رغم ضعف فرص التصويت لصالح عزل الرئيس الأميركي دونالد ترامب في مجلس الشيوخ، الذي يسيطر عليه الجمهوريون، والذي يفرض الدستور الأميركي ضرورة تصويت ثلثي أعضائه لصالح القرار، لا يستطيع أحد أن ينكر حجم الهزة التي حدثت لترامب، بعد أن وجد نفسه مهدداً بالعزل من منصبه، بينما كان يتطلع للحصول على جائزة نوبل للسلام، ويحدث نفسه ربما بإمكانية إعادة انتخابه لمرة ثالثة في 2024، على عكس ما يسمح به الدستور.
وفي حربه لاستعادة ثقة ناخبيه، استخدم ترامب سلاح الاقتصاد، فأبرز العديد من إنجازاته، وكان أبرزها استمرار الانتعاش الاقتصادي للعام الحادي عشر على التوالي، وتواصل تحقيق معدلات النمو الاقتصادي الجيدة، واستمرار الإضافات القوية لسوق العمل، ومن ثم استقرار معدل البطالة عند أدنى مستوياته في نصف قرن، وارتفاع مستويات الأجور، بالإضافة إلى وصول أسعار الأسهم إلى مستويات قياسية.
ومع استمرار تحقيق "الإنجازات الاقتصادية" على مدار العام المنتهي 2019، بدأ الحديث، خاصة في الأوساط المؤيدة لترامب، عن تلاشي المخاوف من حدوث ركود، وبصفة خاصة مع ظهور إشارات، اعتبرها البعض مبالغاً فيها، عن توقعات بحدوث طفرات اقتصادية في العام الجديد 2020.
وساهم في الترويج لهذا التوجه قيام بنك الاحتياط الفيدرالي بتخفيض معدلات الفائدة ثلاث مرات، إجماليها 0.75%، ثم الامتناع عن إجراء المزيد من التخفيض في آخر اجتماع للجنة السوق المفتوحة الفيدرالية، مع الإعلان عن التوصل إلى "اتفاق مرحلة أولى" بين الولايات المتحدة والصين، من أجل تطبيق تعريفات جديدة، وألغى بعضاً مما تم فرضه من قبل.
وقبل يومين، أعلن ترامب نيته التوقيع على المرحلة التالية من الاتفاق، مع نظيره الصيني، منتصف الشهر الحالي، الأمر الذي زاد من احتمالات التوصل إلى اتفاق تجاري شامل بين الاقتصادين الأكبر في العالم، يوقف الحرب التجارية بينهما، ويُزيح عن العالم كابوس الدخول في ركود.
لكن التمهيد للإعلان عن الاتفاق التجاري بين العملاقين استمر على مدار شهور طويلة العام الماضي، الأمر الذي تسبب في نسبة كبيرة من انتعاش تلك الفترة، وهو ما سيحد بصورة واضحة من تأثير أي تقارب جديد بينهما على اقتصادهما أو على الأسواق.
وفي نفس الوقت، استبعد البنك الفيدرالي بصورة غير رسمية، كما أغلب المحللين، تغيير معدلات الفائدة خلال العام الحالي 2020، وهو ما يقلل بالتأكيد من قدرات السياسة النقدية الأميركية على تحفيز الاقتصاد في الفترة القادمة، خاصة بعد استئناف البنك الفيدرالي سياساته المتعلقة بالتيسير الكمي وشراء كميات ضخمة من سندات الخزانة الأميركية من السوق.
ومع تراجع حدة الحرب التجارية الأميركية الصينية، بدأت بعض المشاكل تظهر في العلاقات التجارية الأميركية الأوروبية، بعد أن أعلنت الولايات المتحدة نيتها فرض تعريفات جمركية بنسبة 100% على مشترياتها من المنتجات الفرنسية، رداً على الضريبة التي تم فرضها في فرنسا على خدمات شركات التكنولوجيا العملاقة، التي تقدم الشركات الأميركية أغلبها.
وبينما كانت فرنسا هي رأس حربة الدول الأوروبية في حربها على تلك الشركات، بتطبيقها ضريبة بنسبة 3% على المبيعات التي تتم لمواطنيها، تستعد أكثر من عشرين دولة أوروبية أخرى لتطبيق ضريبة مماثلة، تأتي في مقدمتها إيطاليا، بالإضافة إلى المملكة المتحدة والنمسا وتركيا، خلال الشهور القادمة.
وفي خضم تلك الأحداث، وربما بسببها، تباطأ الإنتاج الصناعي العالمي، وتراجعت حركة التجارة الدولية، وانزوى الإنفاق الاستثماري للشركات الأميركية، رغم تحقيقها أرباحاً قوية خلال العام الماضي، وتمتعها بالإعفاءات الضريبية الضخمة التي وفرها لها قانون الإصلاح الضريبي.
ورغم تحسن بعض مؤشرات الاقتصاد الصيني، إلا أن توقعات النمو هناك تشير إلى استمرار التباطؤ، وهو نفس الحال بالنسبة للاقتصاد الأوروبي، الذي يتوقع أغلب المحللين ألا يتجاوز معدل نموه نسبة 1% التي سجلها العام الماضي.
ومع تعقد سلاسل التوريد، وتوزيع إنتاج أغلب الشركات بين العديد من دول العالم، لا يبدو أن الشركات الأميركية ستكون على استعداد لتحمل تقلبات "شعرة" ترامب، التي تروح ساعةً باتجاه فرض تعريفات جديدة، ثم تجيء ساعةً أخرى ببعض الإعفاءات، الأمر الذي سيدفعها على الأغلب إلى الاعتماد على الموردين المحليين في تصنيع كل ما يمكن تصنيعه دون اللجوء للإمدادات الخارجية "غير المستقر".
هذا الأمر لن يكون بلا تكلفة بالتأكيد، وسيتحمل تلك التكلفة المواطن الذي سيعاني لهيب نار ارتفاع الأسعار، بخلاف ما سيتسبب فيه عدم اليقين من التراجع في معدلات الإنفاق الرأسمالي للشركات.
وخلال الساعات الأخيرة، بدأت وكالات الأنباء تتحدث عن عامل إضافي يزيد من حالة عدم الاستقرار التي تسيطر على الاقتصاد العالمي، وهو التصعيد المفاجئ بين الولايات المتحدة والصين، والذي رأى البعض أنه سيتسبب في المزيد من التقلبات في العملات وأسواق المال، كما الارتفاعات الكبيرة في أسعار النفط والذهب، حتى لو استقرت الأمور عند حافة المواجهة.
وتطرق العديد من المسؤولين إلى احتمالات أن تؤثر الأزمة على ثقة المستثمرين حول العالم، بصورة تزيد من ضعف الاقتصاد العالمي، خاصة مع تزايد الشك حول استمرارية تدفق النفط بسلاسة بين دول إنتاجه والدول المستوردة له، وتكلفة تأمين ذلك.
مع انتهاء عام 2019، ثبت بالدليل القاطع خطأ توقعات حدوث الركود خلاله، رغم سيطرتها على الساحة الاقتصادية في مطلع السنة. وربما يتكرر الأمر نفسه العام الحالي، إلا أن أغلب حالات الركود التي ضربت الاقتصاد العالمي أو الأميركي من قبل لم يتوقعها المحللون، وإنما أتتهم بغتةً.
لكن استمرار الانتعاش الأميركي لعامه الحادي عشر، في نفس عام انتخابات الرئاسة الأميركية، ثم تطور الأحداث على النحو الحالي في المنطقة التي تنتج أكثر من 50% من الإنتاج العالمي للنفط، وتسيطر فيها إيران على المضيق الذي يمر به خمس تجارته العالمية، ربما تكون كلها أحداثاً تدعو للحذر خلال الفترة القادمة، حتى مع ترجيح أغلب المحللين نجاة الاقتصاد الأميركي من الركود.
وفي حربه لاستعادة ثقة ناخبيه، استخدم ترامب سلاح الاقتصاد، فأبرز العديد من إنجازاته، وكان أبرزها استمرار الانتعاش الاقتصادي للعام الحادي عشر على التوالي، وتواصل تحقيق معدلات النمو الاقتصادي الجيدة، واستمرار الإضافات القوية لسوق العمل، ومن ثم استقرار معدل البطالة عند أدنى مستوياته في نصف قرن، وارتفاع مستويات الأجور، بالإضافة إلى وصول أسعار الأسهم إلى مستويات قياسية.
ومع استمرار تحقيق "الإنجازات الاقتصادية" على مدار العام المنتهي 2019، بدأ الحديث، خاصة في الأوساط المؤيدة لترامب، عن تلاشي المخاوف من حدوث ركود، وبصفة خاصة مع ظهور إشارات، اعتبرها البعض مبالغاً فيها، عن توقعات بحدوث طفرات اقتصادية في العام الجديد 2020.
وساهم في الترويج لهذا التوجه قيام بنك الاحتياط الفيدرالي بتخفيض معدلات الفائدة ثلاث مرات، إجماليها 0.75%، ثم الامتناع عن إجراء المزيد من التخفيض في آخر اجتماع للجنة السوق المفتوحة الفيدرالية، مع الإعلان عن التوصل إلى "اتفاق مرحلة أولى" بين الولايات المتحدة والصين، من أجل تطبيق تعريفات جديدة، وألغى بعضاً مما تم فرضه من قبل.
وقبل يومين، أعلن ترامب نيته التوقيع على المرحلة التالية من الاتفاق، مع نظيره الصيني، منتصف الشهر الحالي، الأمر الذي زاد من احتمالات التوصل إلى اتفاق تجاري شامل بين الاقتصادين الأكبر في العالم، يوقف الحرب التجارية بينهما، ويُزيح عن العالم كابوس الدخول في ركود.
لكن التمهيد للإعلان عن الاتفاق التجاري بين العملاقين استمر على مدار شهور طويلة العام الماضي، الأمر الذي تسبب في نسبة كبيرة من انتعاش تلك الفترة، وهو ما سيحد بصورة واضحة من تأثير أي تقارب جديد بينهما على اقتصادهما أو على الأسواق.
وفي نفس الوقت، استبعد البنك الفيدرالي بصورة غير رسمية، كما أغلب المحللين، تغيير معدلات الفائدة خلال العام الحالي 2020، وهو ما يقلل بالتأكيد من قدرات السياسة النقدية الأميركية على تحفيز الاقتصاد في الفترة القادمة، خاصة بعد استئناف البنك الفيدرالي سياساته المتعلقة بالتيسير الكمي وشراء كميات ضخمة من سندات الخزانة الأميركية من السوق.
ومع تراجع حدة الحرب التجارية الأميركية الصينية، بدأت بعض المشاكل تظهر في العلاقات التجارية الأميركية الأوروبية، بعد أن أعلنت الولايات المتحدة نيتها فرض تعريفات جمركية بنسبة 100% على مشترياتها من المنتجات الفرنسية، رداً على الضريبة التي تم فرضها في فرنسا على خدمات شركات التكنولوجيا العملاقة، التي تقدم الشركات الأميركية أغلبها.
وبينما كانت فرنسا هي رأس حربة الدول الأوروبية في حربها على تلك الشركات، بتطبيقها ضريبة بنسبة 3% على المبيعات التي تتم لمواطنيها، تستعد أكثر من عشرين دولة أوروبية أخرى لتطبيق ضريبة مماثلة، تأتي في مقدمتها إيطاليا، بالإضافة إلى المملكة المتحدة والنمسا وتركيا، خلال الشهور القادمة.
وفي خضم تلك الأحداث، وربما بسببها، تباطأ الإنتاج الصناعي العالمي، وتراجعت حركة التجارة الدولية، وانزوى الإنفاق الاستثماري للشركات الأميركية، رغم تحقيقها أرباحاً قوية خلال العام الماضي، وتمتعها بالإعفاءات الضريبية الضخمة التي وفرها لها قانون الإصلاح الضريبي.
ورغم تحسن بعض مؤشرات الاقتصاد الصيني، إلا أن توقعات النمو هناك تشير إلى استمرار التباطؤ، وهو نفس الحال بالنسبة للاقتصاد الأوروبي، الذي يتوقع أغلب المحللين ألا يتجاوز معدل نموه نسبة 1% التي سجلها العام الماضي.
ومع تعقد سلاسل التوريد، وتوزيع إنتاج أغلب الشركات بين العديد من دول العالم، لا يبدو أن الشركات الأميركية ستكون على استعداد لتحمل تقلبات "شعرة" ترامب، التي تروح ساعةً باتجاه فرض تعريفات جديدة، ثم تجيء ساعةً أخرى ببعض الإعفاءات، الأمر الذي سيدفعها على الأغلب إلى الاعتماد على الموردين المحليين في تصنيع كل ما يمكن تصنيعه دون اللجوء للإمدادات الخارجية "غير المستقر".
هذا الأمر لن يكون بلا تكلفة بالتأكيد، وسيتحمل تلك التكلفة المواطن الذي سيعاني لهيب نار ارتفاع الأسعار، بخلاف ما سيتسبب فيه عدم اليقين من التراجع في معدلات الإنفاق الرأسمالي للشركات.
وخلال الساعات الأخيرة، بدأت وكالات الأنباء تتحدث عن عامل إضافي يزيد من حالة عدم الاستقرار التي تسيطر على الاقتصاد العالمي، وهو التصعيد المفاجئ بين الولايات المتحدة والصين، والذي رأى البعض أنه سيتسبب في المزيد من التقلبات في العملات وأسواق المال، كما الارتفاعات الكبيرة في أسعار النفط والذهب، حتى لو استقرت الأمور عند حافة المواجهة.
وتطرق العديد من المسؤولين إلى احتمالات أن تؤثر الأزمة على ثقة المستثمرين حول العالم، بصورة تزيد من ضعف الاقتصاد العالمي، خاصة مع تزايد الشك حول استمرارية تدفق النفط بسلاسة بين دول إنتاجه والدول المستوردة له، وتكلفة تأمين ذلك.
مع انتهاء عام 2019، ثبت بالدليل القاطع خطأ توقعات حدوث الركود خلاله، رغم سيطرتها على الساحة الاقتصادية في مطلع السنة. وربما يتكرر الأمر نفسه العام الحالي، إلا أن أغلب حالات الركود التي ضربت الاقتصاد العالمي أو الأميركي من قبل لم يتوقعها المحللون، وإنما أتتهم بغتةً.
لكن استمرار الانتعاش الأميركي لعامه الحادي عشر، في نفس عام انتخابات الرئاسة الأميركية، ثم تطور الأحداث على النحو الحالي في المنطقة التي تنتج أكثر من 50% من الإنتاج العالمي للنفط، وتسيطر فيها إيران على المضيق الذي يمر به خمس تجارته العالمية، ربما تكون كلها أحداثاً تدعو للحذر خلال الفترة القادمة، حتى مع ترجيح أغلب المحللين نجاة الاقتصاد الأميركي من الركود.