وقررت وزارتا الري والزراعة اللجوء إلى مياه الصرف الزراعي لري 100 ألف فدان إضافية من الأرز، ليصل إجمالي المساحة المحددة للمحصول إلى 824 ألف فدان، بدلاً من مليون و100 ألف فدان في الموسم الماضي، من دون استخدام متر مكعب واحد من المياه النيلية، بحسب تصريحات منسوبة لرئيس الإدارة المركزية بوزارة الري، أسامة الظاهر.
وأفاد الظاهر بأن القرار، غير المعلن، نص على زراعة المساحة الإضافية اعتماداً على مياه الصرف المعالج، بحيث تتولى وزارة الزراعة توفير البذور المناسبة لطبيعة مياه الصرف الزراعي، باعتبار أنها "عالية الملوحة"، نافياً أن يكون القرار نابعاً من ضغوطات من أي جهة لزيادة المساحة المقررة من الأرز، بل جاء للمواءمة بين حاجة البلاد ومصلحة المزارع.
إلى ذلك، قالت مصادر مسؤولة في وزارة الزراعة إنه "في إطار السياسات الحكومية الجديدة، لتلافي الآثار السلبية لسد النهضة، بعد تعثر المفاوضات الفنية والسياسية مع أديس أبابا، وقعت الوزارة بروتوكولاً غير معلن مع وزارة الري، لتحويل نظام الري بمساحات كبيرة في مناطق الوجه البحري عبر مياه الصرف المعالجة".
ويعدّ هذا التوجه الحكومي الأول من نوعه في مصر، التي تعد واحدة من الدول المصدرة للأرز، ويعتمد فلاحوها بشكل أساسي على زراعة هذا المحصول، إذ أكدت المصادر أن وزارتي الري والزراعة تستعدان لشراء معدات وأجهزة جديدة وأنظمة زراعية من الاتحاد الأوروبي، من شأنها تخفيض استهلاك مياه النيل في الزراعة.
في سياق ذي صلة، تقدم عضو اللجنة التشريعية في البرلمان، خالد مشهور، بطلب إحاطة موجه إلى وزير الري والموارد المائية، محمد عبد العاطي، حول إمكانية استخدام مياه الصرف الزراعي في ري محصول الأرز، خاصة أن ثلاثة أرباع المساحة المزروعة من الأرز في منطقة شمال الدلتا تروى بمياه الصرف المعالج، حسب قوله.
وأضاف مشهور أن "المسألة تتوقف على الكيفية التي تُعالَج بها مياه الصرف الزراعي، لإعادة استخدامها مرة أخرى في زراعة الأرز"، متسائلاً عن "الإجراءات التي تتخذها وزارة الري والموارد المائية، للتأكد من مطابقة مياه الصرف المعالج للمعايير العالمية، حتى يمكن استخدامها في زراعة الأرز".
واعتبر مشهور أن هناك العديد من الحلول التي يمكن اللجوء اليها للحفاظ على المساحات المزروعة بالأرز، وذلك من خلال ابتكار سلالات جديدة من الأرز تستهلك كميات أقل من المياه، داعياً إلى ضرورة اهتمام الدولة بالبحث العلمي في مجال الزراعة، كونه سيؤدي بدوره إلى نتائج إيجابية على مستقبل الزراعة في البلاد.
ووافق مجلس النواب، بشكل نهائي، في الثاني والعشرين من إبريل/ نيسان الماضي، على تعديل بعض أحكام قانون الزراعة، وتوقيع عقوبتي الحبس مدة لا تزيد على 6 أشهر، وغرامة لا تزيد على 20 ألف جنيه عن الفدان الواحد أو كسور الفدان، بحق الفلاحين الذين يزرعون محاصيل شرهة للمياه، كالأرز، في مناطق غير تلك التي تحددها الحكومة.
وكانت وزارة الزراعة قد كثفت من حملاتها على محافظات الوجه البحري، لإزالة المساحات المزروعة بالأرز، تطبيقاً لقرار الحكومة بخفض مساحة زراعته إلى 724 ألف فدان في الموسم الحالي، مع اتخاذ الإجراءات القانونية حيال المخالفين، في وقت يشتكي فيه المزارعون من تعرضهم لخسائر مادية فادحة نتيجة عمليات الإزالة، ودفعهم للغرامات المقررة.
وتعكف مراكز الأبحاث الزراعية في مصر على استحداث نوعيات من البذور المهجنة، والمعدلة وراثياً، بحيث تكون أقل استهلاكاً من المياه، وأكثر إنتاجية، في ضوء عدم قدرة خزينة الدولة على تلبية احتياجات الأسواق المحلية من السلع والمحاصيل، التي سيتم الحد من زراعتها للتعاطي مع تداعيات أزمة السد الإثيوبي.
وترفض إثيوبيا الاعتراف بحصة مصر التاريخية من مياه النيل المقدرة بنحو 55 مليار متر مكعب من المياه، والتي نصت عليها اتفاقية 1959، وهو ما مثل سبباً رئيساً في فشل جولة المفاوضات التي استقبلتها العاصمة السودانية، الخرطوم، مطلع إبريل/ نيسان الماضي، بحضور وزراء المياه، والخارجية، ومدراء أجهزة الاستخبارات في دول مصر وإثيوبيا والسودان.