..ولا يزال عملاء البنوك حائرين

01 يوليو 2016
القطاع المصرفي المصري شهد حالة ارتباك شديدة(فرانس برس)
+ الخط -
ما معنى أن يصدر البنك المركزي المصري قراراً أو حتى توجيهات ثم يتراجع عنها في اليوم التالي عندما تأتيه ردود فعل عنيفة من السوق ربما لم يتوقعها؟
أظن أن التراجع عن القرارات قد يحدث من قبل الحكومة، أما مؤسسة في وزن البنك المركزي فلها حساسيتها الشديدة خاصة وأنها تدير أموال المجتمع، كما تحظى باحترام تاريخي وثقة كبيرة بين جموع المصريين.
الحكاية تتلخص في أن القطاع المصرفي المصري شهد في اليومين الماضيين حالة ارتباك شديدة إثر نشر وسائل إعلام، منها رويترز، خبرا تحت عنوان "مصر توقف استخدام بطاقات الخصم المباشر خارج البلاد"، وعقب نشر الخبر على نطاق واسع ثار قلق شديد بين المتعاملين مع البنوك خاصة حائزي البطاقات البلاستيكية سواء الخصم أو الائتمان.
وزاد القلق بعد أن صُدم الجميع بتصريح خطير لمحافظ البنك المركزي طارق عامر يقول فيه إنه حدث تلاعب كبير من العملاء باستخدام بطاقة الخصم في الحصول على مبالغ كبيرة من الدولار في غير غرض السفر والسياحة والمشتريات، ووصلت الأرقام لعدة مليارات من الدولارات... نعم عدة مليارات.
هنا حدث ضغط على سوق الصرف والقطاع المصرفي معا، حيث سارع البعض لشراء الدولار لأغراض السفر أو العلاج في الخارج أو التسوق، خاصة وأن البطاقات التي بحوزتهم لن تكون ذات فائدة بعد ذلك، إذ سيقتصر التعامل بها على داخل مصر وليس في الخارج.
ولامتصاص حالة القلق والذعر بين عملاء البنوك، سارع مسؤول بالبنك المركزي لينفي إصدار تعليمات بوقف استخدام بطاقات الخصم بالعملة المحلية خارج مصر.
لكن يبدو أن تأثير النفي لم يمتص حالة الذعر بين حائزي البطاقات والذين يتجاوز عددهم الملايين، فخرج أمس طارق عامر، ليؤكد أنه لا تغيير يمس كروت الخصم بالعملة المحلية الخاصة بالمواطنين عند استخدامها خارج مصر، وأن البنك المركزي وجه البنوك للتيقظ من تجار العملة الذين يستخدمون هذه الكروت في المضاربة.
حدث هذا النفي من المسؤول الأول عن إدارة السياسة النقدية في البلاد رغم وصول تعليمات من المركزي للبنوك الأربعاء تقول نصاً "أرجو اتخاذ ما يلزم نحو قصر استخدام بطاقات الخصم (متضمنة البطاقات المدفوعة مقدما) الصادرة بالعملة المحلية من البنوك المصرية داخل مصر فقط".
هل فهمت البنوك وعملاؤها تعليمات البنك المركزي خطأ، أم أن المركزي أدرك الخطر فتراجع عن موقفه؟
من حق أي بنك مركزي أن ينظم السوق حسب إدارته السياسة النقدية، لكن في أوقات القلق لابد أن يتم رد فعل القرارات بدقة حتى لا تأتي بأثر عكسي، وهو ما عهدناه من البنك المركزي.

المساهمون