مليون تونسي خارج قانون العمل يهددون صناديق التأمينات

25 مايو 2016
مصنع زيت زيتون في تونس (فرانس برس)
+ الخط -



يتخوف مسؤولون من تسارع انهيار صناديق التأمين الاجتماعي في تونس، بفعل اتساع دائرة العمل غير المنظم، والذي بات وسيلة يتهرب عبرها أصحاب العمل من التأمين على المشتغلين لديهم.
وخلصت دراسة حديثة، أنجزها مركز البحوث والدراسات الاجتماعية، الحكومي، إلى أن نحو مليون تونسي جلهم من الشباب، يعملون دون عقود عمل، ولا يتمتعون بالتغطية الاجتماعية.
ويقول مراقبون في تونس، إن التوظيف غير القانوني، أفضى إلى تدهور الوضعية المالية لصناديق التقاعد والتغطية الاجتماعية بسبب تراجع عدد المشتركين، مقابل ارتفاع عدد المنتفعين بالمعاشات.

وأكدت دراسة مركز البحوث، أن نسبة التشغيل غير المنظم بلغت نحو 32% من إجمالي الوظائف التي يوفرها الاقتصاد التونسي حتى نهاية العام الماضي، تلك نسبة تعادل أكثر من مليون عامل، معظمهم من فئة الشباب ولا يتمتعون بالتغطية الاجتماعية.
وتحدث وزير الشؤون الاجتماعية محمود بن رمضان في تصريحات إعلامية، عن تداعيات التشغيل غير القانوني على أنظمة الضمان الاجتماعي، مؤكدا أن إجبار المؤسسات على أداء واجبها الاجتماعي وتأمين حقوق العمال، يؤدي إلى تجاوز الصعوبات المالية التي تعاني منها الصناديق الاجتماعية.

وتشير البيانات الرسمية إلى أن عجز الصناديق الاجتماعية سيتجاوز ملياري دينار (مليار دولار) خلال السنوات الخمس المقبلة، إذا لم يتم إيجاد حلول عاجلة وجذرية، ما يفسر تعجيل الحكومة الإعلان عن رفع سن التقاعد حتى تخفف العجز المتوقع خلال ثلاث سنوات بنسبة 50%.

وتعتزم الحكومة رفع سن التقاعد من 60 إلى 62 سنة، بداية من يناير/كانون الثاني 2017. 
وتعاني أنظمة التقاعد من وضعية مالية سيئة بعد أن فاق حجم عجزها حالياً 700 مليون دينار، نتيجة التجاوزات المالية وظروف التشغيل، وضعف نسبة استخلاص التغطية في القطاع الخاص.



وتتهم العديد من الأحزاب المعارضة ومنظمات مدنية، الحكومة بالتساهل مع المؤسسات الاقتصادية المتجاوزة والتي تقوم باستغلال الشباب وتشغيلهم بعقود عمل غير قانونية لا تضمن لهم التمتع بالتغطية الاجتماعية.
وتطالب الأطراف ذاتها الحكومة بتكثيف حملات المراقبة وتشديد العقوبات على المؤسسات المخالفة بدل البحث عن بدائل أخرى لتقليص عجز الصناديق الاجتماعية معلنة رفضها للترفيع في سن التقاعد إلى أكثر من 60 عاما.

ويشدد الخبير الاقتصادي عبد الجليل البدوي، في حديث مع "العربي الجديد"، على أهمية التصدي للتشغيل غير المنظم في معالجة أزمة الصناديق الاجتماعية، معتبرا أن التوازنات المالية لصناديق المعاشات متوقفة على ضخ تمويلات جديدة تتمثل أساسا في مساهمات الوافدين الجدد على سوق العمل.
ويرى البدوي أن التشغيل غير القانوني، هو أبرز صور التحايل على الدولة وسرقة لحقوق الجهود، فضلا عن حرمانهم من حقوقهم الاجتماعية الحالية والمؤجلة، والمتمثلة أساسا في ضمان حقهم في معاشات تتماشى مع عدد سنوات العمل الفعلية.

وأعلنت وزارة الشؤون الاجتماعية أنها ستدعو وزارة المالية إلى إجراء يتعلق بإجبار الجميع على أداء الواجب الاجتماعي على غرار الأداء الجبائي في كل المعاملات التجارية.
وكان رئيس الوزراء الحبيب الصيد، قد أكد على هامش المؤتمر الوطني للتشغيل في مارس/آذار الماضي، التزام حكومته ببذل أقصى الجهد وتوفير كل الإمكانيات والموارد، وذلك لتنفيذ الإعلان التونسي من أجل التشغيل، والذي تمت صياغته من مختلف الفاعلين من مجتمع سياسي ومدني وخبراء.
وأفاد الصيد، أن هذا الإعلان سيكون بمثابة خريطة طريق للحكومة، يلتزم بها كل الأطراف، على اعتبار أن معالجة ظاهرة البطالة وتكريس حق العمل، يقتضي تعبئة وطنية شاملة.

وتصف دراسة للأستاذ الجامعي محمد قريعة، سوق العمل بالهشاشة المفرطة، حيث لا تتجاوز نسبة العاملين بعقد غير محدد المدة 45% من مجموع العاملين في عام 2011، في حين أن عدد المشتغلين بعقد محدود المدة وعدد المشتغلين بدون عقد يمثلون 55%.
وأمام ضعف نسبة النمو وتراجع حجم الاستثمارات، لا يتوقع خبراء الاقتصاد انفراجا قريبا في سوق العمل مع توقع ارتفاع الضغوط بسبب الوافدين الجدد على سوق العمل من خريجي الجامعات ومدارس المهن.

وأمام انحسار فرص العمل وارتفاع نسب البطالة إلى أكثر من 15% من عدد السكان يجد الشباب التونسي نفسه، مجبرا على قبول أشكال التوظيف غير القانوني، فيما تعمد العديد من المؤسسات إلى استغلال صعوبة الظرف الاجتماعي لتجاوز قوانين العمل، في غياب المراقبة الكافية من قبل المصالح الحكومية المكلفة بمراقبة قوانين العمل وانتشار الفساد الإداري.
ويجزم مراقبون أن ضعف الرقابة ساهم في التعتيم على الوضع الحقيقي لسوق العمل وظروف العمل في المؤسسات الاقتصادية بمختلف أنواعها.


المساهمون