أزمة الوقود في اليمن تهدد الكهرباء الحكومية

13 مارس 2020
أزمة الوقود تلف المناطق اليمنية (فرانس برس)
+ الخط -
دخلت أزمة الكهرباء في عدن وحضرموت والمناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة اليمنية منعطفاً شائكاً يهددها بالتوقف كلياً مع نفاد الوقود وتوسع التقنين الذي أصبح يتجاوز العشر ساعات يومياً، إضافة إلى توجه السلطات الرسمية نحو تطبيق نظام تعرفة الاستهلاك الجديدة بنسبة زيادة تقدر بحوالي 75%. 

وأقرت المؤسسة العامة للكهرباء في عدن زيادة الاستهلاك للفئات التجارية والصناعية والحكومية والزراعية في حساب الكيلو واط ابتداءً من فواتير استهلاك شهر فبراير/شباط الماضي مع استثناء الفئات السكنية من التسعيرة الجديدة.

وحسب مصادر مطلعة فإن الحكومة اليمنية تواجه صعوبة بالغة في توفير الوقود الخاص بمحطات توليد الكهرباء العمومية في مناطق سيطرتها المعتمدة بنسبة تزيد عن 60% على هذه المحطات، بالتوازي مع ارتفاع نسبة الاستهلاك في ظل محدودية الطاقة المتوافرة. وتتصاعد الأزمة مع ضعف الموارد وعدم القدرة على تحصيل الإيرادات العامة خصوصاً من فواتير الكهرباء.

وارتفع سعر الكيلو واط من 30 ريالا إلى 70 ريالا بموجب التسعيرة الجديدة التي لقيت رفضاً كبيراً من قبل مستهلكي الكهرباء ممن شملهم القرار. وفي الوقت الذي عبر فيه مواطنون ومزارعون وملاك المصانع والمحال التجارية عن سخطهم من التسعيرة الجديدة، أفاد خبراء ومسؤولون حكوميون بأن الوقت قد حان لحل مشكلة الكهرباء التي تتصدر قائمة الأزمات التي تعاني منها جميع المناطق اليمنية، بالتوازي مع تحصيل الإيرادات العامة من الضرائب والجمارك وخصوصاً الكهرباء، إذ لا تستطيع الجهات المختصة تحصيلها منذ نحو ثلاث سنوات.

ويشكو المزارع جمال بن كرامة من وادي حضرموت (شرق) من التسعيرة الجديدة للكهرباء والتي ستكلفه كما يقول لـ "العربي الجديد" ضعف ما كان يدفعه، إذ وصل المبلغ المطلوب سداده بالفاتورة الجديدة نحو 20 ألف ريال من 10 آلاَف ريال سابقاً. ويعتمد أغلب المزارعين في حضرموت على الكهرباء بدلاً من الديزل الذي يرونه مكلفاً للغاية في ظل تراجع العائدات من بيع المحاصيل.

ويقول المزارع في منطقة سيئون شمال حضرموت مأمون بانبيل لـ "العربي الجديد"، إن قرار رفع تعرفة الكهرباء إلى جانب أزمة الوقود تسبب في تراجع إنتاجية محاصيله من الطماطم والبصل والنخيل مع اقتراب موسم حصادها وبالتالي قد يتأثر المعروض في الأسواق، وتالياً الأسعار.

ويمر سكان عدن بفترة صعبة بسبب الانقطاعات المتواصلة للكهرباء والتي تزيد على 10 ساعات في اليوم خصوصاً مع دخول فصل الصيف وارتفاع درجة الحرارة.

ويلفت مسؤول في المؤسسة العامة للكهرباء إلى أن قوات عسكرية تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً والمسيطرة على ميناء عدن، منعت تفريغ شحنة مازوت تقدر بحوالي 40 طنا متريا مخصصة لمحطات توليد الكهرباء في عدن، بحجة أنها تابعة لشركات مرتبطة بشخصيات قريبة من الرئيس اليمني، قبل السماح بتفريغها بضغط من القيادات السعودية في عدن.

وكانت المؤسسة العامة للكهرباء في عدن قد أعلنت عن تنفيذ حملة موسعة وشاملة لقطع التيار الكهربائي عن المتخلفين عن السداد، إضافة إلى دعوتها المتأخرين في الدفع، لسداد "ما تيسر" من أصل الفواتير المتراكمة على المنازل التي تستهلك ما تؤمنه المؤسسة من تغذية، بدون تسديد تكاليف الاستهلاك.

وفي هذا الشأن، يؤكد المسؤول الإعلامي لوزارة الكهرباء والطاقة محمد المسبحي أن الوزارة تبيع الطاقة الكهربائية بخسارة، موضحاً أن الزيادة في التسعيرة استندت إلى قرار وزاري سابق بشأن تحريك التعرفة لفئات الاستهلاك التجاري، نظراً لارتفاع كلفة الوقود عالميا حينها وارتفاع سعر الدولار.

وينتقد خبراء الاقتصاد، دولتي التحالف العربي في اليمن السعودية والإمارات لعجزهما عن تطبيع الحياة في "المحافظات المحررة" وحل المشاكل المتعلقة بالخدمات العامة مثل الكهرباء.
وظلت الإمارات طوال سيطرتها على عدن ومحافظات أخرى في جنوب اليمن تقدم وعودا وهمية لإنشاء مشاريع استراتيجية من عينة محطة تمويل الكهرباء في عدن التي استمرت منذ العام 2015 في الترويج لتمويل هكذا مشروع لم ينفذ منه شيء على أرض الواقع.

ويرى الباحث الاقتصادي وليد مقبل، أن دولتي التحالف حالتا بتعمد دون توفير الخدمات العامة للناس ومساعدة الحكومة اليمنية على إدارة المؤسسات العامة وتطبيع الأوضاع من خلال توفير الخدمات وتحصيل الموارد العامة.

ويستغرب مقبل رفع يد الحكومة عن تحصيل موارد مثل الضرائب والجمارك لصالح جهات أخرى تدعمها الإمارات مثل بعض الفصائل العسكرية التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، إضافة إلى عدم تحصيل فواتير الكهرباء من المستهلكين رغم الخسائر المكلفة التي تدفعها لشراء الوقود لمحطات الكهرباء.
المساهمون