تراجع حاد في مؤشرات الاقتصاد في غزة

17 يوليو 2019
تراجع الوضع المعيشي في غزة (العربي الجديد)
+ الخط -
تواصل مؤشرات الاقتصاد في قطاع غزة تراجعها غير المسبوق، في ضوء حالة التردي المعيشي وتآكل قطاعات اقتصادية وصناعية وتجارية بأكملها، نتيجة لاستمرار الحصار الإسرائيلي للعام الثالث عشر على التوالي؛ إذ بلغ إجمالي مساهمة غزة 2.7 مليار دولار فقط بنسبة لم تتجاوز 20 في المائة من إجمالي الناتج الفلسطيني المحلي المقدّر بـ 13.78 مليار دولار أميركي. 

وبحسب البيانات الصادرة عن وزارة الاقتصاد، فإن نسبة الانخفاض خلال 2018 في مساهمة غزة في الناتج المحلي قدرت بـ8 في المائة، بينما انخفض نصيب الفرد في غزة من الناتج بنسبة 11 في المائة ليصل إلى 1385.94 دولاراً أميركياً.

وتشير البيانات إلى زيادة واضحة في إجمالي الشيكات المرتجعة في الأشهر الأربعة الأولى من العام الحالي، حيث بلغت حوالي 386.5 مليون دولار، مقارنة بـ 378.3 مليون دولار في أول 4 أشهر من العام 2018. كما بلغت ودائع الغزيين لدى البنوك حوالي 1.2 مليار دولار أميركي فقط.

ويقول الباحث في الشأن الاقتصادي أسامة نوفل إن هناك انهيارا كبيرا في الاقتصاد الغزي خلال عام 2018، ويمتد في العام الحالي نتيجة للظروف السياسية القائمة واستمرار الحصار الإسرائيلي المفروض منذ عام 2006.

ويوضح نوفل لـ "العربي الجديد"، أن تراجع نصيب الفرد من الناتج المحلي بغزة سيؤثر على معدلات البطالة والفقر وانعدام الأمن الغذائي الذي يطاول نحو 69 في المائة من إجمالي عدد السكان الذين تجاوز عددهم مليوني مواطن.

أما تراجع النسبة الإجمالية لمساهمة غزة في الناتج المحلي فهو لم يسجل سابقاً، وذلك بعدما كان القطاع يساهم وفقاً لبيانات عام 2005 بنحو 35 في المائة من الناتج الإجمالي الفلسطيني، وفق نوفل.

وترجع أسباب التدهور الحاصل إلى طبيعة التدهور المعيشي والاقتصادي في الأعوام الأخيرة، وانعكاسات الحروب الإسرائيلية على القطاع وتراجع الإنفاق الحكومي واستمرار الحصار الإسرائيلي على غزة.

ومنذ إبريل/نيسان 2017، تراجع الوضع الاقتصادي في غزة بشكلٍ مختلف عما سبقه من الأعوام في أعقاب قيام السلطة الفلسطينية بتقليص فاتورة الرواتب المدفوعة، إلى جانب تحويل آلاف الموظفين للتقاعد المبكر، الأمر الذي رفع عجز السيولة النقدية المتوفرة في أيدي المواطنين.

ويتوقع نوفل أن يسير المشهد الاقتصادي في القطاع نحو المزيد من الانهيارات، في ضوء استمرار الحصار وعدم تنفيذه للتفاهمات التي تجري برعاية أممية وقطرية ومصرية، إلى جانب استمرار إجراءات السلطة المفروضة للعام الثاني على التوالي.

وبحسب بيانات سلطة النقد الفلسطينية (البنك المركزي)، فقد تراجعت التسهيلات المصرفية والقروض في قطاع غزة بنسبة 3.2 في المائة في الربع الأول من العام الحالي، مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، إذ بلغ إجمالي القروض 959.8 مليون دولار، مقارنة بنحو 991.8 مليون دولار في الفترة المناظرة من 2018.

في السياق ذاته، يؤكد المختص في الشأن الاقتصادي رائد حلس أن الاقتصاد الغزي تلقى صدمات متتالية منذ عام 2000، ووجود حالة من عدم الانتظام والاستقرار في مختلف القطاعات الاقتصادية ألقت بظلالها على الناتج المحلي.

ويقول حلس لـ "العربي الجديد" إن حالة التراجع الحاصلة أخيراً تبدو منطقية وطبيعية خصوصاً في حالة الانكماش الاقتصادي وتراجع مستويات الإنفاق الحكومي في الأعوام الأخيرة وتقليص الرواتب بنسب تتراوح ما بين 30 و50 في المائة.

ويوضح أنّ تخفيض الحكومة للإنفاق على غزة إلى جانب وقف إمدادات الوقود والكهرباء وغيرها من الإجراءات التي اتخذتها، انعكست بصورةٍ واضحة على الناتج المحلي وساهمت في انخفاضه إلى جانب تراجع الاستثمار.

وعن تراجع التحويلات المالية الواصلة للقطاع خلال العام الأخير والتي لم تتجاوز 240 مليون دولار، يرجع حلس ذلك إلى الإجراءات المشددة التي تتبعها البنوك وتعليمات سلطة النقد والرقابة المفروضة على القطاع المصرفي خشية من الاتهام بتمويل الإرهاب.

ويلفت إلى أن كل المؤشرات القائمة حالياً تؤكد تواصل حالة التراجع في الاقتصاد الغزي في ضوء استمرار الانقسام والحصار الإسرائيلي، بالإضافة إلى أن التفاهمات التي تجري بوساطات مختلفة لا تساهم في دفع عجلة الاقتصاد.
المساهمون