة نووية وقائية ضدّ كوريا الشمالية من دون موافقة الكونغرس. وقال في رسالته العاجلة: "في ظل المواجهة المستمرة بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية، وكذلك التصريحات غير المسؤولة من جانب الرئيس ترامب، أسألكم توجيه الدعوة مباشرة إلى مجلس النواب لمناقشة مشروع قانون يحظر قيام الولايات المتحدة بتوجيه ضربة نووية وقائية من دون موافقة الكونغرس".
وهو ما أعطى انطباعاً لدى المستثمرين بأن الكونغرس سيقيد الرئيس دونالد ترامب في تصرفاته تجاه كوريا الشمالية. وحسب رويترز، فقد أغلقت الأسهم الأميركية على ارتفاع يوم الجمعة، منهية خسائر استمرت على مدار ثلاثة أيام مع مراهنة المستثمرين على خفض أسعار الفائدة الأميركية، لكن تصاعد التوتر العسكري قلّص المكاسب.
واستناداً إلى أحدث البيانات الصادرة عن البورصة الأميركية فقد ارتفع مؤشر داو جونز الصناعي 14.31 نقطة، أو ما يعادل 0.07%، إلى 21858.32 نقطة، بينما صعد مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" بمقدار 3.11 نقاط أو نحو 0.13% إلى 2441.32 نقطة، وزاد مؤشر ناسداك المجمع 39.68 نقطة، أو 0.64%، إلى 6256.56 نقطة.
وبدأت مؤشرات التوتر في آسيا تتزايد وتؤثر على نفسيات المستثمرين، في أعقاب إعلان الصين أنها ستتدخل عسكرياً لصالح كوريا الشمالية في حال توجيه الجيش الأميركي الضربة الأولى لكوريا الشمالية، وكذلك إعلان وكالة كيودا اليابانية أن قوات الدفاع الذاتي اليابانية نشرت منظومات "باتريوت" المضادة للصواريخ على أراضيها، بعد تهديد كوريا الشمالية بأنها تنوي إطلاق صواريخ بالستية باتجاه جزيرة غوام.
وسط هذه الغيوم السوداء التي تظلل سماء أسواق المال هرع المستثمرون من مصايفهم لحماية أموالهم عبر التحول من أدوات المال الخطرة إلى الأدوات الآمنة. وهو ما انعكس إيجاباً على سعر الذهب والفرنك السويسري، فيما انعكس سلباً على الدولار والأسهم العالمية، وتتجلى أهم التحركات التي شهدتها عملات أسواق المال خلال الأسبوع في سوق العملات والذهب.

العملات
تعد أسواق الصرف الأكثر حساسية للتوترات السياسية، ويلاحظ أن الفرنك السويسري كان أكبر المستفيدين، فيما كان الدولار الأميركي أكبر الخاسرين. وحسب رويترز، فقد سجل الفرنك السويسري، يوم الأربعاء، أكبر زيادة يومية مقابل اليورو منذ أن ألغى البنك المركزي السقف المفروض على حركة العملة في يناير/ كانون الثاني عام 2015. وقفز الفرنك 1.4% في المعاملات المبكرة مقابل اليورو إلى 0.9611 فرنك. ومقابل الدولار صعد الفرنك إلى 0.9688، بعدما مني بخسائر على مدى الأسبوعين الماضيين. والفرنك السويسري من الملاذات الآمنة التقليدية وتأتي مكاسبه في وقت يشهد تنامي حدة التوتر بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية.
وتشير "رويترز" إلى أن "الورقة الخضراء" أو الدولار واصل هبوطه طوال الأسبوع، فقد انخفض الدولار مقابل سلة عملات يوم الجمعة، بعد أن أظهرت بيانات أن أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة زادت بأقل من المتوقع في يوليو/ تموز، بما يشير إلى تضخم محدود قد يدفع مجلس الاحتياط الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) إلى توخي الحذر بشأن رفع أسعار الفائدة مجدداً هذا العام.
وكانت العملة الأميركية قد واصلت ارتفاعها مقابل كل من اليورو والإسترليني والين منذ انتخاب الرئيس دونالد ترامب، على أمل تواصل الانتعاش. وتراجع مؤشر الدولار، والذي يقيس أداء العملة الأميركية مقابل ست عملات رئيسية، 0.13 في المائة إلى 93.28، بعد أن تراجع في وقت سابق من الجلسة إلى أدنى مستوى في أسبوع عند 92.992.
وارتفع مؤشر أسعار المستهلكين الأميركي 0.1 في المائة الشهر الماضي، بعدما لم يسجل تغيّراً يذكر في يونيو/ حزيران، وكان خبراء اقتصاد استطلعت رويترز آراءهم قد توقعوا أن يرتفع المؤشر 0.2 بالمائة في يوليو/ تموز.
وهبط الدولار إلى أدنى مستوى في 16 أسبوعاً مقابل الين الياباني، لكنه قلّص خسائره بعد أن قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إن هناك خطة روسية صينية لنزع فتيل التوتر بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية.
ويسعى المستثمرون عادة إلى شراء الفرنك والين في أوقات التوترات السياسية. وحققت العملتان مكاسب كبيرة مقابل الدولار هذا الأسبوع، في ظل بحث المستثمرين في أسواق الصرف عن ملاذات آمنة.
وفي أوروبا، ارتفع اليورو 0.15 في المائة إلى 1.1788 دولار بعد أن رفع مصرف "مورغان ستانلي" توقعاته للعملة الأوروبية الموحدة، متوقعاً أنها ستبلغ 1.25 دولار في وقت مبكر من السنة المقبلة. وسجّل الجنيه الإسترليني تغيراً طفيفاً مقابل الدولار وتماسك قرب أدنى مستوى له في ثلاثة أسابيع، في الوقت الذي ما زال فيه المستثمرون يشعرون بالقلق إزاء توقعات الاقتصاد البريطاني بعد مجموعة من البيانات المتباينة هذا الأسبوع.

الذهب
ارتفعت أسعار الذهب إلى أعلى مستوى في شهرين في تعاملات الجمعة، محققة مكاسب لليوم الرابع على التوالي مع التماس المستثمرين الملاذ الآمن في ظل تصاعد التوترات بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة، وتلقى المعدن الأصفر دعماً كذلك من بيانات التضخم الأميركية الضعيفة. وارتفع الذهب في المعاملات الفورية 0.2 % إلى 1287.91 دولاراً للأوقية (الأونصة)، ويتجه المعدن النفيس صوب تحقيق أكبر مكسب أسبوعي منذ منتصف أبريل/ نيسان. وفي وقت سابق من الجلسة سجّل الذهب أعلى مستوياته منذ السابع من يونيو/ حزيران عند 1291.86 دولاراً للأوقية. وزاد الذهب في تسوية العقود الأميركية الآجلة 0.3 في المائة إلى 1294 دولاراً للأوقية. وقد تُعزز المخاطر الجيوسياسية الطلب على الأصول التي تعتبر من الاستثمارات الآمنة مثل الذهب وعملات مثل الفرنك السويسري.


المساهمون