التضحية بالمصارف

31 أكتوبر 2015
آيسلنديون يحتجون ضد إجراءات التقشف في 2010 (أرشيف/Getty)
+ الخط -

رسمياً، آيسلندا، أول دولة أوروبية تخرج من الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالقارة العجوز منذ 2008. هذا حدث بارز لم ينل، للأسف، حظه من الاهتمام.

فهذه الدولة، التي يقدّر عدد سكانها بنحو 330 ألف نسمة، نجحت في تحقيق ما أخفق فيه عمالقة أوروبا، مثل فرنسا وإسبانيا. قد يكون هذا الخبر أيضاً مصدر إلهام لليونان الأكثر تضرراً من هذه الأزمة.

بدأ كل شيء في آيسلندا في2001 عندما قررت تحرير القطاع المصرفي، ما أدخل مصارف البلاد في طفرة نمو قوية جداً كان يُضرب بها المثل عالمياً. غير أن هذه الطفرة ستكون وراء أكبر أزمة مالية في تاريخ البلاد، خاصة بعد الإعلان عن إفلاس "ليهمان برادرز"، الذي كان يعتبر من أهم المصارف محلياً.

أسرار النهاية السعيدة للأزمة المالية في آيسلندا تكمن في السياسة الفريدة التي قررت السلطات المحلية نهجها لمواجهة هذه الأزمة.

فقد تحلّت قيادة البلاد بالشجاعة الكافية لاتخاذ قرارين اعتبرا وقتها ضرباً من المغامرة بمستقبل البلاد.

الأول، تركُ المصارف تواجه الإفلاس على انفراد، في وقت كانت فيه دول أخرى تهرول لإنقاذ مصارفها بكلفة ضخمة بدعوى تفادي النظام المالي برمته.

الإجراء الثاني، كانت آيسلندا سبّاقة، أوروبياً، إلى الاستنجاد بصندوق النقد الدولي، حيث اقترضت 3 مليارات دولار دفعة واحدة، للنهوض بالاقتصاد ومعالجة تداعيات الأزمة على مختلف القطاعات الإنتاجية. المثير أن ذلك المبلغ الضخم لم يسقط البلاد في دوامة القروض. فالالتزام بالأداء وصرف الميزانيات في مشاريع ذات مردودية كبرى مكّنها من تسديد جميع ديونها في سبع سنوات.

أكثر منذ ذلك، استطاعت آيسلندا في بضعة أعوام أن تحقق فائضاً في موازنتها العامة بنسبة 2% من الناتج الإجمالي المحلي من عجز قياسي مرعب بلغ 13% في 2008.

وقد اختصر الرئيس الآيسلندي، أولافور راغنار غريمسون، في تصريحات صحافية، وصفة خروج بلاده من الأزمة بالقول: "قررنا فرض رقابة على النقد الأجنبي. تركنا البنوك تواجه الإفلاس، وفي المقابل، ركزنا على دعم الشعب، ولم نفرض أي إجراء تقشفي من قبيل الإجراءات التي نعاينها في أوروبا".

آيسلندا أودعت أيضاً 26 مصرفياً السجن بتهمة التسبب في تلك الأزمة، وهي الوحيدة التي أقدمت على هذه الخطوة في أوروبا كلها.

فمن يقتفي أثر آيسلندا؟

اقرأ أيضا: مجاملات صندوق النقد الدولي

المساهمون