تزايد الضغوط على السلع في إيران وتعليمات لإخفاء الأسعار

19 مايو 2019
تهاوي العملة يرفع الأسعار بحدة (Getty)
+ الخط -

تتصاعد الضغوط على أسعار السلع في إيران، جراء التصعيد الحالي بين واشنطن وطهران، بينما تشهد في الأساس ارتفاعا متواصلا منذ إعادة فرض العقوبات الأميركية، بعد انسحاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب من الاتفاق النووي في مايو/أيار من العام الماضي 2018.

وواصلت السلع الأساسية صعودها خلال الأيام الماضية، مع ارتباك في أداء العديد من القطاعات، ما دفع السلطات الإيرانية إلى إصدار تعليمات لمواقع إلكترونية لإخفاء الأسعار وعدم إظهارها، خاصة في العقارات والسيارات.

وعقد المجلس الأعلى للتنسيق الاقتصادي، اجتماعاً صباح أمس السبت، بحضور رؤساء السلطات الثلاث، شارك فيه الرئيس حسن روحاني، ورئيس مجلس الشورى الإسلامي علي لاريجاني، ورئيس السلطة القضائية آية الله إبراهيم رئيسي، وفق ما ذكرت وكالة أنباء فارس.

وحضر الاجتماع أيضا النائب الأول لرئيس الجمهورية إسحاق جهانغيري، ومساعد رئيس الجمهورية للشؤون الاقتصادية محمد نهاونديان ومحافظ البنك المركزي عبدالناصر همتي، ووزير الاقتصاد والمالية فرهاد دج بسند، ووزير الصناعة والمناجم والتجارة رضا رحماني، ورئيس منظمة التخطيط والميزانية محمد باقر نوبخت ومسؤولون آخرون.

وتصاعد التوتر بين واشنطن وطهران في الأيام الأخيرة، بعدما أعلنت وزارة الدفاع الأميركية إرسال حاملة الطائرات "أبراهام لنكولن" وطائرات قاذفة إلى الشرق الأوسط، بزعم وجود معلومات استخبارية بشأن استعدادات محتملة من قبل طهران لتنفيذ هجمات ضد القوات أو المصالح الأميركية.

والأسبوع الماضي، نقلت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية، عن مسؤول مطلع (لم تسمّه) في منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، أن طهران علقت رسمياً بعض التزاماتها بالاتفاق النووي، الذي توصلت إليه مع القوى العالمية في 2015.

وقبل ذلك بأسبوع، أعلنت طهران تعليق بعض تعهداتها بموجب الاتفاق النووي، وهددت بإجراءات إضافية، خلال 60 يوما، في حال لم تطبق الدول الأخرى التزاماتها. وجاء إعلان طهران في ذكرى مرور عام كامل على إعلان الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الانسحاب من الاتفاق النووي الموقع عام 2015، بين إيران والدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا.

وأحدثت العقوبات أزمة اقتصادية، على خلفية تراجع حاد في قيمة الريال الإيراني بأكثر من 150 في المائة من إعادة فرض العقوبات العام الماضي، ليصل في تعاملات، أمس السبت، إلى نحو 145.5 ألف ريال مقابل الدولار الواحد، مما تسبب في ارتفاع حاد للأسعار، تتراوح نسبته بين 100 و300 في المائة.

وتسعى واشنطن إلى تضييق الخناق على إيران. وأظهرت بيانات لتتبع الناقلات أن صادرات إيران من النفط الخام هبطت في مايو/ أيار الجاري إلى 500 ألف برميل يومياً أو أقل. وأعادت واشنطن فرض عقوبات على النفط الإيراني في نوفمبر/تشرين الثاني، مستهدفة خفض صادرات الخام الإيراني إلى الصفر.

وأنهت الولايات المتحدة هذا الشهر إعفاءات كانت منحتها لثمانية مستوردين للنفط الإيراني. وبالرغم من ذلك، صدرت إيران ما بين 250 ألفاً إلى 500 ألف برميل يومياً من النفط منذ بداية مايو/أيار، وفقا لوكالة رويترز يوم الجمعة الماضي.

ويتجه الجانب الأكبر من الشحنات إلى آسيا. ولم يتضح من هو المشتري وما إذا كان النفط يتجه إلى مستهلكين أو إلى مستودعات للتخزين.

لكن متحدثا باسم وزارة الخارجية الأميركية، قال قبل يومين، إن الولايات المتحدة تأخذ على محمل الجد الانتهاكات المزعومة للعقوبات الإيرانية وستتخذ إجراء إذا لزم الأمر، وذلك رداً على أنباء بشأن قيام ناقلة تقوم بتفريغ زيت وقود إيراني في ميناء صيني.

وقدمت الصين دعما قوياً لإيران، حينما قال وزير الخارجية وعضو مجلس الدولة الصيني وانغ يي، خلال لقاء مع وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في بكين، يوم الجمعة الماضي، إن بلاده تعارض فرض العقوبات الأحادية وتدعم جهود طهران لحماية مصالحها.

ونقلت وزارة الخارجية الصينية عن وانغ قوله "تعارض الصين بحزم تطبيق الولايات المتحدة عقوبات أحادية وما يسمى بـ "الصلاحيات العابرة للحدود" و"تدعم الجانب الإيراني في دفاعه المشروع عن حقوقه ومصالحه".

وهبطت صادرات إيران النفطية بأكثر من النصف منذ إبريل/ نيسان الماضي، عندما شحنت الجمهورية الإسلامية ما يقل من مليون برميل يوميا. وهى أيضا أقل من 20 في المائة من الشحنات التي أرسلتها إيران في إبريل/ نيسان 2018 والتي بلغت أكثر من 2.5 مليون برميل يومياً.

وأصبحت صادرات إيران أكثر غموضا منذ عودة العقوبات الأميركية. ولم تعد طهران ترسل أرقامها للإنتاج إلى منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، ولا توجد معلومات مؤكدة بشأن صادراتها.

وأعلنت السلطات الإيرانية أخيراً تراجع التجارة الخارجية للبلاد بنسبة 13.5 في المائة، وسط حديث متزايد عن ضرورة الاهتمام بتحصين الاقتصاد داخلياً.

وأدت مشاكل العملة الإيرانية إلى نقص السلع المستوردة، ما انعكس ارتفاعاً في الأسعار وندرة في توافر بعض السلع. وقال صندوق النقد الدولي أن التضخم في إيران ارتفع إلى 31 في المائة عام 2018، وتوقع أن يصل إلى 37 في المائة أو أكثر هذا العام.

وتُنشر هذه البيانات الاقتصادية، فيما أكد نائب الرئيس الإيراني إسحاق جهانغيري الأسبوع الماضي، أن اعتماد الموازنة الإيرانية على عوائد النفط تقلص إلى 30 في المائة، بعدما ما كان 80 إلى 90 في المائة سابقاً.

وكانت بيانات نشرها مكتب الإحصاء التابع للاتحاد الأوروبي "يوروستات" أخيرا، قد أشارت إلى أن حجم التبادل التجاري مع إيران قد تراجع إلى الخُمس في الشهرين الأولين من 2019، إذ وصل إلى 756 مليون يورو، بعدما كان 3.72 مليارات يورو في الفترة ذاتها من عام 2018.

ووفق البيانات الإيرانية، فقد انكمش الاقتصاد الإيراني بنسبة 3.8 في المائة خلال الشهور التسعة الأولى من العام الإيراني الماضي، الذي انتهى في 20 مارس/ آذار 2019، في مؤشر على تأثر البلاد بالعقوبات الأميركية المتجددة.

وأشار المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي، في خطاب، الثلاثاء الماضي، إلى الضغوط الاقتصادية الكبيرة التي تمارسها الإدارة الأميركية على بلاده على شكل عقوبات "قاسية".

وقال خامنئي إن "الاقتصاد مشكلة كبيرة، والسبب هو وجود ضغوط على معيشة الطبقات الفقيرة والمتوسطة"، داعياً إلى "الاهتمام الجادّ بالاقتصاد"، معتبراً أنه "لا يوجد أي مأزق في البلد".


المساهمون