وأظهرت بيانات الجهاز المركزي المصري للتعبئة العامة والإحصاء، اليوم الأربعاء، هبوطا حادا لمعدل التضخم في مدن مصر، على الرغم من أن معاناة الفقراء تظل قائمة في ظل ارتفاع أسعار جميع السلع والخدمات الأساسية.
وقال الجهاز المركزي المصري للتعبئة العامة والإحصاء، إن التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في البلاد تراجع إلى 8.9 بالمائة في يونيو/حزيران 2019، مقابل 13.2 بالمائة في الشهر السابق له، و13.8 بالمائة في يونيو 2018.
وأرجع الجهاز الهبوط في معدل التضخم إلى "انخفاض مجموعة الخضراوات بنسبة عشرة بالمائة، ومجموعة اللحوم والدواجن بنسبة 1.2 بالمائة".
وأشار الجهاز إلى أن التضخم بالمدن هوى إلى 9.4 بالمائة في يونيو/ حزيران من 14.1 بالمائة في مايو/أيار.
وعلى أساس شهري، انكمشت أسعار المستهلكين في المدن المصرية 0.8 بالمائة في يونيو/حزيران، مقابل تضخم بلغت نسبته 1.1 بالمائة في مايو/أيار.
وأجبرت زيادة الأسعار المتواصلة المصريين على إعادة ترتيب أولويات الشراء، التي خرجت منها سلع متعددة في الفترة الأخيرة.
وقالت سها صلاح، ربة منزل من الإسكندرية على ساحل البحر المتوسط: "الأسعار تزيد من شهر لشهر ولا حاجة ترخص، أعيش أنا وزوجي فقط والراتب لا يكفي بالطبع ونحاول تدبير الشهر بطرق مختلفة مثل تقليل عدد مرات تناول اللحوم لتعويض ارتفاع الأسعار".
وفي المنيا بصعيد مصر، قال معوض جندي: "كنت أعتمد على الدجاج لتوفير أسعار اللحوم الحمراء لكن سعر الكيلو وصل حاليا إلى 40 جنيها، فاستغنينا عنها هي الأخرى ونشتري الهياكل!".
كان البنك الدولي قال في تقرير صدر في إبريل/ نيسان الماضي، إن حوالي 60 بالمائة من المصريين إما فقراء أو منكشفون على مخاطر الفقر وإن التفاوتات الاقتصادية في تزايد.
ومنذ يونيو/حزيران 2018، شهد التضخم السنوي عودة صعوده، للمرة الأولى بعد 10 أشهر من الهبوط المتواصل، وبلغ الذروة بـ34.2 بالمائة في يوليو/ تموز 2017.
وفي 21 مايو/ أيار 2019، قررت مصر رفع أسعار الكهرباء 14.9 بالمائة في المتوسط، بداية من العام المالي الجاري 2019/ 2020.
وفي 5 يوليو/تموز الجاري، رفعت مصر أسعار الوقود بنسب تتراوح بين 16 بالمائة و30 بالمائة في بعض المنتجات، في إطار خطة تحرير سعر الوقود، وسط توقعات بأن يؤدي إلى رفع معدلات التضخم.
وتوقعت المحللة الاقتصادية "أن يعاود التضخم الارتفاع في أرقام شهر يوليو/ إلى 12.5-13 بالمائة، نتيجة لزيادة أسعار الوقود".
وأضافت: "لا أتوقع أن تؤثر أرقام التضخم على قرار المركزي غدا بشأن سعر الفائدة... أتوقع أن يثبت أسعار الفائدة".
ويبلغ سعر فائدة الإيداع حاليا 15.75 بالمائة، وسعر فائدة الإقراض 16.75 بالمائة.
وعادة ما تشهد أسعار الخضراوات والفاكهة في مصر زيادات متواصلة خلال السنوات الأخيرة، وهو ما دفع وزارة الداخلية والجيش لطرح بعض السلع الغذائية للمواطنين بأسعار أقل من سعر السوق.
ومن المنتظر أن تظهر آثار خفض دعم المواد البترولية الذي نفذته الحكومة المصرية منذ أيام قليلة على شتى السلع والخدمات، وعلى أرقام التضخم الخاصة بشهر يوليو/ تموز والتي ستُعلن في أغسطس/ آب.
ونفذت مصر سلسلة من إجراءات التقشف الصارمة، التزاما بشروط برنامج قرض حجمه 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولي كانت وقعته في أواخر 2016.ويشكو المصريون، الذين يعيش الملايين منهم تحت خط الفقر، من صعوبات في تلبية الحاجات الأساسية بعد قفزات متتالية في أسعار الوقود والدواء والمواصلات.
وخفضت الحكومة دعمها للعديد من الخدمات والسلع، مثل المواد البترولية والكهرباء والمياه ووسائل النقل. وفي مقابل ذلك، تقرر رفع الحد الأدنى للراتب الوظيفي في المصالح الحكومية إلى ألفي جنيه شهريا، بدلا من 1200 جنيه بداية من يوليو/ تموز الجاري.
وقالت نهلة محمد، ربة منزل من مدينة الإسماعيلية: "لدينا أربع بنات وولد وزوجي يتقاضى راتبا شهريا 2500 جنيه، ونشتري حاليا السلع الضرورية فقط واستغنينا عن شراء اللحوم بسبب ارتفاع الأسعار".
أما سلوى سعد، ربة منزل من الإسكندرية في عقدها السادس، فتقول: "الناس اليوم توفر من أكلها كي تستطيع الإنفاق على أسعار المواصلات لأولادها... أحاول قدر المستطاع أن أوفر في بعض الأنواع التي أستطيع أن أستغني عنها لكي لا يحدث عجز في موازنة الشهر.
وأضافت: "أي زيادة في المرتب تتبعها زيادة أكبر في الأسعار. المواطن لا يشعر بزيادة مرتب ولا الأسعار تثبت. بنضحك على نفسنا!".