في الوقت الذي تهاوت فيه أسعار النفط عالمياً، منذ بداية شهر مارس/اَذار الماضي، تجد أسواق وقود اليمن صعوبة كبيرة في الاستجابة لهذا الانخفاض، باستثناءات محدودة في بعض المناطق، ومنها حضرموت وشبوة، إذ استمرت أسعار الوقود في مستوياتها المرتفعة في الكثير من المناطق، خصوصاً الخاضعة لسيطرة الحوثيين.
ويعتمد اليمن على استيراد الوقود لتغطية احتياجات الأسواق المحلية من المشتقات النفطية، في ظل صراع شديد يجتاح البلاد على كل المستويات، ما فاقم الأوضاع المعيشية للمواطنين في البلاد.
وشهد اليمن، في السنوات الأخيرة، انخفاضا متواصلا في قيمة العملة الوطنية، وأزمات متلاحقة في الوقود، وارتفاعا مضاعفا في أسعاره وصل إلى 300% عما كانت عليه قبل الحرب في عام 2014، الأمر الذي ضاعف من معاناة اليمنيين ومختلف قطاعات الإنتاج الاقتصادية، إذ انعكس ذلك على ارتفاع أسعار السلع الغذائية والاستهلاكية.
وتهاوت أسعار النفط الخام عالمياً بشكل قياسي، حيث فقدت نحو 50% من قيمتها منذ بداية العام الجاري، وتراجع سعر خام برنت إلى أدنى مستوى منذ عقود، مع تنامي المخاوف بشأن تآكل الطلب بسبب تفشي وباء فيروس كورونا، وتهديد حرب الأسعار السعودية الروسية بإغراق الأسواق العالمية بإمدادات زائدة، قبل أن يرتفع قليلا خلال الأيام الأخيرة.
في السياق، أعلنت شركة النفط في حضرموت (شرق) مواكبة الانخفاض في أسعار النفط في الأسواق العالمية، وتنفيذ تسعيرة جديدة بدأ سريانها في معظم مناطق أكبر المحافظات اليمنية لمادتي الديزل والبترول.
ووفق بيان حديث للشركة اطلعت عليه "العربي الجديد"، فإن التسعيرة الجديدة تتضمن تخفيض البنزين إلى 220 ريالا للتر الواحد من 350 ريالا، و240 ريالا للتر الديزل من 300 ريال (الدولار = 250 ريالا رسميا ونحو 600 ريال في السوق السوداء).
وبينما تتجه السلطات المحلية في شبوة (جنوب شرق) لتنفيذ قرار مماثل، أربكت الأمطار الغزيرة التي هطلت على عدن (جنوب) الأسبوع الماضي، وما رافقها من سيول تضررت منها معظم مناطق العاصمة المؤقتة للحكومة اليمنية، حسب مصدر نفطي، إجراءات الجهات المختصة في تنفيذ التسعيرة الجديدة للوقود.
وأكد مصدر، رفض ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد"، أن هناك تخفيضا في أسعار الوقود سيتم خلال أيام وعلى مراحل، تماشياً مع الانخفاض المستمر لأسعار المشتقات النفطية عالمياً، ولتحقيق الاستفادة من هذا الانخفاض لمصلحة المواطنين.
وتعتزم السلطات الحكومية في عدن خفض سعر لتر البنزين الواحد إلى 322 ريالا بعد أن كانت قيمته 380 ريالا، بينما سيتم تخفيض سعر لتر الديزل الواحد إلى 353 بعد أن كان سعره 400 ريال.
وتعتمد السوق المحلية في عدن منذ عام 2016 على الاستيراد لأجل توفير المشتقات النفطية، بعد أن توقفت مصافي عدن عن تكرير النفط الخام، والذي توقف وصوله إليها من الحقول بالمحافظات النفطية، والتي هي الأخرى أصبحت تعتمد على الاستيراد، عدا كميات بسيطة يتم تكريرها بمصفاة صافر في مأرب (شرق).
وأبدى مواطنون وتجار ومزارعون في مناطق سيطرة الحوثيين، في أحاديث متفرقة مع "العربي الجديد"، استغرابهم من عدم انعكاس الأسعار الطارئة للنفط في الأسواق المحلية، التي تستمر معظمها في البيع بالسعر القديم، رغم استقبال بعضها شحنات نفطية مشتراة بالأسعار المخفضة الجديدة.
وقال المواطن صابر عبد الله، من سكان صنعاء (شمال)، إن الجهات المعنية لا تأبه لمعاناة الناس، ولم تخفض أسعار الوقود الذي أصبح بسعر الماء عالمياً، حسب وصفه.
وأضاف عبد الله لـ "العربي الجديد": ازدادت الأزمات بسبب ما يتم تنفيذه من إجراءات لمكافحة فيروس كورونا، والذي فاقم الأوضاع المعيشية للناس بشكل كبير.
وقال مواطن آخر "عند ارتفاع سعر النفط يكونون أول من يزيد تسعيرة البنزين والسولار، رغم وجود عشرات الناقلات مشتراة سابقاً بسعر منخفض، لكن يحدث العكس عند انخفاض الأسعار".
ويبدي مزارع من محافظة عمران (شمال)، ناصر الحارقي، استياءه من استمرار بيع الديزل بنفس السعر المرتفع منذ سنتين وما يوجهونه من أعباء كمزارعين بسبب سعره المرتفع الذي يتخطى إمكانياتهم المحدودة.
واستقبل ميناء الحديدة (غرب) مؤخراً عددا من الشحنات النفطية التجارية تقدر بنحو 100 ألف طن من مادة البنزين على دفعات، تقول شركة النفط اليمنية الخاضعة لسيطرة الحوثيين إنها كانت محتجزة منذ أشهر في عرض البحر، مثل السفينة (كورنيت) المحملة بنحو 30 ألف طن من مادة البنزين، والسفينة (سي تشالنجر) المحملة بكمية 11 ألف طن من مادة الديزل.
وحسب مصدر مسؤول في الشركة تحدث لـ "العربي الجديد"، فإن كميات المشتقات النفطية التي أُفرج عنها والسماح بمرورها إلى ميناء الحديدة وتفريغها وضخها للأسواق مشتراة بالأسعار القديمة للنفط.
وأضاف المصدر، الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن احتجاز السفن المحملة بالوقود أو الغذاء، لفترات طويلة في عرض البحر أو في الموانئ، يكبدها خسائر باهظة. ويترقب السكان تنفيذ قرار الشركة بتخفيض أسعار الوقود.