"رجل مبارك" يجبر مصر على استيراد الغاز من إسرائيل

22 مارس 2017
حقل تمار الإسرائيلي يتأهب لتوريد الغاز إلى مصر (Getty)
+ الخط -
كشفت مصادر حكومية مسؤولة في مصر لـ "العربي الجديد" عن تفاصيل مهمة متعلقة بصفقة استيراد البلاد الغاز الإسرائيلي بقيمة 20 مليار دولار، أبرزها دور رجل الأعمال المصري البارز علاء عرفة في تحريك الاتفاق من أجل الضغط على الحكومة المصرية لإتمامها.
وأثار غياب التعليقات الرسمية من الحكومة المصرية على الأنباء المتداولة حول توقيع الاتفاق الأضخم في تاريخ البلاد بمجال استيراد الغاز، شكوكاً حول طبيعة الصفقة ومن يقف وراءها؟ ففي الوقت الذي أكدت فيه مصادر حكومية إتمام الصفقة، شكّكت مصادر أخرى في عقد الاتفاق، وأوضحت أنها مجرد ورقة يلعب بها بعضهم لتمرير الصفقة مع دولة الاحتلال.

وكان وفد من مجموعة "تمار" الإسرائيلية قد بحث مع شركة "دولفينوس" المصرية، الأحد الماضي، تفاصيل اتفاق تصدير كميات من الغاز الطبيعي للاحتلال إلى القاهرة خلال الأشهر المقبلة.
ونقلت وسائل إعلام مصرية وعربية، أول من أمس، عن مصادر سمتها بـ"المطلعة" أن الطرفين (تمار ودولفينوس) استعرضا ملف مد خط أنابيب جديد للغاز، يمتد من حقول تمار إلى مصر، بتكلفة تصل إلى نصف مليار دولار وتفعيل مذكرة التفاهم التي تم توقيعها من قبل لشراء شركة دولفينوس الخاصة خُمس حجم المخزون الاستراتيجي للغاز من حقل "تمار" الإسرائيلي، بنحو 60 مليار متر مكعب لأكثر من 15 عامًا بتكلفة قُدِّرت بـ20 مليار دولار.

ويقع "تمار" الذي اكتشف في عام 2009 على مسافة 90 كيلومترًا قبالة الساحل الشمالي لإسرائيل، ويحتوي على ما يقدر بـ 10 تريليونات قدم مكعبة من الغاز الطبيعي.
وفي ظل حالة الغموض الرسمي التي تحيط بالصفقة، أكدت مصادر في وزارة البترول المصرية لـ"العربي الجديد" أن الاتفاق بين الجانبين المصري والإسرائيلي بات في حكم النافذ، وأنه من المتوقع أن يصدر تأكيد رسمي بذلك في وقت قريب.
وأوضحت المصادر، والتي رفضت ذكر اسمها، أن الطريق بات مفتوحاً أمام استيراد الغاز الإسرائيلي، وأنه من السهل الاستعانة بخط الغاز الذي كان يستخدم سابقًا في تصدير الغاز إلى إسرائيل والمتوقف منذ فترة بسبب العمليات المسلحة المتكررة، في عمليات الاستيراد، حسب الاتفاق الجديد، وذلك بعد إجراء تعديلات بسيطة وتغيير في المحابس الرئيسية.

وأضافت أن استيراد الغاز من إسرائيل سيوفر على مصر تكاليف استيراده من مناطق أبعد مثل روسيا.
وفي المقابل، شكّك مسؤول سابق بوزارة البترول في تصريحات لـ "العربي الجديد"، في موافقة الحكومة المصرية على الصفقة.
وأكد المسؤول، والذي رفض ذكر اسمه، أن مصر لا تحتاج إلى استيراد الغاز من إسرائيل، لا سيما أنها توفر احتياجاتها بالإنتاج والاستيراد من الأردن وروسيا بأسعار معقولة، مضيفًا أن الهدف من وراء نشر هذا الخبر هو الضغط على الحكومة المصرية من أجل الموافقة والتسريع لتنفيذ ذلك الاتفاق، والذي تسعى وراءه إسرائيل منذ فترة طويلة لما سيحققه من فائدة اقتصادية كبيرة لها.

وأضاف أن "إسرائيل تستخدم في تحقيق أهدافها شريكها المصري صاحب مجموعة "دولفينوس" علاء عرفة، وهي مجرد شركة سمسرة، وقّعت مع شركة "تمار" الإسرائيلية "خطاب نوايا" سابقاً كتمهيد لتوريد الغاز الإسرائيلي إلى مصر".
المسؤول، أكد أن تقارير رسمية كشفت أن مصر ستنتج كميات ضخمة من الغاز من حقل "ظهر" المكتشف حديثًا، والذي تديره شركة "إيني" الإيطالية، وذلك بنهاية العام الجاري.

وقال إن "الأمر كله لا يتجاوز كونه مصالح خاصة بعلاء عرفة، وصديقه رجل الأعمال حسين سالم، والذي تصالح مع الدولة، في محاولة للضغط على الحكومة المصرية من أجل إتمام تلك الصفقة الخانقة".
وسالم صاحب شركة "شرق المتوسط للغاز" التي كانت تقوم بتصدير الغاز المصري إلى إسرائيل في السابق، هو من أقام دعوى تحكيم دولي ضد مصر، نتيجة توقف ضخ الغاز إلى إسرائيل، وليست تل أبيب، وهي الدعوى التي تستخدمها إسرائيل ويستخدمها سالم، للضغط على الحكومة المصرية، من أجل تمرير الاتفاق.

وتوقع المسؤول أن تتسبب الصفقة في خسارة كبيرة لمصر، إذ إنه من المتوقع أن يكون سعر الغاز فيها أعلى من الأسعار التي تستورد بها مصر، وحسب مصادر فإن مصر ستشتري الغاز الإسرائيلي، عبر الشركة الخاصة، بسعر يبلغ نحو ثمانية دولارات للمليون وحدة حرارية، وهو ما يزيد بنحو الثلثين عن مستويات الأسعار العالمية السائدة حالياً.
وأكد أن هذه الصفقة تصب دون شك في مصلحة الجانب الإسرائيلي، نظرًا لتوفر الغاز الموجود لديها، والذي يسهل تصديره عن طريق مصر.


وعلاء عرفة مهندس الصفقة هو نجل اللواء طيار أحمد عرفة، الصديق المقرب من الرئيس المخلوع حسني مبارك، وخريج نفس دفعته، وهو شقيق لأشرف عرفة، ويمتلك الثلاثة مجموعة "جولدن تكس"، والتي تدير مجموعة من مصانع الملابس والمتاجر منها "كونكريت، ميكس، جراند ستورز، وحرية مول، بيير كردان، دانييل هتشتر، وجاي لا روش".
ووجهت إليه اتهامات بالتهرب من دفع مديونية للبنوك بلغت أربعة مليارات جنيه (222 مليون دولار)، وبسبب صداقة والده الشخصية مع مبارك تم بيع شركة ومحلات "أوركو" الحكومية إلى نجليه علاء وأشرف بأسعار رخيصة ومن دون مناقصة، وغيّر الاسم التجاري إلى "جراند ستورز"، كما تم تأخير فتح باب استيراد الملابس الجاهزة، وفقًا لاتفاقية "الغات"، فترة محدّدة من أجل حماية استثمارات عرفة من المنافسة الخارجية، لا سيما أن جمال مبارك كان شريكاً معه.

ويذكر أن أخباراً عديدة حول عقد اتفاقات غاز بين مصر وإسرائيل قد تم تداولها في السابق، ففي أكتوبر/تشرين الأول 2014 كشفت تقارير إسرائيلية عن توقيع خطاب نوايا غير ملزم لتصدير الغاز من إسرائيل إلى مصر لحساب تحالف غير حكومي يقوده عرفة.
وقالت إن خطاب النوايا اعتبر تمهيدًا لبدء عملية التفاوض على اتفاق لتوريد الغاز الطبيعي من مشروع "تمار".
وفي 24 ديسمبر/ كانون الأول من عام 2015 قالت وسائل إعلام إسرائيلية إن وزير الطاقة الإسرائيلي، يوفال شطاينتس، صادق للشركات العاملة بحقل "تمار" الإسرائيلي على تصدير الغاز لمجموعة "دولفينوس" المصرية.

وقالت صحيفة "جلوبز" العبرية، وقتها، إن إسرائيل ستضخ الغاز لشركات مصرية بكميات تقدر بخمسة مليارات متر مكعب خلال ثلاث سنوات، مضيفة أن "المشكلة تكمن في ضرورة مصادقة الحكومة المصرية على الأمر، في ظل وقْف القاهرة كل الاتصالات والمفاوضات المتعلقة باستيراد الغاز من إسرائيل منذ مطالبة هيئة تحكيم دولي لمصر بدفع تعويضات لشركة كهرباء إسرائيل تقدر بـ1.76 مليار دولار، لتوقف ضخ الغاز من مصر إلى إسرائيل".

وأوضحت أن مصادقة شطاينتس جاءت بعد مشاورات أجراها المسؤول عن شؤون النفط في وزارة الطاقة الإسرائيلية، يوسي فيرتسبورج، مع رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو.
وكانت مفاوضات الغاز بين إسرائيل ومصر قد توقفت بعد اندلاع ثورة 25 يناير 2011، خلال فترة حكم المجلس العسكري ثم الرئيس المنتخب محمد مرسي، لكنها تجدّدت مرة أخرى بعد الانقلاب العسكري في 3 يوليو/تموز 2013.


المساهمون