عقب إعلانه ترشحه للانتخابات الأميركية في العام 2016 وعد دونالد ترامب بالتخلص من مشكلة الدين العام الحكومي، والتي تعد أحد أبرز المشاكل المزمنة التي تواجه الاقتصاد، خاصة مع التكلفة الضخمة التي تتحملها الموازنة العامة وإيرادات الدولة مقابل سداد أعباء الدين والأقساط المستحقة، كما أن أزمة الدين تضغط على مؤشرات الاقتصاد ومناخ الاستثمار وأسواق المال والاستثمارات الأجنبية والتصنيف الائتماني للبلاد.
وقال ترامب ساعتها إنه يمكن أن يجعل الولايات المتحدة خالية من الديون على مدى ثماني سنوات فقط، أي خلال فترتين رئاسيتين.
وصدّق الرأي العام وعود ترامب الخاصة بالقضاء على معضلة الدين العام، خاصة مع خلفيته الاقتصادية، فهو رجل أعمال بارز، والرجل الأول في قطاع العقارات الأميركي، كما أن له خبرة طويلة في الخروج من حالات التعثر المالي والإفلاس، فقد أفلس ثلاث مرات، لكنه تجاوز مرحلة الإفلاس ليكوّن ثروة تتجاوز قيمتها ثلاثة مليارات دولار.
إلا أن الأرقام الأخيرة الصادرة عن وزارة الخزانة الأميركية تؤكد أن ترامب أخفق في وعوده الانتخابية بشكل كبير، وأن الدين العام شهد في الفترة الأولى لحكمه قفزات، إذ زاد الدين بمقدار ثلاثة تريليونات دولار، أي بما يعادل ألف مليار دولار في العام.
وبدلا من أن يخفض ترامب الدين العام، كما وعد في حملته الانتخابية، تجاوز الرقم 23 تريليون دولار للمرة الأولى في تاريخ البلاد مقابل 19.9 تريليون دولار في العام الذي تولى فيه ترامب الحكم وتحديدا في يناير 2017.
وفي الوقت الذي يتفاخر ترامب بأنه خلال الفترة الأولى لحكمه حقق نجاحات اقتصادية كبيرة، فقد تحسنت مؤشرات البطالة والنمو والتضخم، ووفر فرص عمل لم تحدث منذ نحو نصف قرن، وشهدت أسواق وول ستريت قفزات لم تشهدها منذ سنوات، وخفض أسعار النفط رغم تنامي المخاطر الجيوسياسية والحروب التجارية حول العالم، إلا أن الدين العام زاد بنسبة 16% منذ تنصيب ترامب، وهو ما يعني فشل الرجل في تحقيق واحد من أبرز وعوده التي جاءت في إطار حملته "جعل أميركا عظيمة مجدداً".
كما لم تفلح مليارات الدولارات التي حصل عليها ترامب من دول الخليج ودول أخرى عبر ابرام صفقات السلاح الضخمة في تخفيف حدة مشكلة الدين العام الذي من المتوقع أن يتجاوز حجمه 30 تريليون دولار بحلول عام 2026.
بل ساهمت سياسات ترامب، سواء المتعلقة بخفض ضرائب الشركات أو حروبه التجارية، في تفاقم أزمة الدين وزيادة اعباء الموازنة العامة، وهي الأزمة التي سيأخذها الناخب الأميركي في الاعتبار عندما يختار مرشحه في الانتخابات الرئاسية المقبلة المقررة نهاية العام القادم.