خفّض مصرف الاحتياط الفدرالي، "البنك المركزي الأميركي"، سعر الفائدة بنسبة ربع نقطة، يوم الأربعاء الماضي، ضمن خطوة لمنع الاقتصاد الأميركي من الوقوع في هوة الركود الاقتصادي، عبر تدفق التمويلات الرخيصة على الشركات وأسواق المال والمستهلكين. وكذلك خفض سعر صرف الدولار لمساعدة الصادرات الأميركية على النمو، وخفض عجز الميزان التجاري الأميركي.
لكن قرار خفض الفائدة بهذه النسبة الضئيلة لم يكن مرضياً للرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي يصبّ جل اهتمامه حالياً على إنجاح حملة الانتخابات الرئاسية الثانية التي ستبدأ في أكتوبر/تشرين الأول المقبل، ويراهن في كسبها على النجاحات الاقتصادية والمالية التي حققها للولايات المتحدة.
وبالتالي كان الرئيس ترامب يرغب في خفض أكبر للفائدة يصل إلى نسبة 0.5%، والذهاب إلى أبعد من ذلك بتعهّد المركزي الأميركي بشراء السندات المالية التي أصدرتها بعض الشركات عبر برنامج جديد يعرف بـ"التيسير المالي العريض".
ويأمل ترامب، عبر هذه السياسات النقدية الميسرة أو ما يعرف بطباعة النقود بدون غطاء وضخها في الاقتصاد، أن يتمكن من خفض سعر صرف الدولار وزيادة تنافسية الصادرات الأميركية وإنعاش الاقتراض الاستهلاكي بالنسبة للمواطن الأميركي العادي، وبالتالي تعزيز القدرة الاستهلاكية، وكذلك مساعدة الشركات والبنوك على الاقتراض بسعر فائدة رخيص لشراء المزيد من الأسهم، وتلقائياً انتعاش سوق وول ستريت.
اقــرأ أيضاً
لكن هذا لم يحدث؛ وما حدث كان عكس ما رغب فيه الرئيس ترامب، ما هو السر وراء ذلك؟ ولماذا هبطت سوق وول ستريت وصعد الدولار وكيف ستستجيب الأسواق؟
على صعيد سندات الخزانة الأميركية، تتوقع نشرة "ماركتس ووتش"، أن تحتفظ السندات الأميركية بجاذبيتها الدولية، رغم زيادة العجز في الميزانية الأميركية، والمقدر بأن يفوق تريليون دولار في العام الجاري، وارتفاع الدين السيادي فوق 22 تريليون دولار. ويذكر أن جاذبية السندات السيادية عادة ما تعتمد على هذين العاملين، إضافة إلى معدل النمو الاقتصادي.
وبالتالي، ترى نشرة "ماركتس ووتش"، أن جاذبية سندات الخزانة الأميركية التي تحظى بها السندات حاليا تعود إلى المخاطر التي تكتنف الاستثمار في السندات السيادية للدول الأخرى والريع السلبي للسندات في العديد من دول العالم ولا يعود إلى خفض الفائدة.
وتقول النشرة في هذا الصدد، إن هناك حوالى 13 تريليون دولار من السندات الدولية ذات الريع السالب، أي أن العائد عليها أقل من الصفر، كما أن المخاطر الجيوسياسية واحتمالات الركود في منطقة اليورو تحاصر المستثمر العالمي وتجبره على البحث عن الأمان والربح، رغم ضآلته، في سندات الخزانة الأميركية.
على صعيد الدولار، يرى مصرف "بانك أوف أميركا ـ ميريل لينش" أن قوة الدولار مقابل العملات الرئيسية تعود إلى أن المستثمرين يرون أن البيانات الاقتصادية في أميركا قوية مقارنة بالبيانات في منطقة اليورو أو اليابان أو بريطانيا التي تعاني من أزمة بريكست وتعقيداتها.
وبالتالي، فإن قرار خفض الفائدة، يوم الأربعاء، بربع نقطة، لا يعني أن الاقتصاد الأميركي يواجه مخاطر الركود، بقدر ما هو بمثابة تأمين ضد الركود. وإن الاقتصاد الأميركي تنخفض فيه نسبة التضخم والبطالة وينمو بمعدل جيد مقارنة بالنمو العالمي.
وبالتالي، فإن المركزي الأميركي ليس مضطراً إلى اتباع سياسة نقدية ميسرة لولا ضغوط الرئيس ترامب، وذلك مقارنة بالبنك المركزي الأوروبي، حيث تتأرجح اقتصاديات اليورو على حافة الركود، أو البنك المركزي الياباني الذي استنفد تقريباً معظم سياسات التيسير الكمي، وأصبح من كبار المتملكين لأسهم الشركات في السوق اليابانية.
من هذا المنطلق، يرى المصرف الاستثماري الأميركي، أن الارتفاع الكبير في سعر صرف الدولار في أعقاب خفض الفائدة الأميركية أمام كل من الين الياباني واليورو والجنيه الإسترليني، كان طبيعياً، ولكنه لا يعكس القوة الفعلية للدولار بقدر ما يعكس ضعف عملات الاقتصادات المنافسة. وعادة ما يقود خفض الفائدة إلى تراجع سعر صرف العملة. ولكن بالنسبة للدولار كان توجهه مخالفاً لهذه القاعدة يوم الخميس وكذلك يوم الجمعة.
ويعتقد مصرف "ميريل لينش" أن قوة الدولار في أسواق الصرف ستتواصل خلال العام الجاري، بسبب ضعف العملات المنافسة وتسابق البنوك المركزية العالمية على التيسير وضخ المزيد من الأموال المطبوعة في أسواق المال والقطاع الاستهلاكي.
على صعيد أسواق المال، يلاحظ أن مؤشرات سوق "وول ستريت" سجلت أكبر معدل من التراجع، يومي الخميس والجمعة، اللذين تليا خفض الفائدة بنسبة ربع نقطة، وهو توجه يخالف المنطق الاقتصادي، حيث عادة ما تساهم الأموال الرخيصة التي يحصل عليها المستثمرون بمعدل فائدة منخفض من القروض في إنعاش سوق المال، ولكن ما حدث كان العكس. فما هو السبب؟
يرى المحلل المالي بوكالة بلومبيرغ، مارك غونالوف، أن السبب يعود إلى أن المستثمر في سوق وول ستريت بات يتخوف من تداعيات الحرب التجارية بين أميركا والصين على توجهات الأسهم أكثر من تخوفه من ارتفاع نسبة الفائدة. كما يرى محللون آخرون أن كبار المستثمرين باتوا يتخوفون من تغريدات ترامب اليومية التي عادت ما تؤثر في السوق صعوداً وهبوطاً، وتكون في الكثير من الأحيان غير مبررة اقتصادياً.
وهناك توجه عام لدى المستثمرين أن سوق "وول ستريت" التي تبلغ قيمتها السوقية حالياً أكثر من 27 تريليون دولار، ارتفعت إلى الذروة، وأن أي ارتفاع جديد سيكون مصطنعاً وليس حقيقياً. وربما يقود إلى انفجار فقاعة الأسهم الأميركية وتكبد خسائر ضخمة شبيهة بالخسائر التي تكبدوها في أزمة المال العالمية.
على صعيد الاقتصادات الناشئة، فإن الفائدة المنخفضة عالمياً، خاصة في أميركا وأوروبا واليابان، ستتيح للدول الناشئة الحصول على تدفق العملات الصعبة، وذلك ببساطة لأن البنوك التجارية في الدول الغنية تحصل على تمويلات رخيصة من البنوك المركزية في بلدانها وإقراضها بأسعار فائدة مرتفعة ولآجال قصيرة المدى للدول الناشئة وشركاتها.
وبهذه الطريقة تتمكن هذه البنوك من تحقيق أرباح ضخمة وفي وقت قصير. وهي دورة قد تسبب انتعاشاً في الاقتصادات الناشئة على المدى القصير، ولكنها تمثل "شراكة مالية"، قد تقود إلى تراكم المديونية الأجنبية وإفلاس هذه الدول على المديَين المتوسط أو الطويل، كما حدث في الأرجنتين خلال العام الجاري وفي اقتصادات النمور الآسيوية في التسعينيات.
ولهذا السبب عمدت تركيا إلى خفض سعر الفائدة على الليرة وربما ستواصل الخفض خلال العام الجاري، لأن الحصول على التمويل الأجنبي بات شبه مضمون، ما دامت البنوك المركزية تخفض سعر الفائدة.
ويلاحظ أن مصيدة الديون قد نصبت للعديد من الدول العربية التي تتورط في الحروب الإقليمية أو تلك التي مطلوب منها تقديم تنازلات رئيسية في قضايا محورية مثل مصر والسعودية ولبنان وربما إمارة دبي والدول الأفريقية؛ حيث إن الدول الغنية تمول اقتصاداتها بالعملات المحلية مثل الدولار في أميركا واليورو في أوروبا والإسترليني في بريطانيا، بينما تضطر الدول العربية والأفريقية إلى بيع مواردها من السلع الأولية مثل البترول والمعادن لتغطية ديون العملات الصعبة.
وينخفض سعر الفائدة على القروض حالياً في كل من الاتحاد الأوروبي، سويسرا، اليابان، السويد، الدنمارك إلى الصفر، وتتسع تلك القائمة يوميا لتضم دولاً جديدة. ويعني هذا أولاً، أن بإمكان الدول أن تستدين بالمجان، لتسدد التزاماتها المحلية، طالما لم ينهر ذلك الهرم الائتماني.
ويعني ذلك ثانياً، أن الشركات الخاسرة، والتي كانت في أي ظروف طبيعية أخرى ستفلس قطعاً، ستظل تطفو بسبب إمكانية حصولها على قروض منخفضة الفائدة للغاية، وهو ما يسمح لها بالاستمرار في الإنتاج، حتى مع الخسارة، مؤجلة بذلك شبح الإفلاس.
وبالتالي كان الرئيس ترامب يرغب في خفض أكبر للفائدة يصل إلى نسبة 0.5%، والذهاب إلى أبعد من ذلك بتعهّد المركزي الأميركي بشراء السندات المالية التي أصدرتها بعض الشركات عبر برنامج جديد يعرف بـ"التيسير المالي العريض".
ويأمل ترامب، عبر هذه السياسات النقدية الميسرة أو ما يعرف بطباعة النقود بدون غطاء وضخها في الاقتصاد، أن يتمكن من خفض سعر صرف الدولار وزيادة تنافسية الصادرات الأميركية وإنعاش الاقتراض الاستهلاكي بالنسبة للمواطن الأميركي العادي، وبالتالي تعزيز القدرة الاستهلاكية، وكذلك مساعدة الشركات والبنوك على الاقتراض بسعر فائدة رخيص لشراء المزيد من الأسهم، وتلقائياً انتعاش سوق وول ستريت.
على صعيد سندات الخزانة الأميركية، تتوقع نشرة "ماركتس ووتش"، أن تحتفظ السندات الأميركية بجاذبيتها الدولية، رغم زيادة العجز في الميزانية الأميركية، والمقدر بأن يفوق تريليون دولار في العام الجاري، وارتفاع الدين السيادي فوق 22 تريليون دولار. ويذكر أن جاذبية السندات السيادية عادة ما تعتمد على هذين العاملين، إضافة إلى معدل النمو الاقتصادي.
وبالتالي، ترى نشرة "ماركتس ووتش"، أن جاذبية سندات الخزانة الأميركية التي تحظى بها السندات حاليا تعود إلى المخاطر التي تكتنف الاستثمار في السندات السيادية للدول الأخرى والريع السلبي للسندات في العديد من دول العالم ولا يعود إلى خفض الفائدة.
وتقول النشرة في هذا الصدد، إن هناك حوالى 13 تريليون دولار من السندات الدولية ذات الريع السالب، أي أن العائد عليها أقل من الصفر، كما أن المخاطر الجيوسياسية واحتمالات الركود في منطقة اليورو تحاصر المستثمر العالمي وتجبره على البحث عن الأمان والربح، رغم ضآلته، في سندات الخزانة الأميركية.
على صعيد الدولار، يرى مصرف "بانك أوف أميركا ـ ميريل لينش" أن قوة الدولار مقابل العملات الرئيسية تعود إلى أن المستثمرين يرون أن البيانات الاقتصادية في أميركا قوية مقارنة بالبيانات في منطقة اليورو أو اليابان أو بريطانيا التي تعاني من أزمة بريكست وتعقيداتها.
وبالتالي، فإن قرار خفض الفائدة، يوم الأربعاء، بربع نقطة، لا يعني أن الاقتصاد الأميركي يواجه مخاطر الركود، بقدر ما هو بمثابة تأمين ضد الركود. وإن الاقتصاد الأميركي تنخفض فيه نسبة التضخم والبطالة وينمو بمعدل جيد مقارنة بالنمو العالمي.
وبالتالي، فإن المركزي الأميركي ليس مضطراً إلى اتباع سياسة نقدية ميسرة لولا ضغوط الرئيس ترامب، وذلك مقارنة بالبنك المركزي الأوروبي، حيث تتأرجح اقتصاديات اليورو على حافة الركود، أو البنك المركزي الياباني الذي استنفد تقريباً معظم سياسات التيسير الكمي، وأصبح من كبار المتملكين لأسهم الشركات في السوق اليابانية.
من هذا المنطلق، يرى المصرف الاستثماري الأميركي، أن الارتفاع الكبير في سعر صرف الدولار في أعقاب خفض الفائدة الأميركية أمام كل من الين الياباني واليورو والجنيه الإسترليني، كان طبيعياً، ولكنه لا يعكس القوة الفعلية للدولار بقدر ما يعكس ضعف عملات الاقتصادات المنافسة. وعادة ما يقود خفض الفائدة إلى تراجع سعر صرف العملة. ولكن بالنسبة للدولار كان توجهه مخالفاً لهذه القاعدة يوم الخميس وكذلك يوم الجمعة.
ويعتقد مصرف "ميريل لينش" أن قوة الدولار في أسواق الصرف ستتواصل خلال العام الجاري، بسبب ضعف العملات المنافسة وتسابق البنوك المركزية العالمية على التيسير وضخ المزيد من الأموال المطبوعة في أسواق المال والقطاع الاستهلاكي.
على صعيد أسواق المال، يلاحظ أن مؤشرات سوق "وول ستريت" سجلت أكبر معدل من التراجع، يومي الخميس والجمعة، اللذين تليا خفض الفائدة بنسبة ربع نقطة، وهو توجه يخالف المنطق الاقتصادي، حيث عادة ما تساهم الأموال الرخيصة التي يحصل عليها المستثمرون بمعدل فائدة منخفض من القروض في إنعاش سوق المال، ولكن ما حدث كان العكس. فما هو السبب؟
يرى المحلل المالي بوكالة بلومبيرغ، مارك غونالوف، أن السبب يعود إلى أن المستثمر في سوق وول ستريت بات يتخوف من تداعيات الحرب التجارية بين أميركا والصين على توجهات الأسهم أكثر من تخوفه من ارتفاع نسبة الفائدة. كما يرى محللون آخرون أن كبار المستثمرين باتوا يتخوفون من تغريدات ترامب اليومية التي عادت ما تؤثر في السوق صعوداً وهبوطاً، وتكون في الكثير من الأحيان غير مبررة اقتصادياً.
وهناك توجه عام لدى المستثمرين أن سوق "وول ستريت" التي تبلغ قيمتها السوقية حالياً أكثر من 27 تريليون دولار، ارتفعت إلى الذروة، وأن أي ارتفاع جديد سيكون مصطنعاً وليس حقيقياً. وربما يقود إلى انفجار فقاعة الأسهم الأميركية وتكبد خسائر ضخمة شبيهة بالخسائر التي تكبدوها في أزمة المال العالمية.
على صعيد الاقتصادات الناشئة، فإن الفائدة المنخفضة عالمياً، خاصة في أميركا وأوروبا واليابان، ستتيح للدول الناشئة الحصول على تدفق العملات الصعبة، وذلك ببساطة لأن البنوك التجارية في الدول الغنية تحصل على تمويلات رخيصة من البنوك المركزية في بلدانها وإقراضها بأسعار فائدة مرتفعة ولآجال قصيرة المدى للدول الناشئة وشركاتها.
وبهذه الطريقة تتمكن هذه البنوك من تحقيق أرباح ضخمة وفي وقت قصير. وهي دورة قد تسبب انتعاشاً في الاقتصادات الناشئة على المدى القصير، ولكنها تمثل "شراكة مالية"، قد تقود إلى تراكم المديونية الأجنبية وإفلاس هذه الدول على المديَين المتوسط أو الطويل، كما حدث في الأرجنتين خلال العام الجاري وفي اقتصادات النمور الآسيوية في التسعينيات.
ولهذا السبب عمدت تركيا إلى خفض سعر الفائدة على الليرة وربما ستواصل الخفض خلال العام الجاري، لأن الحصول على التمويل الأجنبي بات شبه مضمون، ما دامت البنوك المركزية تخفض سعر الفائدة.
ويلاحظ أن مصيدة الديون قد نصبت للعديد من الدول العربية التي تتورط في الحروب الإقليمية أو تلك التي مطلوب منها تقديم تنازلات رئيسية في قضايا محورية مثل مصر والسعودية ولبنان وربما إمارة دبي والدول الأفريقية؛ حيث إن الدول الغنية تمول اقتصاداتها بالعملات المحلية مثل الدولار في أميركا واليورو في أوروبا والإسترليني في بريطانيا، بينما تضطر الدول العربية والأفريقية إلى بيع مواردها من السلع الأولية مثل البترول والمعادن لتغطية ديون العملات الصعبة.
وينخفض سعر الفائدة على القروض حالياً في كل من الاتحاد الأوروبي، سويسرا، اليابان، السويد، الدنمارك إلى الصفر، وتتسع تلك القائمة يوميا لتضم دولاً جديدة. ويعني هذا أولاً، أن بإمكان الدول أن تستدين بالمجان، لتسدد التزاماتها المحلية، طالما لم ينهر ذلك الهرم الائتماني.
ويعني ذلك ثانياً، أن الشركات الخاسرة، والتي كانت في أي ظروف طبيعية أخرى ستفلس قطعاً، ستظل تطفو بسبب إمكانية حصولها على قروض منخفضة الفائدة للغاية، وهو ما يسمح لها بالاستمرار في الإنتاج، حتى مع الخسارة، مؤجلة بذلك شبح الإفلاس.