أمرت قيادة الدرك الوطني في الجزائر، (تابعة لوزارة الدفاع والمكلفة بالتحقيقات في قضايا الفساد)، جميع وحداتها، بفتح تحقيقات في حركة القمح والحليب المجفف المستوردين والمدعمة أسعارهما.
وحسب المعلومات التي وصلت إلى "العربي الجديد" فإن التحقيقات التي انطلقت في 12 مايو/أيار الحالي، ستشمل أكثر من 200 مطحنة عبر 47 محافظة و117 شركة ألبان وإنتاج للحليب، على خلفية استعمالها لتصاريح كاذبة حول الكمية المنتجة من المواد الغذائية من الحبوب منذ سنة 2011.
وأثبتت التحقيقات الأولية، حسب المعلومات، أن شركة الألبان تتلاعب بكمية المسحوق المخفف المدعم، حيث يقضي القانون الجزائري على احتواء كل لتر من الحليب على 103 غرامات من المسحوق، في أحسن الأحوال، فيما يتم خلط 60 غراماً فقط من مسحوق الحليب مع لتر من الماء تقريبًا، وهكذا يتم تحويل الفارق لبيعه لإنتاج الجبن والزبادي، نظراً لربحيتها المرتفعة".
وكانت الحكومة الجزائرية قد أطلقت حملة ضد المتلاعبين بالقمح وأسعاره، صيف 2019، أفضت إلى إقالة مدير الديوان الجزائري للحبوب السابق محمد بلعبدي، بالإضافة إلى غلق 45 مطحنة خاصة مع متابعتها قضائياً، بتهمة تضخيم الفواتير والتصريح الكاذب، إضافة إلى إقرار متابعات قضائية لباقي المطاحن التي قدمت تصاريح كاذبة فيما يخص قدراتها الإنتاجية الفعلية، وذلك في إطار التدابير التي أقرتها الجزائر للحفاظ على احتياطي الصرف.
وحسب المراقبين، يكمن الاحتيال في نقطتين، إمّا أن تصرح المطحنة برقم إنتاج مضخم للاستفادة من كمية أكبر من القمح المدعم بتواطؤ من ديوان الحبوب، وتعيد بيع الكمية المضافة بسعر مرتفع للتجار أو لمصانع العجائن، أو أن تضع المطاحن طلب استيراد لدى الديوان الجزائري للحبوب، وتقوم بتضخيم الفواتير، وبالتالي تقوم بتهريب قانوني للعملة الصعبة من جهة، والاستفادة من القمح المدعم من جهة أخرى، أي تحقيق ربح مضاعف.
وتحصي الجزائر قرابة 350 مطحنة، وأكثر من 400 معمل لإنتاج الحليب ومشتقاته، تستفيد دوريا من كميات من القمح المدعم، ومسحوق الحليب المدعم أيضا.
وتمثل الجزائر 15.4 في المائة من السوق الأوروبية للقمح، ومن أصل ما تستورده الجزائر من قمح أوروبي، يمثل القمح الفرنسي حصة الأسد بـ70 في المائة، وتعتبر الجزائر ثاني زبون رئيسي للمحصول الفرنسي بعد مصر، ويقدّر معدل الاستيراد بـ4.6 ملايين طن سنويًا.
وحسب تقارير رسمية، تقدر حاجات الجزائر من القمح بأنواعه بنحو 15 مليون طن سنوياً، في حين استوردت قرابة 12 مليون طن في 2019، ما جعلها من أكبر المستوردين عالمياً.
وفي المقابل، تراوح أزمة الحليب في الجزائر مكانها بسبب عدم رفع الإنتاج، في ظل زيادة الاستهلاك السنوي، وكان الديوان المهني للحليب (حكومي) قد ذكر أنّ الجزائر تحتاج إلى نحو 5 مليارات لتر من الحليب سنوياً، بينما الإنتاج المحلي لنحو مائة وسبعة عشر مركز إنتاج موزعة على 48 محافظة، لا يتجاوز 800 مليون لتر.
وسبب ذلك، حسب المنتجين، تقليص حصة المصانع من مسحوق الحليب الذي يمنحه الديوان الجزائري للمنتجين وفق كميات محددة سابقاً، وبأسعار مدعّمة من خزينة الدولة، في وقت استوردت فيه البلاد السنة الماضية ما قيمته 1.46 مليار دولار من مسحوق الحليب.