بشرى سارّة للسوريين

15 يونيو 2017
عمال سورية يعانون من الأجور الزهيدة (Getty)
+ الخط -
بعض الصبر أيها السوريون على تراجع المستوى المعيشي وارتفاع الأسعار وحقارة الرواتب والأجور، فالخير مقبل عبر أموال طائلة ومن أوسع الأبواب.

اصبروا أيها السوريون، فقط ستة أشهر، تدبروا أمركم خلالها بطرقكم الخاصة، وبعدها سيأتيكم الفرج وتنسون كل معاناتكم من الفقر والجوع والحرمان.

أجل، فقد أطلق وزير المال في حكومة بشار الأسد وعداً، وتعرفون أن وعد الحر دَين، ولا بد أن ينفذه. الرجل تراجع جزئياً عن تصريحه السابق قبل أيام، بعدم زيادة الرواتب والأجور، وألحقه أمس بتصريح آخر، فيه من الأمل وإن بعد حين.

صحيح أن وعد السيد الوزير مرتبط ببعض الغيبيات ومشروط بـ"إن، إذا، لو" لكن فيه نفيٌّ للتصريح السابق الذي حصر اهتمام الحكومة فقط بتحسين معيشة المقاتلين والمليشيات، وقال إن الأولوية للجيش، وهذا التبدل مهم ويمكن التعويل عليه.

وخاصة أن المدة ستة أشهر، يمكنكم خلالها متابعة صوم رمضان أو بيع ما تبقى عندكم من عقارات أو أثاث بيوت، أو استدينوا ومنّوا الدائن أن ثمة زيادة على الأجور سيتم لحظها خلال موازنة عام 2018.

ولكي لا تشككوا بكلام الوزير ووعده، ها هو رئيس لجنة الموازنة في مجلس الشعب السوري، أيضاً يؤكد الأمل بقوله "ستولي موازنة العام المقبل أهمية أساسية لزيادة الرواتب والأجور للمدنيين والعسكريين".

ولأن رئيس لجنة الموازنة فني ورجل مال ومتخصص، أضاف على وعد الوزير، أن الموازنة المقبلة ستؤكد على الحدّ من تآكل دخل المواطن وخفض معدلات التضخم.
بيد أن الفني والمتخصص، ربما فاته أن يقول للشعب كيف، أي كيف سيتم الحد من تآكل دخل المواطن في ظل ارتفاع الأسعار وتفشي الفساد وفوضى الأسواق وتجار الأزمات.

وربما نسي أن يجيب عن كيفية تخفيض التضخم، بعد أن خسرت الليرة أكثر من 1100% من قيمتها منذ مطلع الثورة عام 2011 وما هي الطرق المالية والأدوات النقدية المتاحة لخفض التضخم، مع تبديد الاحتياطي النقدي البالغ قبل الثورة 18 مليار دولار وتراجع التصدير وعجز الميزان التجاري...

ولكن على الأرجح أن لدى الرجل المتخصص طرقا وحلولا، لكنه نسي أن يقولها، وجلّ من لا ينسى. قصارى القول لأي مشكك بكلام حكومة الأسد لجهة زيادة الرواتب: لا تنس أن الزيادة على الأجور بلغت 200% منذ عام 2011 بصرف النظر عن نسبة التضخم وارتفاع الأسعار، لأن في هذا خلط متعمد.

وأيضاً، لا يرمي أي متصيّد لحكومة الأسد بسؤال، ما هي قيمة الأجور قبل الثورة منسوبة لأي سعر صرف عملة رئيسية ومقارنتها مع الأجور اليوم، لأن في ذلك أيضاً خلطا مقصودا. 

ولا تنكروا، أيها المتربصون بحكومة الأسد، أن سيادة الرئيس الممانع بشار الأسد، زاد الرواتب والأجور العام الفائت بنسبة 20%، أي 7500 ليرة سورية، ونتمنى ألا تقيسوها على الدولار وتقولوا إن الزيادة أقل من 15 دولاراً، أو أن القيادة الحكيمة بدمشق، رفعت بعد الزيادة بيومين، أسعار أسطوانة الغاز المنزلي والمازوت والبنزين بنسب أعلى من الزيادة، فتبددت الزيادة حتى قبل أن يتسلمها الموظفون.

نهاية القول: تبلغ كتلة الرواتب والأجور بسورية، لمن تبقوا على رأس عملهم بعد فصل كل من يؤيد الثورة أو حتى يعمل أو يقيم بالمناطق الثائرة، نحو 280 مليار ليرة زادت العام الفائت بنسبة 20% لتصبح 325 مليار ليرة تقريباً، ونتمنى على القراء عدم نسبها إلى الدولار الذي يبلغ سعر صرفه بدمشق اليوم، 525 ليرة سورية.

لكن نسبة الفقر، نتيجة شبه تثبيت للأجور ورفع الأسعار، تبلغ 80% وفق أكثر الدراسات السورية تفاؤلاً.
ونسبة ارتفاع الأسعار أكثر من 1200% للحد الذي دفع بالسوريين إلى اختصار وجبات الطعام باليوم إلى وجبة، والتعاطي مع البروتين الحيواني والفواكه وفق قاعدة "للعرض فقط" أو وفق المثل السوري "انظر بعينك وارحم بقلبك".

وبالعودة إلى وعود مسؤولي حكومة الأسد بزيادة الرواتب والتي أتت مشروطة بحجم وعجز الموازنة، نقول لمن لا يعرف، أن العجز في الموازنة العامة للدولة بسورية، ارتفع من 432 مليار ليرة عام 2014 إلى أكثر من 500 مليار عام 2015 ليصل إلى 621.73 مليار العام الحالي.

بمعنى، زادت نسبة عجز الموازنة 244% منذ عام 2011 وحتى عام 2016.

وهذا لا يعني أن النظام الممانع بدمشق لن يزيد الرواتب، بل على الأرجح سيزيدها كما في السابق، ببضعة دولارات، ويتبعها بزيادة أسعار حوامل الطاقة والمزيد من التخلي عن دعم السلع التموينية، ليضرب سرب عصافير بحجر واحد، يقول إنه رفع الأجور ويهتمّ بتحسين الواقع المعاشي للسوريين، من جهة، ليزيد الفقر ويجبر السوريين على الهجرة وبيع ما تبقى من ممتلكاتهم، أو يزيد مسكهم من مِعَدِهم وغذاء أطفالهم، من جهة أخرى.
 
المساهمون