أثار إعلان السعودية إرسال سفينة مشتركة مع الإمارات تحمل 50 ألف طن أسمدة ومعدات زراعية إلى السودان، الكثير من المخاوف المرتبطة باستقلالية القرار السياسي في الخرطوم، وكذا التأثير على السياسات الاقتصادية المقبلة.
وتحفظ خبراء اقتصاديون ومسؤولون في القطاع الزراعي، في أحاديث مع "العربي الجديد"، على المنحة لجهة خدمتها لأجندات سياسية ومصالح خاصة تعود للجهة المانحة.
وسبق أن التزمت السعودية والإمارات رسميا بتقديم حزمة مشتركة من المساعدات للسودان، بقيمة ثلاثة مليارات دولار، منها 500 مليون دولار مقدمة كوديعة للبنك المركزي السوداني.
وقال وزير الزراعة الاتحادي المكلف أبوبكر عثمان لـ "العربي الجديد"، إن شحنة السماد منحة للشعب السوداني لرفع الإنتاج الزراعي وتحسين المحاصيل المختلفة. وكشف عن حصول مشاورات رسمية داخلية حول كيفية توزيعها على المزارعين والمشاريع، وفق الحاجة.
وشرح رئيس جمعية المنتجين في "أبي جبيهة"، غريق كمبال، في حديث مع "العربي الجديد" أن هذه الخطوة تسهم في حل جزء قليل جداً من مشاكل الزراعة في السودان التي تواجه أزمات متعددة في التمويل والري وارتفاع تكلفة مدخلات الإنتاج وضعف التسويق. ولفت إلى وجود نقص في التقاوى الزراعية واضطرار المزارعين لشرائها من الأسواق بأسعار مرتفعة.
ولم يستبعد كمبال أن تكون وراء المنحة السعودية الإماراتية أجندة سياسية، إذ "لا توجد منحة تأتي للبلاد من أجل سواد العيون"، داعياً القائمين على إدارة شؤون السودان خاصة المجلس العسكري إلى عدم الانجراف وراء التيارات الخارجية وأن يراعي المصلحة الوطنية أولاً، وعدم التأثر بمغريات المنح المشروطة.
من جهته، أشار الخبير الأكاديمي البروفيسور إبراهيم أونور لـ"العربي الجديد"، إلى أن المنحة تدعم القطاع الزراعي في السودان، ولكنها تدعم بقوة كذلك من المنطلق السياسي موقف المجلس العسكري الانتقالي الذي تربطه بالدولتين السعودية والإماراتية مصالح مشتركة.
واعتبر أونور أن هذه المساعدات تساعد المجلس على تلافي أي انهيار محتمل في الموسم الزراعي، مشيراً إلى أن المجلس هو من سيتسلم هذه المنحة من الدولتين بحكم العلاقة المذكورة.
وبرر أونور مسارعة السعودية والإمارات إلى تقديم المنحة قبل تشكيل الحكومة المدنية لاستلامها رسمياً، بأن للدولتين وجوداً داخل المجلس العسكري، وكذا قوى الحرية والتغيير كذلك، وهما الشريكان المرتقبان في الحكومة المدنية المقبلة.
وقال المديرالعام للبنك الزراعي السوداني صلاح الدين حسن لـ "العربي الجديد"، إن الشحنة الأولى من سماد اليوريا والبالغة 25 ألف طن ستصل من ميناء الجبيل بالمملكة العربية السعودية إلى السودان في 23 يوليو/تموز، وتوقع وصول الدفعة الثانية من الشحنة البالغة 25 ألف طن في 10 أغسطس/ آب المقبل، معلناً عن توزيعها عبر فروع البنك الزراعي بالتنسيق مع وزارة المالية في مواقع الإنتاج.
ولفت حسن إلى أن المجلس العسكري سلم قائمة للسعودية باحتياجات البلاد من الأسمدة الزراعية تضمنت 350 ألف طن من سماد اليوريا و150 ألف طن من الداب، وتوقع إرسالها للسودان وفق جدولة متفق عليها بين وزارة المالية السودانية واللجنة الاقتصادية في المجلس العسكري الانتقالي والحكومة السعودية.
من جهته، أشار القيادي الزراعي في مشروع الجزيرة والمناقل جمال دفع الله، في حديثه لـ "العربي الجديد"، إلى التزام المجلس العسكري الانتقالي عبر نائبه محمد حمدان دقلو لمزارعي الجزيرة والمناقل بتوفير 500 ألف جوال من شحنة السماد القادمة، لتغطية كافة احتياجات المشروع. ولفت إلى استخدام هذه الكميات لزراعة 500 ألف فدان من القمح وإنتاج مليوني مليون طن لتحقيق الاكتفاء الذاتي منه في الموسم الشتوي الذي تبدأ زراعته في الأول من أكتوبر /تشرين الأول.
وتابع دفع الله أن السماد سيوزع كذلك على المشاريع الزراعية بولايتي النيل الأبيض والشمالية. ولفت إلى تراجع أسعار السماد بالأسواق، مع إعلان قرب وصول الشحنة السعودية من 1700 إلى 1500 جنيه للجوال وتوقع استمرار تراجعها إلى ألف جنيه مع وصولها إلى مناطق الإنتاج.