بائعة البخور..تركت التعليم بسبب فقر أسرتها

25 فبراير 2015
تلجأ مصريات إلى بيع البخور لمواجهة الأعباء المعيشية الصعبة(getty)
+ الخط -
تتجول بمبخرتها بين المحال التجارية والمقاهي من أجل الحصول على جنيهات قليلة تساعد أسرتها على المعيشة في ظل فقر مدقع يواجهها كغيرها من المصريين.
منى محمد، 13 عاماً، بدأت عملها بعد ترك التعليم من أجل مساعدة أسرتها المكونة من 6 أفراد، عقب وفاة والدها العامل، إثر سقوط ماكينة تقطيع الرخام عليه بأحد مصانع شق الثعبان بمنطقة حلوان جنوب القاهرة، ولجأت والدتها أيضاً التي تعتبر رب الأسرة إلى العمل من أجل تغطية نفقات المنزل وتربية 5 أطفال، حسب منى، التي أشارت إلى أن الأسرة انتقلت بعد وفاة عائلها من شقة بغرفتين وصالة (تصفها بالواسعة) إلى العيش في غرفة واحدة مستأجرة بمنطقة "عرب الوالدة" إحدى مناطق العشوائيات بحي حلوان.
وتقول منى، لـ"العربي الجديد"، إن اثنين من إخوانها يعملان بائعين جائلين في منطقة وسط البلد بقلب القاهرة، مضيفة، أنها تستيقظ في الثامنة صباحاً من أجل إعداد مبخرتها بالإضافة إلى بضاعتها المتمثلة في أعواد البخور، التي تتراوح أسعارها بين جنيهين للعلبة الصغيرة، وعشرة جنيهات للعلبة الكبيرة، لتحصل على ما يقرب من 35 جنيهاً في اليوم (4.6 دولارات، نظير بيع البضاعة والأموال التي يعطيها لها أصحاب المتاجر مقابل تبخيرها وتعطيرها.
وبكلمات وأدعية تشعل "منى" البخور داخل المحال التجارية والورش من أجل تطييب رائحة المكان مقابل الحصول على نصف جنيه أو جنيه من صاحب المحل، وأكثرهم كرماً يعطيها جنيهين، وتفضل التجول في المناطق العشوائية حيث يكون الإقبال على بضاعتها أكثر من الأحياء الراقية أو التجارية الشهيرة في وسط العاصمة حيث تُمنع من دخول المتاجر.
وتوضح منى، أنها تعاني في عملها من المضايقات والمعاكسات رغم صغر سنها من بعض أصحاب المحال التجارية، لكنها تتحمل من أجل لقمة العيش، وتقول "أتحمل قدر استطاعتي ومن يتجاوز أواجهه بكل حسم"، موضحة أن عملها في الشارع رغم أنه يدر عليها جنيهات قليلة مقابل يوم عمل شاق ومرهق، إلا أنها بهذه المبالغ تساعد أسرتها في العيش وتوفير متطلبات الحياة.
وتضيف منى، أنها تركت الدراسة قبل وفاة والدها نتيجة لكثرة الأعباء المالية، وعدم استطاعته توفير مصاريف المدرسة، وتقول، إن أشقائي خالد (16 عاماً) وفضل الله (17 عاماً) تركا أيضاً الدراسة، ويعمل الأول في ورشة ميكانيكا لتصليح السيارات، ويتقاضي أجراً يومياً يقدر بنحو 20 جنيهاً فقط، والآخر يعمل في أحد المخابز
البلدية ويحصل على 15 جنيهاً بالإضافة إلى أرغفة خبز بقيمة خمسة جنيهات يومياً، حسب اتفاقه مع صاحب المخبز، وتضيف "والدتي تعمل في تنظيف الشقق ومسح السلالم وغسل السجاد والموكيت".
ومنى نموذج لأطفال الشوارع في مصر والذين يضطرون للعمل أو للتسول بسبب زيادة الفقر وعدم وجود مؤسسات مجتمع مدني تستوعبهم وضعف المخصصات المالية الحكومية لمحاربة هذه الظاهرة. ويوجد في مصر، قرابة مليوني طفل شوارع حسب تقديرات منظمات مدنية غير رسمية، ونحو 20 ألف طفل، وفقاً لوزارة التضامن الاجتماعي المصرية.
وتبلغ نسبة الفقر 26%، حسب الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء الحكومي.

اقرأ أيضا: ترك شهادته الجامعية بحثاً عن لقمة العيش: بائع الفاكهة

وقالت سمية الألفي، مديرة مشروع أطفال الشوارع بالمجلس القومي للطفولة والأمومة، في تصريحاتٍ سابقة، إن نتائج مسح تم على 10 آلاف طفل شارع، أظهرت أن 76% تسربوا من التعليم لأسبابٍ اقتصادية، و51% بسبب عدم اهتمام الأسرة.
وأكملت أن 70% من أطفال الشوارع يزيد وجودهم بالطرقات منذ أكثر من عام، مشيرةً إلى أنه من الصعب تأهيلهم وإقناعهم مرة أخرى بالعودة إلى بيوتهم، موضحةً أن تكلفة تأهيل طفل وإقامته في مركز تصل إلى 1500 جنيه شهرياً.
وأشارت إلى أن القاهرة هي أكثر المدن المصرية التي ينتشر فيها أطفال الشوارع، ويقدر عددهم حسب دراسة أجراها المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية بحوالى 650 ألف طفل بنسبة تصل إلى 32% من إجمالي عدد أطفال الشوارع في مصر.
وأرجعت الظاهرة إلى التجمعات السكانية العشوائية والفقر والبطالة، حيث تضطر بعض الأسر للتسول فتلقي بأطفالها في العراء للبحث عن الطعام وبعض الأموال، إضافة إلى هروب عدد من الأطفال من أسرهم من شدة القسوة والعنف وضيق الحالة المادية والتربية الخاطئة، مشيرة إلى أنه لا توجد أرقام حقيقية لأطفال الشوارع.

اقرأ أيضا: وزير المالية المصري: سنرفع أسعار الكهرباء والبنزين والسولار
اقرأ أيضا: بقال الحي..ملاذ الأسر المغربية الفقيرة
المساهمون